الأفلام الأمازيغية تنافسية .. وتأسيس غرفة سينمائية يخدم الاستدامة
لم يكن تأسيس مجموعة من المخرجين والمنتجين السينمائيين “الغرفة المغربية للإنتاج السينمائي الأمازيغي” حدثا عابراً بالنسبة للفاعلين في حقل الأمازيغية، الذين كان لهم دائماً همّ رؤية إطار قادر على الدفاع عن تموقع “تمازيغت” في الأعمال السينمائية المغربية، بعدما ظلت حظوتها في هذا السياق “جد محدودة” و”غير معبرة كفاية”؛ وبهذا ستكون الغرفة أول إطار يعنى بالنهوض بالقطاع السينمائي الأمازيغي.
ولأن “الشعور بالإقصاء” كان حاضراً لدى المهنيين في العمل السينمائي المتكلّم بـ”تمازيغت” أمام طلب العديد من مالكي قاعات العرض دبلجة الفيلم إلى الدارجة لجعله تجارياً خالصاً وتنافسيا في سباق الشبّاك، خارج “رهان اللغة”، وبلا أيّ استحضار لـ”عنصر الثقافة”، فقد بادر هؤلاء المخرجون والمنتجون إلى إسماع صوتهم داخل المادة السينمائية، بطرق، حسبهم، “تستدعي الحزم لضمان استدامة لغة مهددة بالانقراض”.
من أجل تكريس النهضة
أيوب المحجوب، رئيس الغرفة المغربية للإنتاج السينمائي الأمازيغي، قال إنه “من نافلة القول إن السينما المغربية الناطقة بالأمازيغية أو التي تستثمر تراث ‘إيمازيغن’ تعيش نهضة حقيقية في السنوات الأخيرة، بحكم الدينامية التي تشهدها هذه الثقافة الحيوية في الهوية المغربية”، مبينا أن “خلق الغرفة يأتي تكريساً لهذه الصّحوة، خصوصاً أن هناك أفلاما قصيرة أمازيغية تنافسية وحازت جوائز دولية ووصلت إلى مهرجانات مهمة”.
المحجوب لفت، في تصريح لهسبريس، إلى أن “تأخر هذه النهضة بالمقارنة مع نظريتها التي تخاطب الجمهور بالدارجة المغربية راجع إلى الاهتمام والدعم الذي حظيت به الأخيرة بعد الاستقلال”، مسجلاً أن “هذا الوضع الذي تشكل في سياق تاريخي معين جعل الدراما الأمازيغية محدودة الانتشار”، وزاد: “لهذا فكرنا في إطار قانوني يعيد لها الاعتبار ويضمن دخولها إلى القاعات السينمائية”.
وأبرز المتحدث عينه أن “تموقع الأعمال الطويلة الناطقة بـ’تمازيغت’ في المهرجانات يعد رهانا أساسيّا بالنسبة إلينا”، متابعا: “نسعى من وراء هذا الإطار إلى التعريف أكثر بالثقافة الأمازيغية عبر العالم وبالغنى البصري الذي تتمتع به، والذي يمكن توظيفه في خدمة الصورة السينمائية، سواء الألوان أو التعبيرات الرمزية، من قبيل الوشم الذي بدأ يتراجع حضوره، ولكنه يحمل دلالات عميقة وقوية وقصصا لم تحك”.
تحصين ثقافي لغوي
أيوب آيت بيهي، مخرج ومنتج وأحد مؤسسي الغرفة، أشار إلى “وجود أعمال مُؤسسة للسينما المغربية الأمازيغية منذ التسعينيات، وعرّفت حينها بهذا الزخم اللغوي، لكن التجربة انقرضت مع الأسف، مع تراجع الأقراص”، مردفا: “المهنيون منذ ذلك الوقت صاروا يعولون على الدعم. وهناك شريط رائع اسمه ‘أدور’ حصل على دعم المركز السينمائي المغربي، لكنه لم يجد طريقا إلى صالات العرض، لأن المستثمرين طلبوا دبلجته”.
وأورد آيت بيهي، في تصريح لهسبريس، أن “الدبلجة تحمل عنفاً ما، تمييزا ما، لأنها تقتل العملية الإبداعية وتنسف حيوية اللغة ورهان استدامتها الذي هو أصل الإنتاج داخل وعاءات هذا اللسان؛ كما أن الصورة السينمائية هي لغة أيضاً”، وواصل: “الأمازيغية باتت علناً من اللغات المهددة بالانقراض، وكان لا بد أن نتحرك كمهنيين، خصوصاً في ظل توفر أرضية قوية من قبيل دسترة الأمازيغية، فضلاً عن المسار الذي عرفته ثقافة ‘إيمازيغن’ منذ خطاب أجدير التاريخي (2001)”.
وختم المتحدث ذاته بالقول: “بلدنا قطع مساراً مهما كان يتعين أن ينخرط فيه الفن السابع، ولهذا المساواة اللغوية في السينما المغربية ضرورة اليوم، وتكافؤ الفرص بين الفنان المشتغل بالدارجة والمشتغل بالأمازيغية هو أيضاً ضرورة، لأن الفنان الأمازيغي قد تأتيه فرصة واحدة بشكل موسمي، أي كلّ رمضان فقط. ولهذا كل وسيلة تتصل بالرغبة في تحصين هذه اللغة والدفاع عن بقائها هي جهد مطلوب، ليس تعصباً لثقافة بل دفاعا عنها ورغبة في تثمينها”.
المصدر: هسبريس