الأغلبية تنتقد “العشوائية والمحسوبية” في تدبير الأحياء الجامعية وتأثيرها على الهدر الجامعي

انتقدت فرق الأغلبية، ما وصفته”، بـ”التخبط والعشوائية والمحسوبية” في تدبير الأحياء الجامعية، مؤكدة أن الأوضاع الحالية تؤثر على التحصيل العلمي وترفع من نسب الهدر الجامعي.
وأشارت فرق الأغلبية، خلال مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية بمجلس النواب حول “شروط وظروف الإقامة بالأحياء الجامعية”، إلى أن “ما تضمنه تقرير المهمة الاستطلاعية من ملاحظات واختلالات هو انعكاس لسنوات طويلة من الإهمال والتقاعس ونتيجة سياسات الحكومات السابقة غير الفعالة”، مؤكدة أن “المعايير المعتمدة في الأحياء الجامعية تخضع لمنطق المحسوبية والقرابة لفائدة بعض المحظوظين”.
تخبط وعشوائية ومحسوبية
اعتبرت النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، كليلة بونعيلات، أن العنوان الأبرز لما توصل له تقرير المهمة الاستطلاعية هو التخبط والعشوائية في تدبير الأحياء الجامعية حيث لخص التقرير، وفق تعبيرها، أهم هذه الاختلالات في نقص خدمة الإطعام كما وكيفا وجودة وضعف الخدمات الصحية وقلة المراكز الصحية مع ضعف تجهيزها بالأطر الطبية الكافية، فضلا عن انعدام الشعور بالحماية من طرف الطلبة القاطنين وسط الأحياء الجامعية، إضافة لانعدام الشعور بالشفافية والثقة اتجاه إدارة الأحياء الجامعية مع غياب ثقافة التواصل ومشاركة المعلومة والاعتماد على موظفين يتميزون بضعف مسارهم المهني والتكويني.
وأشارت بونعيلات إلى أنه على ضوء الخلاصات التي تضمنها التقرير، فلا يمكن، وفق تعبيرها، “تغطية الشمس بالغربال”، مؤكدة أن المبيتات الجامعية تشكو من وضعية رثة في عدد كبير منها، مقدمة المثال على ذلك بالحي الجامعي بوجدة وفاس وبني ملال ومراكش وغيرها، حيث تتحول الأحياء الجامعية، وفق تعبيرها، إلى فضاء خارج الرقابة الإدارية وتعاني من مشاكل في تدبير أمنها الداخلي.
وذكرت المتحدثة ذاتها بأن “أول معاناة تعترض الطالب بعد تسجيله في الجامعة هي الظفر بسكن جامعي في أقرب حي ممكن ممكن لموقع دراسته، مقرة بأن الحق في السكن ممنوح لنسبة قليلة من الطلبة وفق ما تتوفر عليه الأحياء الجامعية من أسرة شاغرة وحسب معايير غير محددة ومتضاربة في بعض الأحيان لأن تلك المعايير تخضع، وفق تعبيرها، لمنطق المحسوبية والقرابة لفائدة بعض المحظوظين.
وشددت النائبة البرلمانية على ضرورة التعاطي مع ملف السكن الجامعي ضمن مقاربة تشاركية جديدة تقر حوافز مشجعة للاستثمار بالأحياء الجامعية الخاصة وتشجيع المالكين على احتضان الطلبة في بيوتهم ضمن غرف خاصة بهم أو إيجار محلات سكنية بأسعار مخفضة مع الانتفاع بامتيازات جبائية وغيرها على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول بالخارج.
ولفتت أنه “مع بداية كل سنة تتكرر معضلة السكن الجامعي ويعاني الطلبة من محدودية فرص السكن، ما يطرح، على حد قولها، حقيقة وضع قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لاستراتيجيات لمعالجة هذا النقص المهول في الإقامات الجامعية خصوصا في ظل تزايد عدد الطلاب وتسجيل نسب نجاح قياسية في امتحانات الباكالوريا”.
واعتبرت بونعيلات أن “المجهودات المتعلقة بتطوير السكن الجامعي تسير بوتيرة بطيئة وهناك مقاومات، وفق تعبيرها، من البعض الذين يحاولون الحفاظ على الوضع القائم لأنها مستفيدة منه بعدما حولت الأحياء الجامعية إلى مرتع للإثراء غير المشروع ومصدر لتحقيق مصالح ذاتية على حساب مئات الآلاف من الطلبة من ذوي الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل”.
وأكدت أن “العجز الفادح في قدرة الاستيعاب في منظومة الإيواء الجامعي يرجع في جزء منه إلى الاختلال الجهوي في توزيع المؤسسات التعليمية الجامعية على امتداد البلاد”، مما يساءل، وفق تعبيرها، السياسة المتبعة بخصوص العدالة المجالية وتأثيرها هذه الأوضاع بالأحياء الجامعية على التحصيل العلمي وارتفاع نسب الهدر الجامعي.
إهمال وتقاعس
أكد النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، عماد الدين الريفي، أن “ما تضمنه تقرير المهمة الاستطلاعية من ملاحظات واختلالات هو انعكاس لسنوات طويلة من الإهمال والتقاعس ونتيجة سياسات الحكومات السابقة غير الفعالة والتي لم تمنح، وفق تعبيره، ملف الإقامات الجامعية ما يستحق من اهتمام”.
وأكد الريفي أن “الطاقة الاستيعابية، ظلت لسنوات طويلة ضعيفة على مستوى أغلب الأحياء الجامعية، حيث يقدر الخصاص وطنيا بحوالي 600 ألف سرير، ولا تستجيب لمستوى الطلب المتزايد من طرف الطلبة والطالبات كل سنة، الشيء الذي يطرح إشكالية تولي بعض المجموعات الطلابية بأنفسهم مسؤولية إسكان الطلبة بشكل غير قانوني، كما يؤثر هذا الاكتظاظ على تركيز الطلبة على الدراسة، نظرا لعدم توفر أجواء تساعدهم على انجاز دراساتهم في بيئة مناسبة”، وفق تعبيره.
كما سجل المتحدث ذاته اختلالات متعلقة بالمرافق الموجودة بالأحياء الجامعية، مشيرا إلى ‘هذه المرافق التي تعرف ضعفا كبيرا سواء على مستوى الكم أو الجودة، كما أن العديد من الأحياء الجامعية لا تتوفر على خدمة الإطعام، والتي لها أهمية كبرى داخل الأحياء الجامعية، نظرا إلى أنها توفر للطلبة التغذية وتعفيهم من تكاليف ومصاريف إضافية قد لا يتوفرون عليها، وحتى بالنسبة للأحياء التي تتوفر على هذه الخدمة، نجد أن هناك ضعفا على مستوى جودة الوجبات المقدمة وحجمها، وقد شهدنا أكثر من مرة حالات تسمم بالأحياء الجامعية نتيجة لسوء الطعام المقدم للطلبة بها”، على حد قوله.
وذكر النائب البرلماني أن “بعض البنايات بأحياء وجدة وفاس على سبيل المثال قد تهالكت، ولم تتجاوب إدارة هذه الأحياء مع مطلب صيانتها حسب شهادات الطلبة، الشيء الذي يشكل خطرا على حياة الطلبة، كما حدث عند اندلاع حريق بالحي الجامعي وجدة، والذي أدى إلى وفاة ثلاثة طلبة وإصابة عدد منهم بحروق خطيرة”.
إضافة إلى ما سبق، يضيف المتحدث ذاته، “هناك ضعف كبير بالعديد من الأحياء الجامعية فيما يتعلق بمجموعة من المرافق من قبيل ضعف عدد قاعات الدراسة والمكتبات الموجودة بعدد من الأحياء غير كافية أو غير مجهزة بشكل جيد وقلة المرافق الرياضية وضعف على مستوى صيانة المرافق والتي تتسبب بمشاكل في البنية التحتية مثل السباكة والكهرباء والتدفئة والتهوية وضعف وأحيانا انعدام الخدمات الصحية، إذ يواجه عدد من الطلاب صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل فعال وضعف مستويات الأمان والسلامة، مما يؤثر على شعور الطلبة بالأمان في بيئتهم الجامعية”.
وشدد الريفي على أن “الحديث عن الإقامات الجامعية ليس ترفا سياسيا ولا رفاهية مطلبية بل هو خوض في معركة تكافؤ الفرص والعدالة المجالية ومحاربة الهدر الجامعي فالأحياء الجامعية، وفق تعبيره، ليس مجرد بنايات إسمنتية بل هي فضاءات تنشئة للتوجيه والانخراط والتفتح على المحيط، وهي المدرسة الموازية التي تكمل ما لا تستطيع القاعات الدراسية أن تقوم به”.
بالمقابل، أشاد المتحدث ذاته بالإنجازات المحققة في هذا المجال في السنوات الأخيرة، حيث يتوفر المغرب، وفق تعبيره، على 24 حيا جامعيا موزع على 16 مدينة جامعية بطاقة استيعابية تصل إلى أكثر من 60 ألف سرير، حيث عرفت تطورا مهما اذ انتقلت من 31341 سرير سنة 2000 إلى 53653 سرير في سنة 2023 كما تم الانتقال من 19 حي جامعي إلى 30 حي جامعي وملحقة حاليا.
تقرير يعكس الواقع
انتقد العياشي الفرفار، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، بعض العناوين في عدد من المواقع الإلكترونية الإخبارية حول نتائج تقرير المهمة الاستطلاعية، حيث وصفها بـ”العدمية والصادمة”، معبرا عن رفضه للأقاويل التي تقلل من أهمية المهام الاستطلاعية بالبرلمان مقارنة بلجان تقصي الحقائق ومشيرا إلى أن “هذا التبخيس لا يبني مؤسسات” بالنظر إلى الصعوبات التي رافقت، وفق تعبيره، أعضاء المهمة خاصة بعد أن رفض عدد من الطلبة الجامعيين بوجدة دخولهم للحي الجامعي بالمدينة، وفق تعبيره.
ونوه الفرفار بدور رئيس المهمة الاستطلاعية ورئيس فريق التقدم والاشتراكية رشيد حموني بالقول: “حموني خرج بهدوء وقال بهؤلاء الطلبة إذا أردتمونا أن نغادر سنفعل ذلك فهناك 24 حيا جامعيا بالمغرب يمكننا زيارته، لكننا هنا من أجلكم لمعرفة الحقيقة حول وضعية حيكم الجامعي وأنتم مدعون معنا في اللجنة لاكتشاف الحقيقة، قبل أن يتحول الاحتجاج إلى التصفيق وبدأت اللجنة في ملامسة الواقع وأخضعنا كل شيء لفحص دقيق ولم تفلت الخدمات المقدمة من رقابة أعضاء اللجنة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى “أنه يختلف في الرأي مع عدد من النواب بخصوص مشكل الاكتظاظ حيث اعتبره أنه دليلا على الإقبال على الجامعة المغربية وجاذبية الدرس والفضاء الجامعي”، داعيا للعمل بالمقابل على ضمان إقامة مريحة لأبناء المغاربة في الأحياء الجامعية تليق بمكانتهم لتجويد التحصيل العلمي”، مؤكدا أن تقرير المهمة الاستطلاعية يعكس واقع الأحياء الجامعية بالمغرب دون زيادة أو نقصان.
المصدر: العمق المغربي