اخبار المغرب

الاحتياجات التمويلية تقفز إلى %47.. خبير يعدد أسباب الضغط المتزايد على خزينة الدولة

تشهد خزينة الدولة المغربية ضغوطاً متزايدة، حيث ارتفعت حاجياتها بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، حيث كشفت أحدث تقارير وزارة الاقتصاد والمالية عن عجز كبير في خزينة الدولة، ببلوغ الاحتياجات التمويلية 47.3 مليار درهم بنهاية يونيو الماضي، أي بزيادة نسبتها 46.9% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق التي سجلت عجزًا قدره 32.2 مليار درهم.

ولتمويل عجز الميزانية، أصدرت الخزينة سندات داخلية بقيمة إجمالية 139.7 مليار درهم، وقامت بسداد 92.3 مليار درهم منها خلال الفترة نفسها. وعلى الصعيد الخارجي، اقترضت الخزينة 21.3 مليار درهم وسددت 16.6 مليار درهم من ديونها السابقة، مما رفع إجمالي القروض الخارجية إلى 4.7 مليار درهم.

زيادة النفقات

إن فهم أسباب هذه الزيادة في حاجيات الخزينة العامة أمر بالغ الأهمية لتقييم الوضع المالي للدولة واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استدامة المالية العمومية، في هذا السياق، أوضح أمين سامي، المحلل الاقتصادي وخبير في التخطيط الإستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات، أن ارتفاع حاجيات خزينة الدولة يعكس زيادة ملحوظة في النفقات العامة، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار العمومي.

وأكد المتحدث أن هذه النفقات تشمل مشاريع هيكلية كبيرة مثل تلك المرتبطة بكأس العالم، والمشاريع المتعلقة بالمياه، بالإضافة إلى تطوير وتجهيز البنية التحتية، سواء كانت طرقية، سككية، أو رقمية.

واستدرك بالقول: رغم الزيادة التي تسببها هذه المشاريع في النفقات العامة، إلا أنها تعتبر استثمارات استراتيجية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل، من خلال تحفيز القطاعين العام والخاص.

تمويل إضافي

شدد خبير التخطيط الاستراتيجي، على أن نفقات الاستثمار العمومي شهدت زيادة بنسبة 10٪ حتى يونيو 2023، ما يؤشر على التزام الحكومة بتمويل مشاريع تنموية كبيرة، مما تطلب توفير تمويل إضافي، ومن بين هذه المشاريع، البنية التحتية التي تعتبر أساسًا لتحقيق التنمية المستدامة، والتي تتطلب في المقابل تمويلًا كبيرًا.

وأضاف المتحدث أن النفقات الأخرى مثل تكاليف خدمة الدين وتكاليف الأجور والخدمات العامة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، مما أضاف عبئًا إضافيًا على الميزانية العامة للدولة، وهو ما يتطلب توفير تمويل إضافي لتلبية الاحتياجات المالية المتزايدة.

وأشار المختص إلى أن الزيادة في الاستثمار العمومي بنسبة 10٪ تعد عاملاً مهمًا في زيادة حاجة الخزينة إلى التمويل، إلا أنها ليست السبب الوحيد، فهناك عوامل متعددة أخرى، مثل الزيادة في النفقات التشغيلية، وتكاليف خدمة الدين، والعجز المالي المتزايد، التي ساهمت مجتمعة في زيادة الاحتياجات التمويلية للدولة.

واعتبر أمين سامي، أن هذه الاستثمارات من المتوقع أن تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، كون أن الاسثمار في البنية التحتية، على سبيل المثال، يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي ويساهم في تحفيز القطاعات المختلفة، مما يضع الدولة على مسار تنموي مستدام.

تحريك عجلة الاقتصاد

في ظل الزيادة الملحوظة في حاجيات خزينة الدولة، التي باتت تشكل تحديًا كبيرًا أمام الاقتصاد الوطني، يرى المحلل الاقتصادي أن هناك مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساهم في زيادة الإيرادات، تقليص النفقات، وتحريك عجلة الاقتصاد بشكل مستدام.

وأشار إلى أن أولى الخطوات المهمة تكمن في تحسين إدارة الضرائب وتعزيز النظام الضريبي، مؤكدا ضرورة تشجيع الاستثمارات عبر جذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، وذلك من خلال تحسين بيئة الأعمال بشكل عام، مع التركيز بشكل خاص على تحسين مناخ الأعمال الترابي.

وحسب المتحدث فإن تعزيز الجاذبية الترابية يمكن تحقيقها عبر تحسين سهولة الوصول والتنقل، تثمين الموارد الطبيعية، وتسليط الضوء على القطاعات الواعدة والمستقبلية التي تزخر بها المناطق المختلفة.

وأضاف أن تسريع رقمنة الخدمات العمومية على المستوى الترابي يعد خطوة ضرورية لتحفيز مناخ الأعمال المحلي، مما يسهم في جذب مزيد من الاستثمارات وتحقيق تنمية مستدامة.

وأكد المتحدث أن تنويع الاقتصاد من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة ومبتكرة يعد من بين أهم العوامل التي يمكن أن تسهم في زيادة الإيرادات، علاوة على ذلك فإن القطاعات التكنولوجية، الطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري تشكل فرصًا واعدة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز مكانة الاقتصاد الوطني على الساحة العالمية.

تشجيع الابتكار

فيما يتعلق بالنفقات، يبرز سامي أهمية تحسين كفاءة الإنفاق العام عبر إجراء مراجعة شاملة للنفقات الحكومية. الهدف من هذه المراجعة هو توجيه الموارد نحو المشاريع التي تحقق أعلى عائد اقتصادي وتقليل الهدر المالي، بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الشفافية والرقابة على الإنفاق العمومي يعدان من العناصر الأساسية لضمان استخدام فعال للموارد المالية.

من جانب آخر، شدد خبير في التخطيط الإستراتيجي، على ضرورة تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، من خلال برامج دعم للشركات الناشئة والتكنولوجيا الحديثة، هذه البرامج يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي وتساهم في تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

إلى جانب ذلك، يعتبر الاستثمار في البنية التحتية أحد العناصر الحيوية لتعزيز النمو الاقتصادي، كون أن مشاريع البنية التحتية لا تسهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل أيضًا في تعزيز التنافسية الاقتصادية على المدى الطويل.

ويرى المتحدث أن الاستثمار في برامج التدريب والتطوير لتحسين مهارات الموارد البشرية وزيادة إنتاجيتها هو أمر لا غنى عنه، كما استقطاب الكفاءات والمواهب يعد أيضًا عاملاً رئيسيًا في تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.

وختاما، أقر أمين سامي، خبير في التخطيط الإستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات، أن تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل متكامل يمكن أن يسهم في تحقيق توازن بين زيادة الإيرادات وتقليص النفقات، مما يعزز الاستقرار المالي ويساهم في تحريك الاقتصاد الوطني نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *