“الأسفار” ترصد تراجع الحجوزات نحو وجهات مفضلة للمغاربة في “رأس السنة”
لم يعُد سِرًّا أن مناسبة الاحتفال بسنة جديدة تجلب رواجا وإقبالا غير مسبوق ينتظره فاعلو القطاع السياحي بفارغ الصبر طيلة أشهر السنة؛ فـبَعد فترة العطل والإجازات الصيفية التي تعرف عادة نِسَبَ الإقبال الأكبر على الإطلاق، تعود حركية الأسفار للانتعاش مع اقتراب عطلة رأس السنة، التي تعد إحدى أكثر “فترات ذروة الموسم” ( période de haute saison).
وطالما شكلت نهاية العام فرصة سانحة لعدد من المغاربة من عشاق السفر للهروب من “روتين” حياتهم اليومية إلى تجارب سفر جديدة في أجواء احتفالية تبصم غالبا استقبال سنة جديدة بنَفس متجدد؛ إلا أن “الظروف الحالية السوسيواقتصادية، الموسُومة بقوة الضغوط التضخمية، أثرت بشكل كبير على وضعية الأسر المغربية وادخارها المالي، فضلا عن غلاء تكاليف السفر والترفيه على معظمها”، وفق إفادة محمد السملالي، رئيس الفيدرالية الوطنية لأرباب وكالات الأسفار بالمغرب.
السملالي لم يُخفِ، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ظروف الصراع المسلح بالشرق الأوسط (حرب غزة) أثرت على تدفقات السياح سواء داخليا وخارجيا (أي من المغرب وإليه)”، مسجلا أن “الأشهر الثلاثة الماضية شهدت ضعف إقبال عموما على حجوزات السفر إلى وجهات معتادة بالخارج؛ باستثناء قلة قليلة من فئة كبار السن المحالين على التقاعد”، مفسرا ذلك بـ”تخوف الناس من الناحية الاقتصادية مع تضرر وضعية الادخار لديهم”.
“تراجع حجوزات نحو الخارج”
السملالي أكد، في مؤشرات بسطها خلال حديثه مع هسبريس، أن “الحجوزات المعتادة برسم شهر دجنبر لتمضية رأس السنة خارج المغرب عرفت تراجُعا نحو وِجهات مفضلة بعينها؛ لا سيما نحو دبي وتركيا”، مقدرا نسبة الانخفاض بـ”50 في المائة أو أكثر”.
وزاد الفعل المهني شارحا: “معظم المغاربة الراغبين في السفر يسافرون بشكل انفرادي ولا يلجؤون إلى وكلاء أسفار بالضرورة”، مؤكدا أن “بعض شركات ووكالات الأسفار كانت توفر برامج رحلات منظمة ومشتركة إلى إسبانيا شهدت تراجعا بدورها”.
وحاول رئيس فيدرالية أرباب وكالات الأسفار تفسير الأمر بـ”تداخل وتشابك برمجة العطل والوضع الاجتماعي لأغلبية الأسر من الطبقات المتوسطة، بعد احتقان طويل في الساحة التعليمية”، قبل أن يلفت بالمقابل إلى “حركية السياحة الدولية وانتعاشة تسويق الوجهة المغربية كبلد آمن ومستقر”، منوها بتسجيل المغرب “أرقاما مهمة في نسب استرجاع السياح والعملة الصعبة”.
كما أورد تفسيرات مرتبطة، حسبه، بـ”انكماش وتخوف من الآفاق يرتهن ظرفية المغاربة حاليا” في ظل قلة وضعف الإقبال نظرا لغلاء الفنادق وتذاكر الطيران”، ضاربا المثال بانخفاض الطلب على السفر إلى تركيا” وكذا نقص في وتيرة الرحلات المنظمة من المغرب إلى مصر”.
أبرز الوجهات المفضلة لدى المغاربة
حسب منظمي الرحلات العاملين في عدد من وكالات الأسفار المغربية، الذين اتصلت بهم «هسبريس»، فإن دبي بالإمارات العربية المتحدة ومدن إسبانيا هُما الوجهتان الرئيسيتان الأبرز للسياح المغاربة خلال فترة نهاية السنة المنقضية وبداية سنة 2024.
وفق المعطيات التي توفرت للجريدة، في هذا السياق، فإن “وجهات السفر نحو تركيا ومصر والإمارات (دبي) تظل من بين الأكثر إقبالا. وبالنسبة لأوروبا، فإن إسبانيا، لا سيما مناطق الأندلس (جنوبها)، ما زالت تحظى بقسط من طلبات زبناء وكالات الأسفار بالمغرب”.
كما أجمع عدد من مسؤولي وكالات أسفار والنقل السياحي الذين استقت جريدة هسبريس آراءهم على أن “السياحة الداخلية تظل مغرية هي الأخرى لفئة واسعة من المغاربة مع تصدر مدينة مراكش للطلبات والحجوزات، متبوعة بمنطقة مرزوكَة ثم ورزازات، سواء من طرف المغاربة أو الوافدين من الخارج”.
“الجودة/السعر” عاملٌ محدد
في معطى لافت، أشارت مسؤولة تجارية عن المبيعات في إحدى وكالات الأسفار بالرباط، في تصريحها للجريدة، إلى أن “الطلبات على الحجز والاستعلام عن أسفار نهاية/بداية السنة 2024، مقارنة مع الفترة ذاتها العام الماضي، تعرف انخفاضا على مستوى السياحة الداخلية بالمغرب، مقابل تسجيل ارتفاع في طلبات السفر إلى الخارج”.
وفسرت المتحدثة لهسبريس الأمر بأنه يظل رهينا لـ”العلاقة بين جودة الخدمات مقابل سعرها”؛ فبالنسبة لبعض الفئات والطبقات الاجتماعية فإن أسعار الفنادق وتكاليف السفر بالمغرب مرتفعة مقابل جودة أفضل في بلدان أجنبية بالأسعار نفسها (أو ما يُقارِبها) المؤداة محليا.
المصدر: هسبريس