اخبار المغرب

الانتقال من منظومة الـمساطر إلى مقاربة حديثة لتدبير الشراء العمومي

صادق الـمجلس الحكومي الـمنعقد يوم 29 دجنبر 2022 على مشروع الـمرسوم رقم 2.22.431 الـمتعلق بالصفقات العمومية، الـمرسوم الذي جاء ليعوض الـمرسوم رقم 2.12.349، الذي عمر حوالي عشرة سنوات، هذا الـمشروع يندرج في إطار تفعيل توصيات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، لاسيما تلك الـمتعلقة بتكريس دور الطلبيات العمومية باعتبارها رافعة للتنمية الاقتصادية وخلق القيمة الـمضافة وتعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال.

ومن بين أهم مستجدات التي جاء بها هذا الـمشروع الـمرسوم نذكرها كالآتي:

أحكام عامة

يأخذ إبرام الصفقات العمومية بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذا احترام أهداف التنمية الـمستدامة والنجاعة الطاقية وتثمين الـمنظر الـمعماري وحماية التراث الوطني والـمآثر التاريخية. كما تأخذ بعين الاعتبار الـمتطلبات الـمتعلقة بتعزيز الابتكار والبحث والتنمية.

نظام موحد

اعتماد نظام موحد لإبرام الصفقات العمومية يطبق على مصالح الدولة وعلى الجماعات الترابية والهيئات التابعة لها، وكذا على الـمؤسسات والـمقاولات العمومية التي تمارس نشاطات ذات طابع تجاري. إذ يجب أن تكون هذه الـمنظومة مطابقة لـمقتضيات هذا الـمرسوم لا سيما الـمتعلقة منها بالـمبادئ الأساسية وبقواعد الاشهار والـمنافسة وتلك الـمطبقة على أعمال الهندسة الـمعمارية ونزع الصفة الـمادية والحكامة والشكايات والطعون.

أنواع جديدة لإبرام الصفقات العمومية

تمت إضافة طريقتين جديدتين لإبرام الصفقات العمومية، الأولى متعلقة بالحوار التنافسي هذا الأخير عبارة عن الـمسطرة التي يقوم بموجبها صاحب الـمشروع، بإجراء حوار مع الـمرشحين الـمقبولين للمشاركة فيه من أجل تحديد وتطوير حلول من شأنها تلبية حاجاته.

ويتعلق بمشاريع ذات طابع معقد أو مشاريع مبتكرة التي لا يستطيع صاحب الـمشروع، بواسطة وسائله الخاصة، تحديد الشروط التقنية لإنجازها، والترتيب القانوني والـمالي الـمتعلق بها.

والطريقة الثانية لإبرام الصفقات العمومية تتعلق بالعرض التلقائي بحيث يمكن لكل مقاول أو مورد أو خدماتي أن يقترح على صاحب الـمشروع بمبادرة منه، أي مشروع أو فكرة أو عملية تقدم وظائف جديدة أو خدمات جديدة أو ابتكارات تقنية تستجيب لحاجة محتملة لم يتم تحديدها مسبقا من طرف صاحب الـمشروع أو لم يتم تقديم جواب بخصوصها في طلب منافسة.

تشجيع الـمقاولات الـمتوسطة والصغرى والتعاونيات والـمقاولين الذاتين

من الإجراءات التي ستعزز وتشجع ولوج الـمقاولات الـمتوسطة والصغرى، إلزام الـمقاولة الأجنبية نائلة صفقة الأشغال على التعاقد من الباطن مع الـمقاولة الوطنية، بما فيها التعاونيات و الـمقاولين الذاتيين، بنسبة لا تقل عن عشرين في الـمائة من مبلغ الصفقة.

مع وضع آلية من أجل ضمان أداء مستحقات الـمقاولات الـمتعاقدة من الباطن من خلال التنصيص في دفتر الشروط الخاصة على إلزام صاحب الصفقة بالإدلاء بالوثائق الـمثبتة لأداء هذه الـمستحقات قبل تسديد مبالغ الكشوفات من طرف صاحب الـمشروع .

وإجراء آخر من شأنه أن يعزز ولوج هذه الـمقاولات إلى الصفقات العمومية، تحديد قيمة الضمان الـمؤقت في نسبة أقصى تقدر ب %2 من الـمبلغ التقديري للصفقة.

تعزيز الأفضلية الوطنية

إدراج طلب العروض الوطني كمسطرة جديدة لإبرام الصفقات العمومية مخصص حصريا للمقاولات الوطنية وفقا لسقف يحدد حسب نوع الأعمال. بالنسبة لصفقات الأشغال تم تحديد سقف 10 ملايين درهم. ومليون درهم بالنسبة لصفقات التوريدات والخدمات.

مع الانتقال من اعتماد سقف أقصى لتطبيق الأفضلية الوطنية إلى نسبة مئوية ثابتة محددة في خمسة عسر في الـمائة.

تبسيط الـمساطر

من خلال إتاحة إمكانية لجوء صاحب الـمشروع لإنجاز أشغال أو خدمات أو لاقتناء توريدات عن طريق قوائم إلكترونية، اعتبارا لـما توفره هذه الآلية من قيمة مضافة من حيث تسريع وتبسيط مسلسل الشراءات العمومية وتقليص لتكلفتها.

وكذلك من خلال رفع سندات الطلب من 200 ألف إلى 500 ألف درهم دون إمكانية الرفع من هذا السقف، مع تمديد إمكانية تعيين أشخاص مؤهلين للمصالح الـمكلفة بالأمن العام، مما يسمح كذلك بالأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات الـمؤسسات العمومية.

وأهم مظاهر تبسيط الـمساطر التنصيص على إبرام صفقات حراسة ونظافة الـمباني الإدارية عن طريق طلب العروض بزيادة لتفادي مختلف الـمشاكل التي يثيرها هذا النوع من الصفقات.

تحسين مساطر تقييم العروض الـمالية

باعتماد طريقة جديدة لتقييم العروض الـمالية استنادا إلى الـمتوسط الحسابي لـمجموع العروض الـمالية للمتنافسين من جهة، والـمبلغ التقديري الذي وضعه صاحب الـمشروع من جهة أخرى. مع إعمال قاعدة الإقصاء الـمنهجي للعروض الـمنخفضة بكيفية غير عادية اعتمادا على الـمتوسط الحسابي لـمجموع العروض الـمالية والـمبلغ التقديري لصاحب الـمشروع.

تحسين إطار إبرام العقود الـمتعلقة بأعمال الهندسة الـمعمارية

باعتماد الاستشارة الـمعمارية الـمفتوحة الـمبسطة بالنسبة للمشاريع التي تقل الـميزانية الإجمالية الـمتوقعة للأشغال الـمرتبطة بها أو تساوي خمسة ملايين درهم دون احتساب الرسوم مع تخصيصها للمهندسين الـمعماريين الـمبتدئين (أقل من خمس سنوات من الـمزاولة). مع رفع سقف الـميزانية الإجمالية التوقعية للأشغال الـموجبة للاستشارة الـمعمارية الـمفتوحة من 20 إلى 40 مليون درهم.

وتبني الاستشارة الـمعمارية الـمحدودة كطريقة جديدة لإبرام عقود الاستشارة الـمعمارية الـمتعلقة بالـمشاريع التي تقل ميزانيتها الإجمالية التوقعية للأشغال عن 15 مليون درهم.

ومن الإجراءات الـمهمة التي تروم تحسين إطار إبرام هذه العقود، التنصيص على عدم مطالبة الـمهندس الـمعماري بالإدلاء ببعض وثائق الـملف الإداري: الشهادة الجبائية، شهادة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلا عندما يكون مزمعا إسناد الصفقة إليه.

تعزيز الحكامة والشفافية

من الإجراءات التي ستعزز الحكامة والشفافية:

التنصيص على إحداث مرصد للطلبيات العمومية بما فيها الصفقات العمومية

عقلنة اللجوء إلى إلغاء طلبات العروض من خلال توضيح أمثل للحالات التي يمكن لأصحاب الـمشاريع اللجوء فيها إلى الإلغاء

إدراج إلزامية التصريح بالـمصلحة بالنسبة لأعضاء لجنة طلب العروض مما سيمكن من تعزيز الآليات الـمخصصة لتفادي حالات تضارب الـمصالح

منع الخدماتيين الذين ساهموا في تهييئ ملف الاستشارة الـمتعلق بالصفقات من الـمشاركة في طلبات العروض الـمرتبطة بهذه الاستشارة

تقليص الآجال القصوى فيما يخص مسطرة إبرام الصفقات العمومية، وذلك بتقليص أجل صلاحية عروض الـمتنافسين من 75 يوما إلى 60 يوما، مع إمكانية تمديد هذا الأجل ل 30 يوما إضافيا.

* أسامة ججة: باحث في مجال الصفقات العمومية

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *