الاستمتاع بملامسة الطين يجذب السياح إلى قرية صانعات الفخار في إقليم تاونات
تعد صناعة الفخار بدوار عين بوشريك بجماعة الورتزاغ، إقليم تاونات، من أعرق الحرف اليدوية التي تشتهر بها نساء هذه القرية، اللواتي توارثنها جيلا بعد جيل.
وتتطلع النساء الحرفيات إلى استثمار هذا الموروث الثقافي لجذب السياح الأجانب إلى منطقتهن من خلال إغرائهم بالاستمتاع بخوض تجربة صناعة الفخار بأنفسهم عبر الانخراط في ورشاتهن، حيث يتقاسمن معهم مهارات صناعة الفخار في مختلف مراحل الإنتاج.
سفر عبر الزمن
في حديثه لهسبريس، قال هشام الحليمي، أحد أبناء المنطقة مجاز في اللغة الإنجليزية اختار الاشتغال في القطاع السياحي بإقليم تاونات، إن حرفة الفخار بدوار عين بوشريك، المتواجد بمقدمة جبال الريف، تعد أحد أنماط صناعة الفخار الأكثر أصالة في جبال الريف.
وأبرز الحليمي أن زيارة السائح إلى المنطقة تتيح له السفر، في رحلة مثيرة عبر الزمن، لاكتشاف واحدة من أقدم طرق صناعة الفخار، التي قال عنها إنها تعود إلى عصر ما قبل دخول الإسلام إلى المغرب، موردا أن هذه الصناعة ظهرت خلال مرحلة تواجد الرومان في شمال البلاد.
وأضاف أن هذه التجربة تعطي الفرصة للسائح لتعلم جميع مراحل صناعة الفخار بالطريقة اليدوية، بدءا بجمع الصلصال وتحضيره، مرورا بعجنه وتشكيله وتلميعه والرسم عليه، وصولا إلى مرحلة حرقه باستعمال النار ليتخذ صبغته الصلبة.
وأوضح الحليمي أن زيارة السائح إلى قرية النساء صانعات الفخار بجماعة الورتزاغ بتاونات واستمتاعه برحلة صناعة الفخار التقليدي، “تبدأ بمشاركته في القيام بالتنقل إلى سفح الجبل القريب من القرية لجمع الحصى والطين المخصص لصناعة الفخار، ونقلهما على ظهر الحمير إلى الورشة، وذلك قبل البدء في عملية التصنيع”.
وتابع بأن مرحلة التصنيع الحرفي للفخار “تتيح للسائح تعلم تحويل الطين وتشكيله إلى أوان حقيقية باستخدام التقنيات اليدوية وبعض الأدوات البسيطة”، مبرزا أن المستفيد من هذه الورشة ينتقل، بعد ذلك، إلى مرحلة صقل وتلميع المصنوعات الفخارية، وهي “مهارة تتطلب التعامل مع الأواني الطينية بلطف؛ لكونها تكون ما زالت حديثة التكوين”.
متعة الرسم
بعد تجفيف الأواني المشكلة بوضعها تحت أشعة الشمس، يورد الحليمي، “يستمتع السائح كثيرا بالرسم على الفخاريات التي شكلتها أنامله بمساعدة المْعّلْمة”، مبرزا أنه يمكن له أن يبدع في إعطاء لمسته الفنية بتزين الأواني الفخارية بأسلوبه الخاص في الرسم، وذلك قبل وضعها بعناية على الأرض وتغطيتها بالقش وروث البقر المجفف قبل إشعال النار فيها، لتظل الأواني وسطها طوال الليل.
وقال المتحدث لهسبريس: “في المرحلة الأخيرة لصناعة فخار نساء الريف، يتم إخراج القطع الفخارية بعد أن تكون قد تعرضت بعناية للحرق بالنار”، مشددا على أن “إتاحة الفرصة للسائح لملامسة الطين وإشراكه في جميع مراحل صناعة الفخار بالطريقة اليدوية الأصيلة، تغمره بالسعادة وهو يصنع تحفا فنية بأنامل يديه”.
ولفت الفاعل في قطاع السياحة القروية بإقليم تاونات إلى أن هذا النمط من السياحة، المتمثل في فسح المجال للسياح في الانخراط في ورشات صناعة الفخار بالطريقة اليدوية، يلقى تفاعلا ملحوظا من طرف السياح الأجانب.
ويعوّل الحليمي على أن يساهم الانتقال من نمط تسويق الفخاريات الجاهزة للسياح إلى دعوتهم لعيش تجربة صناعتها بأنفسهم في إنعاش السياحة القروية بمنطقته، فضلا عن تشجيع نساء قرية عين بوشريك على العودة لمزاولة صناعة الفخار التي قال إنها كانت مهددة بالاندثار.
المصدر: هسبريس