مع حلول العطلة الصيفية، تزداد فترات فراغ الأطفال، ما يدفع العديد منهم إلى قضاء وقت طويل أمام الشاشات والأجهزة الإلكترونية، سواء لمتابعة مقاطع الفيديو أو ممارسة الألعاب. هذه الظاهرة باتت مصدر قلق متزايد في الأوساط الطبية، بالنظر إلى الانعكاسات الخطيرة التي قد تخلّفها على صحة الأطفال ونموهم النفسي والعقلي والاجتماعي.

في هذا الصدد، شدد الدكتور مولاي سعيد عفيف، أخصائي طب الأطفال، على أن تعريض الأطفال دون سن الثالثة للشاشات يُعد أمرا ممنوعا تماما من الناحية الطبية، لأن أدمغتهم لم تكتمل بعد من حيث التكوين والتطور.

وأوضح عفيف، ضمن تصريح لهسبريس، أن الإفراط في مشاهدة الشاشات يخلق أنماطا سلوكية غير طبيعية، تجعل الطفل يبدو وكأنه يعاني من أعراض التوحد، فيصبح قليل التواصل، ولا يتفاعل بشكل طبيعي مع محيطه.

وأضاف أن الهواتف والألواح الذكية أدت إلى تراجع الحوار داخل الأسرة، حتى خلال أوقات الوجبات التي كانت مناسبة للنقاش والتقارب، حيث أصبح كل فرد منشغلا بجهازه، مما يضعف الروابط العائلية ويؤثر سلبا على النمو الاجتماعي والنفسي للأطفال.

وأشار المختص في طب الأطفال إلى أن العديد من الدراسات والتجارب العلمية أثبتت التأثير السلبي لهذه الأجهزة على التركيز ونمو الدماغ لدى الطفل، داعيا إلى تحديد وقت استعمالها، ومراقبة المحتوى الذي يتعرض له الأطفال.

كما نبه إلى خطورة بعض المحتويات التي يصل إليها القاصرون عبر الإنترنت، داعيا إلى وضع قانون صارم يمنع ولوج الأطفال إلى بعض التطبيقات والمنصات مثل “يوتيوب”، على غرار ما قامت به بعض الدول مثل أستراليا التي حظرت الولوج إليه لمن هم دون 16 عاما.

وطالب عفيف بتدخل الجهات المختصة، مثل وزارتي الصحة والتربية الوطنية، إلى جانب الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لضبط هذا المجال وحماية الأطفال.

من جانبه، أكد الدكتور عبد الإله مدني، أخصائي طب الأطفال، أن المسؤولية في هذا المجال تقع أولا على عاتق الآباء، فهم الجهة التي تتيح أو تمنع استعمال هذه الوسائل التكنولوجية.

واعتبر مدني أن الاستخدام المفرط للشاشات لا يختلف كثيرا عن الإدمان؛ إذ تصبح الأجهزة الإلكترونية بمثابة “مخدّر” للطفل، تؤثر على دماغه وبصره وتجعله معزولا عن العالم الحقيقي.

كما حذر مدني من ضوء الشاشات الأزرق غير المرئي الذي يلحق أضرارا بالعينين والدماغ. وأوضح أن بعض الأطفال صاروا يرددون كلمات ومصطلحات لا يفهمون معناها، لكنها أصبحت طبيعية في نظرهم نتيجة ما يشاهدونه عبر الإنترنت.

وفي ختام حديثه، دعا مدني الآباء إلى تقنين استخدام الإنترنت في المنزل، وعدم ترك الأطفال وحدهم أمام الشاشات، بل مراقبة المحتوى الذي يشاهدونه. وقال: “التكنولوجيا مثل السكين، يمكن أن تُستعمل في النافع كما قد تُستعمل في الضار، ويجب أن يكون استعمالها مضبوطا بالقواعد والوعي التربوي”.

المصدر: هسبريس

شاركها.