استيراد النفايات الأوروبية “فضيحة مغربية”.. والجزائر “تركب الموجة”
لم تستطع تمثيليات “اليسار الجديد” داخل المؤسسة التشريعية أن “تهضم” ما دبّجته وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في بلاغها بخصوص كون “استيراد النفايات غير الخطرة مؤطر ببنود اتفاقية بازل الأممية المتعلقة بنقل النفايات خارج الحدود، ومقنن وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل”؛ فبرلمانيات اليسار قُلن إنها “تظلّ فضيحة، لا سيما وأن البلاغ لم يكشف إن كان المغرب هو من طلب الاستيراد”.
نبيلة منيب وفاطمة التامني، النائبتان البرلمانيتان عن الحزب الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي، اعتبرتا أن الدفع بـ”القانون رقم 0028 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، وكذا نصوصه التطبيقية، والمرسوم رقم 217587 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات استيراد النفايات وتصديرها وعبورها، من خلال إيداع ملف يتضمن مجموعة من الوثائق محددة بموجب هذا المرسوم”، يمثل “هروباً” من النقاش الحقيقي، وهو أن “الاستيراد أصلا فضيحة سياسية” قُدمت “في طبق من ذهب للإعلام الجزائري للقيام بالتجديف ضد البلد”.
“مشكلة عقل حكومي”
نبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد الأمينة العامة السابقة للحزب ذاته، رفضت الخوض في ما أثارته جهات داخل الجارة الشرقية، معتبرة أن “عداء النظام الجزائري معروف، وسيركب أي نقاش مماثل للإساءة للمغرب، هذا قدرنا أن لدينا جارا من هذا النوع”، مستدركة بالقول: “الجزائر ستستغلّ موضوعاً مماثلاً، ولكن المشكل هو أن الجهاز التنفيذي الحالي لم ينتبه إلى ما جرى مع فضيحة إيطاليا سنة 2016 مع وزيرة البيئة وقتها حكيمة الحيطي، وكأن العقل الحكومي في حالة غيبوبة”.
وأضافت منيب، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الوسط السياسي الإيطالي حينها انتبه إلى الجدل الدائر بالبلاد، وحين زرت إيطاليا طلبت مني أحزاب يسارية أن أبلّغ اعتذارها إلى جميع فئات الشعب المغربي، لكونها تعرف مدى خطورة وحساسية هذا الموضوع”، مبرزة أن الاختباء وراء القول إن هناك اتفاقية أو قانونا تنظيميا، “يحمل نوعا من المغالطة، على اعتبار أن شراكة أو اتفاقية ما يتعين أن يكون فيها نوع من التوازن والندية والمصلحة المتبادلة، وليس اعتبار بلد ما قابلا لاستقبال النفايات”.
وأوضحت المتحدثة أن “هذا الموضوع يبين أننا بلد متخلف، وهناك شفافية منقوصة في هذا الموضوع من طرف هذه الحكومة التابعة والخاضعة”، مضيفة أن “السلطة التنفيذية تريد تسويق حكومة التكنوقراط بوصفها الخلاص، مع أن جزءا من المسؤولين لا يعرفون مصلحة البلاد وليست لديهم الشجاعة الأدبية والسياسية للدفاع عن هذه المصلحة”، وزادت: “هذه فضيحة تستوجب مراجعة فورية لهذه القوانين التي دفعت بها الوزارة، فكثير من القوانين تضر بالبلد”، وفق تعبيرها.
“نظام يصطاد”
فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، قالت إن “محاولة جهات في الجزائر الركوب على فضيحة الوزيرة بنعلي للإساءة لصورة المغرب، لا يستحقّ الرد عليه. همّنا كنواب للأمة هو الفعل الرسمي الداخلي وانعكاس مصلحة الشعب في المبادرات التي تقوم بها الحكومة”، مبرزة أن “العلاقة مع الشّعب الجزائري يجبُ أن تترفّع عن سفالة الفعل السياسي واللغط الإعلامي، وتحافظ على الأخوة والتاريخ المشترك”.
وعادت التامني، ضمن تصريحها لهسبريس، إلى النقطة الأصل: “فضيحة استيراد النفايات”، وفق توصيفها، مشددة على أن “هذه المهزلة بالفعل مؤطّرة قانونيا. هذا لا غبار عليه، لكنه يطرح من جهة أخرى مشكلة الحكامة التي توجه الاهتمام نحو السؤال المحوري: لماذا نفايات أوروبا وليس بلداناً أخرى؟ وهل المغرب بلد خال كليّا من النفايات من النوع الذي جرى استيراده؟”. وقالت: “هذا الخطأ السياسي يستدعي فتح النقاش بخصوص إعادة النظر في القانون المؤطر”.
وسجلت الفاعلة السياسية: “أننا نستورد الأزبال من أوروبا، غير أننا لا نستورد الطريقة التي يعالجُ بها المارد الأوروبي نفاياته بعد فرزها وتصنيفها وتوجيهها نحو إعادة التدوير”، خالصة إلى أن “مساءلة الوزيرة ليلى بنعلي يجب أن تتم في أقرب الآجال، لتجيب عن بقية الأسئلة المطروحة حيال عملية الاستيراد المثيرة للجدل، وذلك لتوضيح جميع النقط المتصلة بهذا الملف وما إذا كانت النفايات مقترحة من أوروبا أم شركاتنا هي التي تذهب لتستورد”.
رأي الوزارة
وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة قالت في بلاغ لها بخصوص الموضوع إن “عدد التراخيص الممنوحة للشركات المستوردة للنفايات غير الخطرة من أجل التثمين الطاقي أو الصناعي بلغ 416 ترخيصا منذ سنة 2016 إلى حدود اليوم”، مضيفة أن المغرب يركز على الاستيراد من الدول الأوروبية التي تتميز بجودة عالية لأنظمة ووسائل فرز ومعالجة النفايات، مما يضمن الحصول على منتوج ليس له تأثير مضر بالبيئة وبالصحة العامة للمواطنين”.
وأوردت الجهة الحكومية أن “منح التراخيص من أجل استيراد النفايات غير الخطرة يخضع لمسطرة إدارية دقيقة وصارمة، وفق مقتضيات المرسوم المشار إليه سلفا، تتطلب لزاما الإدلاء بوثائق التحاليل الفيزيائية والكيميائية وبطائق تقنية للتعريف بالنفايات المستوردة وبمصدرها”، مسجلة أنه يتم اشتراط “الحصول على رأي الوزارات المعنية بمجال استعمال النفايات موضوع طلب الترخيص، وتتوقف الاستجابة للطلب على التثبت من مدى حاجة الصناعات الوطنية لمثل تلك النفايات كمواد أولية أو تكميلية وبأنها ذات جدوى اقتصادية محققة”.
وزادت أن “استغلال وإعادة تدوير مكونات النفايات غير الخطرة يتطلب توفير أجهزة مدعمة بتقنيات متطورة لرصد ومراقبة الانبعاثات الغازية الناتجة عن عملية الاحتراق، وهو ما يمكن من الحفاظ على جودة الهواء وضمان عدم الإضرار بالبيئة وبالصحة العامة”، مبرزة أن “التجارة الدولية للنفايات غير الخطرة تخضع لمنافسة قوية بين الشركات الدولية المتخصصة وباقي الفاعلين في هذا القطاع، خصوصا مع التطور المتنامي الذي يعرفه مجال تدوير وإعادة استعمال النفايات في إطار ما يعرف بالاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري”.
المصدر: هسبريس