لم يكن الفقيه “الروداني” نسبة إلى تارودانت يعلم أن الحفرة، التي كان بصدد حفرها رفقة ثلاثة مشتبه فيهم من أصدقائه نواحي ابن أحمد، ستكون في يوم من الأيام قبره، الذي سيدفن فيه بعد الإجهاز عليه من لدن أحد المشتبه فيهم من أصدقائه، المتحدر من دوار بني اسكتن جماعة سيدي عبد الكريم، قيادة أملال دائرة ابن أحمد إقليم سطات.
صداقة قصد البحث عن الكنوز والربح السريع
في بداية الأمر، ولمدة تقارب السنة، ربط ثلاثة أشخاص علاقة صداقة فيما بينهم. ويتعلق الأمر بفقيه يتحدر من دوار أولاد عرفة بتارودانت وشخصين من الجماعة الترابية سيدي عبد الكريم دائرة ابن أحمد، قبل أن تتوطّد الصداقة والثقة فيما بينهم.
هذه الصداقة والثقة تحولت إلى البحث عن الكنوز في مختلف المناطق بطريقة تقليدية، قصد الحصول على كنز في يوم ما والاغتناء وتطوير المشاريع. أحد أفراد المجموعة قال إن هناك كنزا بجوار منزل صديقهم بدوار استكن، فشرعوا في الحفر بحثا عن الكنز المزعوم، فضلا عن بعض الطلاسم والمواد والقراءات قصد إنجاح العملية والسيطرة على حراس الكنز من الجنّ.
طول مدة الحفر دون نتيجة والبحث عن مادة للتحويل
بعد طول مدّة الحفر التي قاربت السنة، وضع الأصدقاء غطاء بلاستيكيا على الحفرة المجاورة لمنزل أحد أفراد المجموعة نواحي ابن أحمد، قصد ستر “مكان البركة” والتمويه وعدم إثارة الانتباه، فضلا عن إحساس أفراد المجموعة بالملل من “روتين الحفر”، اقترح الفقيه على صاحب المنزل الذي تجاوره الحفرة بضرورة شراء مواد خاصة قصد حماية الكنز من الشياطين، وتحصينه وتحويله إلى مكان آمن، لتسهيل الوصول إليه.
تكلّف صاحب المنزل بتمويل المواد في حين تكلّف الفقيه بجلبها، باعتبار درايته بنوعها وكذا معرفة النوع الجيد من المواد، لنجاح “العزيمة والتمائم”، للتحكم في خدّام الكنز المحروس؛ وهي التمويلات التي بلغ قدرها ما يقارب 100 ألف درهم (عشرة ملايين سنتيم)، دون ظهور أي أثر للكنز المعروف لدى القبيلة بـ”الخزينة”.
اختفاء الفقيه وصورة “قلّة” الكنز عبر “واتساب”
اختفى الفقيه “الروداني” عن الأنظار، وظل هاتفه يرنّ من قبل اتصالات صديقه صاحب المنزل دون رد لمدة طويلة، قبل أن يشعر صاحب المنزل بأنه تعرّض لعملية نصب مفترضة، وغدر من صديق شارك معه “الملح والطعام وأسرار العفاريت والجنون”.
فكّر صاحب المنزل في طريقة للوصول إلى الفقيه، حيث أرسل صورة “قلة لكنز مزعوم” عبر تقنيات التراسل الفوري إلى أحد جيرانه، باعتباره لا يزال على اتصال مع الفقيه، مخبرا إياه بأنه حصل على جزء من الكنز، وأنه في انتظار الفقيه لاستكمال العزيمة قصد استخراج “الخزينة” كاملة، مطالبا جاره بإبلاغ الفقيه بهذه المستجدات.
استدراج الفقيه وتصفيته ودفنه بالحفرة
بعد توصّل الفقيه بصورة “القلة” الخاصة بجزء من الكنز المزعوم من قبل جار صاحب المنزل بمنطقة ابن أحمد، انطلت عليه الحيلة وعاد مهرولا من تارودانت إلى منزل صديقه المجاور للحفرة، حيث وقع سوء تفاهم وإحساس بـ”الشمتة” والغدر والنصب، قبل أن يجهز على صديقه الفقيه ويدفنه مكان الكنز في الحفرة التي كانت سبب شراكة وثقة ومجهودات بدنية وتمويلات نقدية.
بعد عودة جار صاحب المنزل إلى القبيلة باعتبار يشتغل سائقا ويسافر كثيرا، اتصل بالفقيه الذي يعلم أنه عاد من تارودانت إلى ابن أحمد لإتمام العملية؛ غير أن الهاتف لم يرد مرّة أخرى، حيث توجه السائق عند صديقه صاحب المنزل مستفسرا إياه عن الفقيه وموضوع الكنز، ليخبره أنه قد أجهز عليه ودفنه في الحفرة، مطالبا إياه بكتمان السر.
التبليغ عن جناية القتل وانتشال جثة الفقيه
توجّه السائق، صديق الفقيه وصاحب المنزل، إلى المركز الترابي للدرك بمدينة أمزاب، حيث بلّغ عن الجريمة وتفاصيلها؛ وهو ما استنفر المركز الترابي ليصطحبوه نحو مكان دفن الفقيه، وجرى انتشال الجثة ليل الاثنين الثلاثاء من الأسبوع الجاري، وإيقاف المشتبه فيه صاحب المنزل، وصديقه السائق وشخص ثالث ينحدرون كلهم من منطقة ابن أحمد.
وأمر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بسطات، اليوم الثلاثاء، بإجراء تشريح طبي على جثة الفقيه، لتحديد السبب الحقيقي للوفاة، لفائدة البحث التمهيدي المفتوح مع المشتبه فيهم، لتحديد علاقة كل واحد بالحادث. ولا يزال المشتبه فيهم الثلاثة لدى الفصيلة القضائية بجهوية الدرك الملكي بسطات، في انتظار الانتهاء من الأبحاث التقنية والميدانية وعرض الموقوفين على الوكيل العام للمك لاتخاذ المتعيّن في حق كل واحد منهم.
المصدر: هسبريس
