الاتحاد الوطني للشغل يتصدى لـ”تكبيل” حق الإضراب ويطالب بمراجعات جوهرية
أعلن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عن موقفه من مشروع قانون تنظيم حق ممارسة الإضراب رقم 97.15، الذي يعكف مجلس المستشارين على دراسته في الوقت الراهن. وقال إن موقفه الرافض لإجراءات وشروط التكبيل ليس وليد اللحظة بل له امتداد تاريخي وانسجام في الموقف والرؤية لم يتخل عنه منذ 2001 إلى صيغة 2024.
واستعرض عبدالاله دحمان نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب اليوم الثلاثاء في تصريح صحفي موقفه من هذا المشروع الذي اعتبره في صيغته الحالية مساسًا بالحقوق النقابية وبتنظيم حق الإضراب، الذي نص عليه دستور المملكة منذ عام 1962، وأكد عليه بشكل خاص الفصل 29 من دستور 2011.
وأشار دحمان إلى أنه منذ أن تم التوصل بأول مشروع سنة 2001 وما تلاها من المشاريع إلى 2024 قام بمراجعة هذه المشاريع وطالب بمقاربة مضامينها حقوقيًا، وقدم بصددها رؤيته ومواقفه التي تضمنتها المذكرات والبلاغات والبيانات التي عبرت عن قوة مقترحاتنا وعن رفض مركزيتنا لمضامين مشاريع القانون التنظيمي في صيغها المتعددة، ولم تكتف بذلك بل طالبت بإجراءات مواكبة لهذه المشاريع تمثلت في دمقرطة المشهد النقابي عبر مراجعة القوانين المرتبطة بالعمل النقابي.
ويرى الاتحاد أن مشروع القانون الحالي، الذي أعدته الحكومة وأحالته على مجلس المستشارين، يفتقر إلى مقاربة حقوقية حقيقية. فهو لا يعكس روح الدستور والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحريات النقابية وحقوق العمال، بل يهدف إلى تكبيل الحق في الإضراب وفرض شروط تعجيزية على ممارسة هذا الحق، مما يتناقض مع المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم التشريع الوطني. على وجه الخصوص.
وقالت المنظمة ذاتها إن اعتماد قانون تنظيمي لممارسة الحق في الإضراب دون أن يتم وفق رؤية مندمجة ناظمة، ووضع آليات وترسانة قانونية مصاحبة لصيانة وحماية ممارسة هذا الحق الدستوري يعد مجازفة قانونية لن تسهم في عقلنة المشهد النقابي ودمقرطته.
وأبرز الاتحاد عددا من المواد التي يجدها مرفوضة، مثل تلك المتعلقة بآليات الإبلاغ عن الإضراب، وممارسة الحق في الإضراب في القطاعات الخاصة والعامة، وشروط الدعوة للإضراب، وكذلك التدابير المتعلقة بالعقوبات التي يتم فرضها على المضربين.
كما طالبت النقابة باعتماد منهجية تشاركية موسعة لإعداد القوانين المتعلقة بالإضراب، مما يستدعي إشراك كافة الفرقاء الاجتماعيين في هذا الحوار لضمان توازن بين حقوق العمال والحفاظ على استقرار المؤسسات. ويرى الاتحاد أن هذه النقاشات يجب أن تستند إلى مرجعية حقوقية تضمن صون هذا الحق بما يتماشى مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.
واستعرضت النقابة بعض القضايا المطروحة في مشروع القانون الموجود حاليا بمجلس المستشارين والتي سيتم التفصيل بها بعد مدارسته من طرف ممثلي الاتحاد بالمجلس، من قبيل الضمانات التي تحقق التوازن بين صون حق الإضراب وتكريس حرية العمل (المادة الأولى)، وإشكالية التعاريف وصيغة ممارسة الإضراب واستثناء الطلبة وغيرهم من هذا القانون (المادة الثانية)، وغياب تعريف القطاع الخاص، والجهة الداعية إلى الإضراب، فضلا عن الحاجة إلى التدقيق والتفصيل في النقابة والجهة الداعية للإضراب والوضعية السليمة القانونية.
وطالبت المركزية النقابية بالموازاة مع إصدار هذا القانون التنظيمي بإجراءات ضرورية منها إخراج قانون النقابات، ومراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي، والمصادقة على الاتفاقية الدولية 87 لحماية الحق النقابي وغيرها من الاتفاقيات المرتبطة بالحريات النقابية. كما شددت على ضرورة إحداث محاكم اجتماعية أو على الأقل غرف اجتماعية في محاكم المملكة متخصصة في قضايا الشغل وفض النزاعات الفردية والجماعية.
ودعت أيضا إلى مراجعة الأعطاب “الخطيرة” لآليات لجان المصالحة، والنظر في كيفية تفعيل آلية التحكيم المعطل، وتفعيل مؤسسات وآليات التشاور الثنائي والثلاثي واعتماد قراراتها والإلزامية المفاوضة الجماعية، بالإضافة إلى تنزيل حقيقي لمأسسة الحوار الاجتماعي وضمان تعدد أطرافه، والحسم في مفهوم التمثيلية النقابية مجاليا، قطاعيا ووطنيا. وطالبت بمراجعة منظومة القوانين المتعلقة بانتخابات المأجورين بأفق ديمقراطي يفرز تمثيلية اجتماعية ونقابية حقيقية، علاوة على العمل على مراجعة مدونة الشغل وتصحيح الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة الفعلية في الميدان والواقع.
المصدر: العمق المغربي