اخبار المغرب

الأحزاب السياسية ومعضلة الغلاء

الأحزاب السياسية مؤسسات للتأطير والتكوين وللتمثيل على أساس الديمقراطية التمثيلية اعتمادا على مضمون الفصل السابع من دستور المملكة المغربية وعلى مضامين قانون الأحزاب والقوانين الانتخابية وذلك بهدف تدبير المرافق العامة للدولة سواء أكانت مركزية أولا مركزية ، هذا التدبير الذي تضطلع به السلطة التنظيمية المنبثقة عن صناديق الاقتراع وعن أغلبية الغرفة الأولى للبرلمان باعتباره يتكون من ممثلي الأمة وعلى أساس الثقة تجاه برنامج حكومي، ناهيك عن دور الجماعات الترابية التي لها أدوار استراتيجية في مجالات مختلفة والمشار اليها في الباب التاسع من دستور 2011 بالاضافة الى القوانين التنظيمية المؤطرة لمجالات تدخلها ، كما لا يفوتنا في هذا الباب التذكير بسياسة اللاتمركز الاداري المقترنة بميثاق اللاتمركز الاداري لسنة 2018 ، والذي أسر فعلا على بناء جسر قانوني متقدم لتطوير العمل المشترك بين جميع مكونات التنظيم الاداري بالمغرب.

إن التطرق الى مسألة التنظيم الاداري وتحديد علاقته بموجة ارتفاع الاسعار الغير مسبوقة التي تعرفها المملكة المغربية ليؤشر على ضرورة إعمال الحكومة للقانون وذلك اعتبارا من أن الادارة موضوعة رهن اشارتها ، ذلك ان نسبة ارتفاع بعض المواد الاستهلاكية الموسمية هو مقبول وذلك انطلاقا من معرفة اسباب غلائها غير أن هناك مواد اساسية قد ارتفعت أثمانها بطريقة غير مقبولة تقتضي من الحكومة التدخل العاجل من أجل الضرب من حديد على يد الشناقة السلعيين والذين أكدوا أن همهم الوحيد جني الارباح ولو على حساب جيوب المواطن ، أمر يؤدي بنا الى القول بأن إعمال القانون تجاه المخالفين قد أصبح ضرورة ملحة تجاه هؤلاء المخالفين وخاصة عبر بوابة القوانين الجاري بها العمل ولمالا إعداد رزنامة قانونية استعجالية تعنى بحالة الغلاء الفاحش.

إن المسؤولية الأولى هي ملقاة على الأحزاب السياسية سواء أكانت في الأغلبية أم بالمعارضة، مسؤولية تقتضي من ثالوث الأغلبية أن يفتح نقاشا سياسيا حقيقيا مع المعارضة يتجاوز النظرة الأفقية ويرتكز على إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز هذه الأزمة التي لا تتطلب من هذه الأحزاب المزايدة بين هذا الطرف أو ذاك وانما استحضار الروح الوطنية العالية والحقة المقترنة بنكران الذات وبالعمل الجماعي الجاد والبناء الكفيل بإخراج منظومة مؤسساتية وتدبيرية قادرة على فرملة جماح هذا الوضع النشاز وخاصة لماله من تأثيرات جمة على مستوى عيش الطبقتين الوسطى والفقيرة.

إننا فعلا بحاجة الى مأسسة الخطاب السياسي الكفيل بتوحيد الرؤى الحزبية القادرة واعتبارا مما توفر عليه من موارد وكفاءات من صناعة نموذج تنموي مرن قادر على التأقلم مع هذا النوع من الأزمات ، وهو أمر لا يمكننا بلوغه الا من خلال التسلح بالجرأة السياسية و الجدية والفعالية في إطار اعطاء الانطلاقة الرسمية لمشاريع السيادة المغربية في مجالات الغذاء والطاقة وغيرها، ملف لا يمكن أن نصل الى طيه في بداياته وذلك بالنظر الى التحولات العميقة التي تعرفها المنظومة الدولية والتي يعد المغرب جزءا منها ، غير أن اعتماد بعض الوسائل البديلة لتجاوز سلبيات شبح الغلاء هي ممكنة وخاصة تلك التي تتعلق باعادة النظر في سياسات سلاسل الانتاج والتسويق والتي لابد من ادخال تعديلات جذرية عليها وخاصة في أسسها القانونية ، الاجرائية والمسطرية ، وهذا ليس بعزيز على المغرب الذي نجح وبشهادة جميع الدول في تحقيق السيادة الطبية ومستلزماتها في عز كورونا الوبائية ، وضع يتكرر ولكن بتوجه غذائي لا بديل لنا عنه لا لشيء الا لأنه حاجة انسانية يومية ملحة .

إن الأحزاب السياسية مسؤولة مسؤولية وطنية أمام هذا الوضع ، ذلك أن الحلول هي موجودة وقابلة للتفعيل غير أن تنزيلها على أرض الواقع لا يمكن أن يتم الا في إطار الارادة السياسية لجميع أطياف الخريطة السياسية المغربية ذات النمط السياسي التعددي الحزبي ، ومن هذا المنطلق فالحاجة ماسة الى فتح نقاش حزبي جاد على وجه الاستعجال ما سيؤدي الى تبني توجه موحد سيساهم لا محالة من تقويض معالم أزمة الغلاء ببلادنا.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *