بمقره المركزي بالرباط، عقد المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اجتماعا عاديا، مساء أول أمس الثلاثاء، ترأسه الكاتب الأول إدريس لشكر.
وبعد تثمينها لما ورد في كلمة الكاتب الأول وتبني مضامينها، استحضرت القيادة الاتحادية خلال هذا الاجتماع المرحلة العصيبة وغير المسبوقة التي تمر منها منطقة الشرق الأوسط، بتطوراتها المتشابكة التي خيمت على فصولها كل التوقعات السوداء والتخوفات الرهيبة، والتي انتهت بأقل السيناريوهات قتامة ورعبا.
وأفاد بلاغ صحافي توصلت به هسبريس بأن الاتحاد كحزب يناضل من أجل السلام كحق من حقوق الشعوب وضد كل النزعات الحربية، لا يمكنه إلا أن ينوه باتفاق وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع، مما جنب المنطقة كل الاحتمالات المتشائمة، معربا عن مخاوفه المشروعة من التراجعات التي قد تهدد قضية فلسطين المركزية وما قد يطالها جراء التوافقات الجارية والترتيبات التي تفرضها المصالح الخاصة بكل طرف، مما يجعل منها ضحية ما قبل الحرب وضحية الحرب وضحية ما بعد وقف إطلاق النار.
وأضاف المكتب السياسي ذاته أنه إذ يجدد التزامه التاريخي وانحيازه الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني البطل، وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، فإنه يشدد على الوضع الكارثي الذي خلفته كل فصول المواجهة منذ سابع أكتوبر 2023، على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والقدس، بممارسة كل أنواع جرائم الحرب والإبادة والحرب ضد الإنسانية كما وقفت عليها المنظمات الأممية والحقوقية المعتمدة.
كما أكد التنظيم الحزبي ذاته أن سقوط قرابة 60 ألف شهيد في غزة وفي غيرها من الأراضي الفلسطينية، وتشريد مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني داخل أرضهم، مع ما يرافق ذلك من أشكال التخريب والدمار، يجعل الشعب الفلسطيني لاجئا فوق ترابه، يواجه في الآن ذاته مخططات التهجير والترحيل والتوطين البديل كما هو متداول عالميا.
وأشار المصدر ذاته إلى عودة جيش الاحتلال إلى قطاع غزة، مع تدمير كل البنيات الإدارية والاستشفائية والسياسية والمدنية الفلسطينية، التي كافح الشعب الفلسطيني من أجل إقامتها منذ دخول اتفاقات السلام حيز التنفيذ في الأراضي الفلسطينية، مستحضرا غياب القضية الفلسطينية، لا سيما رفع الحصار عن غزة الجريحة وتوقيف مسلسل تجويع شعبها والتنكيل به في كل لحظة وحين، عن الترتيبات التي توجت “دبلوماسية القوة” التي تحكمت في مفاوضات الفرقاء في المنطقة وحلفائهم الدوليين.
وأوردت الوثيقة ذاتها أن القيادة الاتحادية ترى أن الوضع الحالي يفوق كل ما سبق أن عاشته القضية طوال ثمانية عقود من النضال الوطني الأسطوري الذي خاضه شعب الجبارين، حيث اجتمعت اليوم مظاهر النكبة مع مشاهد النكسة وعلامات الهزيمة، في تهديد واضح للقضية المركزية، التي قامت باسمها كل المشاريع السياسية وفصول الصراع في المنطقة.
واعتبرت القيادة الاتحادية أن أخطر ما يهدد القضية الفلسطينية اليوم، هو تغييبها المقصود والإرادي من معادلات الحل والتسوية في المنطقة وتعطيل كل مجهودات الرأي العام الدولي والعربي الإسلامي والقوى المحبة للسلام من أجل فرض حق الإنسان الفلسطيني في الحياة، وحق شعبه في الدولة الحرة المستقلة القابلة للعيش، مبرزة أن أخطر ما يواجهه الشعب الفلسطيني اليوم هو تجريد قضيته من فلسطينتيها، وتفويت قرارها الوطني إلى قوى خارجة عنها، لحسابات لا تلتقي مع أفقه التحرري وحقه في بناء دولته المستقلة الذي قدم من أجل تثبيته وتحصينه كل التضحيات.
وجدد حزب “الوردة” التزامه الوطني والإنساني من أجل العمل على إطلاق حملة تعبوية وتحسيسية نشطة وأكثر دينامية من ذي قبل داخل التكتلات والمنظمات الإقليمية والقارية والدولية التي يتقاسم معها الانتصار للعدل ويشترك معها في الانتماء إلى منظومة الحق، سواء في الوسط العربي أو داخل الأممية الاشتراكية والتحالف التقدمي والملتقى الدائم للأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية والكاريبي (COPPPAL) أو اللجنة الإفريقية والاتحاد الدولي للشباب ومنظمة الأممية الاشتراكية للنساء، وغيرها من المنظمات النقابية والحقوقية والمدنية التي يتواجد فيها تنظيما أو أفرادا.
ويأتي هذا الدور، وفق البلاغ ذاته، اعتزازا من الحزب بالأدوار التاريخية الناجعة التي قامت بها بلادنا في مساندة القضية الفلسطينية شعبيا ورسميا، عبر الحضور الحاسم والفارق في منعطفاتها الكبرى، سواء 1974 باحتضان الاعتراف العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، أو في مسلسل السلام خلال توفير شروط نجاح مؤتمر فاس العربي سنة 1982، أو من خلال مسلسل مدريد ومفاوضات السلام، أو من خلال المساعدة على توفير شروط الحياة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وعبر الدعم الدائم والمستمر للساكنة المقدسية ومدها بأسباب المقاومة والصمود من خلال وكالة بيت مال القدس.
كما يأتي تقديرا للمكانة الرفيعة للملك محمد السادس على رأس لجنة القدس، وفي المحافل العربية الإسلامية وفي المحفل الدولي كقائد دولي للسلام والتعايش والشرعية وما يبذله من مجهودات نيرة في استنهاض الضمير العالمي للتقريب بين الفرقاء في المنطقة، واستحضارا لما تملكه بلادنا من مصداقية تحترمها كل أطراف الصراع، ويعيها كل الشركاء الدوليين في تدبير هذا الملف الذي طال أمده.
ويرى الاتحاد الاشتراكي أن المغرب مخول للعب دور أساسي في خروج المنطقة من النفق المسدود وحالة الانسداد السياسي التي تسببت فيها المقاربات المتطرفة والحسابات الضيقة والنزعات الاستئصالية، والعمل، هنا والآن، من أجل استعادة القرار الوطني الفلسطيني المستقل دوره الحاسم للوقوف في وجه تغييب القضية عن ترتيبات المنطقة، في أفق إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على قاعدة حل الدولتين.
المصدر: هسبريس