في خطوة استراتيجية تهدف إلى تفعيل الجانب الاقتصادي من اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، منحت وكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA) الضوء الأخضر لمؤسسة تمويل التنمية الأمريكية (DFC) للشروع في تمويل مشاريع تنموية في الصحراء المغربية، وفق ما أوردته صحيفة “أفريكا إنتلجنس”.
وقد شرعت المؤسسة الأمريكية بالفعل في إجراء مشاورات مكثفة مع عدد من البنوك والشركات المغربية بهدف تحديد المشاريع ذات الأولوية ودراسة جدوى الاستثمار فيها. وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة طموحة لتعبئة تمويلات مبرمجة تصل قيمتها إلى نحو 5 مليارات دولار.
ويأتي هذا التحرك في سياق تأكيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، على استمرارية اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل عادل ودائم للنزاع.
وأشار ترامب في تهنئته إلى الأهمية الكبيرة التي توليها الولايات المتحدة لشراكتها القوية والدائمة مع المغرب، مؤكدا على العمل المشترك للمضي قدما في الأولويات المشتركة للسلام والأمن في المنطقة، لا سيما من خلال اتفاقات أبراهام، ومكافحة الإرهاب، وتوسيع نطاق التعاون التجاري.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري أن الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء، سيترجم إلى دفعة استثمارية جديدة في الأقاليم الجنوبية، مما يعزز دور المملكة كبوابة رئيسية للمستثمرين الأمريكيين نحو القارة الإفريقية، وهو ما سيسهل عبورهم نحو أسواق غرب إفريقيا على وجه الخصوص.
وأوضح جدري في تصريح أدلى به لجريدة “”، أن هذا التوجه يرتكز على المجهود التنموي الكبير الذي بذلته المملكة خلال الـ25 سنة الماضية، والذي بدأت نتائجه تظهر بوضوح من خلال مشاريع استراتيجية كبرى، مثل الطريق السريع تيزنيتالداخلة الذي يسهل عبور السلع والمسافرين من أوروبا إلى إفريقيا، وميناء الداخلة الأطلسي الذي سيشكل منفذا بحريا حيويا لدول الساحل مثل تشاد وبوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب يقدم فرصا نوعية في قطاع الطاقة، بفضل مشروع خط أنبوب الغاز الذي سيربط نيجيريا بأوروبا عبر المملكة، مما سيمنح المغرب سيادة طاقية، إضافة إلى ريادة المغرب في مجال الطاقات المتجددة من شمسية وريحية وهيدروجين أخضر، وهو ما يتوافق مع التوجه العالمي نحو خفض البصمة الكربونية.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للحفاظ على مصالحها وريادتها في إفريقيا، والمغرب بفضل جاذبيته الاستثمارية وتوفره على بنية تحتية متطورة ورأس مال بشري مؤهل، يمثل الشريك الأمثل الذي يسهل على الشركات الأمريكية الاستثمار وتوجيه صادراتها نحو الدول الإفريقية، مقارنة ببيئات أخرى في المنطقة لا تتوفر على نفس المقومات.
وخلص جدري إلى أن إعلان وكالات التنمية الأمريكية عزمها الاستثمار في الأقاليم الجنوبية يأتي في سياق تهافت دولي على المنطقة، يشمل مستثمرين من فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا والصين، مؤكدا أن هذا التعدد في الشركاء لا يمكن إلا أن يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني من خلال خلق الثروة والقيمة المضافة وتوفير مناصب الشغل.
المصدر: العمق المغربي