استعمال “ورقة المغرب” في الانتخابات الإسبانية يصل إلى الدعاية الإشهارية
لم يعد يقتصر استخدام اسم “المغرب” فقط داخل الأروقة السياسية والحملات الانتخابية بالجارة الشمالية؛ بل إن الأمر وصل إلى مجال الدعاية الإشهارية، إذ عمدت إحدى أكثر المقاولات “إثارة للجدل” في إسبانيا إلى “استعمال العلم المغربي مرفوقا بصورة رئيس الحكومة سانشيز قصد الترويج لصورتها”.
الواقعة جرت يوم أمس الاثنين، عندما “تفاجأ” سكان شارع أتوتشا بالعاصمة مدريد بملصق دعائي لشركة إسبانية مشهورة في مجال إخلاء المنازل من أصحابها خارج نطاق القضاء يحمل صورة لسانشيز مع العلم المغربي وطائرة رئاسية إسبانية، إلى جانب صورة شخصية لرئيس الشركة، مع عبارة “سانشيز إلى المغرب، ديسكوبا إلى المونكلوا”، تعبيرا عن “انتقادهم للسياسة الخارجية لرئيس الحكومة”.
الملصق أثار “غضب” ساكنة شارع أتوتشا بمدريد، إذ صرح عدد منهم لصحيفة “كادينا سير” الإسبانية بأن “الأمر غير مقبول، ولم يحظ بموافقتنا”؛ الأمر الذي دفع الشركة إلى “سحب الملصق؛ لكن ذلك لن يتم إلا بعد أسبوعين”، وهو ما يزيد من الشكوك حول إمكانية وجود “استغلال انتخابي للملصق”.
في المقابل، لم يتأخر حزب العمال الاشتراكي في رده، إذ أعلن في بيان له تناقلته وسائل إعلام محلية أنه “سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الملصق المسيء لزعيم الحزب بيدرو سانشيز”، مستنكرا في الوقت عينه “توظيف الكراهية في المجال الانتخابي”.
فوبيا المغرب
يجمع مراقبون على أن “المعركة الانتخابية الحالية هي الأشد منذ وقت طويل في إسبانيا، إذ تعرف خطابا شرسا من جميع الأطراف، يكون بشكل مستمر اسم “المغرب” حلقة رئيسة فيه”؛ لكن مع وصول الأمر إلى الحملات الإشهارية المسيئة، فإن الأمر “زاد عن حده”؛ وهو ما يؤكده محمد العمراني بوخبزة، خبير في العلاقات الدولية ومختص في الشأن الإسباني، إذ قال إن “الأمر داخل الحياة السياسية بالجارة الشمالية يعرف وجود فوبيا ضد كل ما هو متعلق بالمغرب”.
وأضاف العمراني بوخبزة، في حديث لهسبرس، أن “المغرب حاضر بقوة لدى الذهنية الجماعية للإسبان؛ فمهما كانت انتماءاتهم الإيديولوجية فإنهم مهوسون بكل ما هو مغربي، إذ تكرس ذلك بشكل كبير عبر وسائل الإعلام والمناهج التعليمية وتحركات المجتمع المدني”.
“في حياة الإسبان تم تكريس فكرة وجود خطر مغربي قادم”، تابع المتحدث عينه في سياق تفسيره للهوس الإسباني باسم المغرب في الانتخابات أو خارجها، موضحا أن “هذا الأمر رسخ نظرة دنيوية للإسبان تجاه المغاربة، معتبرين إياهم أنهم لا يزالون في العصور الوسطى”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية والمختص في الشأن الإسباني إلى أن “التحولات الكبيرة التي عرفتها العلاقات بين مدريد والرباط في الوقت الحالي جعلت العديد من النخب السياسية تؤمن بوجود تغير في الجار الجنوبي، وأنه لم يعد كما كان سابقا”، مؤكدا أن “سانشيز يحرص على إقناع الإسبان بذلك، وبأن مستقبل مدريد يوجد مع المملكة المغربية”.
اليمين المتطرف
من جانبه، سجل سعيد إدى حسن، محلل سياسي وباحث بجامعة كومبلونتسي بمدريد، أن “اللوحة الإشهارية التي أثارت الجدل تابعة لجمعية يمينية متطرفة تحارب الاحتلال غير القانوني للأملاك العقارية من طرف أشخاص فقراء أو محدودي الدخل وغالبيتهم من المهاجرين والغجر”.
وأضاف إدى حسن، في تصريح لهسبريس، أن “اليمين العنصري الإسباني استعمل بذكاء وبخبث شديد هذه اللوحة الإشهارية، التي لا تدخل في إطار الحملة الانتخابية ولا يتبناها أي حزب سياسي، قصد ضرب عصفورين بحجر واحد؛ (سانشيز خلال الحملة الانتخابية، ومساندة حزب فوكس العنصري في حملته الانتخابية) و(إذكاء المشاعر العنصرية ضد المغرب والمغاربة)”.
واعتبر المتحدث عينه أن “اليسار الإسباني، بما فيه الحزب الاشتراكي، خلال العقدين الماضيين، كان دائما يستعمل ورقة حقوق الإنسان والعجز الديمقراطي في المغرب وتقرير المصير لما يسميه بـ”الشعب الصحراوي” للضغط على الحكومات اليمينية”، مشيرا إلى أن “الأحزاب اليسارية الراديكالية والقومية لا تزال تستعمل نفس الأوراق لمساومة الحزب الاشتراكي رغم أنهم حلفاء في الحكومة الحالية”.
حسب المحلل السياسي والباحث بجامعة كومبلونتسي بمدريد، فإن “الحزب الاشتراكي تخلى عن توجهاته العدائية للمغرب تدريجيا منذ تفجيرات مدريد الإرهابية لسنة 2004، بعد أن أدرك أن البلدين يتقاسمان العديد من التحديات والتهديدات؛ على رأسها الإرهاب”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “اليمين الإسباني، عندما يكون في المعارضة يستعمل ورقة الهجرة والأمن والحدود وثغري سبتة ومليلية والمهاجرين المغاربة بدون أوراق إقامة ومسألة ترسيم الحدود البحرية؛ للضغط على الحكومات اليسارية، والآن ومع تصاعد المد العنصري صعد في المقابل اليمين المتطرف من حملته وأصبح يستعمل كل الأسلحة السياسية المتاحة لديه؛ بما فيها الأسلحة المحظورة أخلاقيا مثل سلاح العنصرية والكراهية، وهو ما يتجلى مليا في اللوحة الإشهارية التي تستعمل اسم المغرب”.
المصدر: هسبريس