استبعاد الصين لـ”البوليساريو” من “منتدى التعاون” سير نحو الإقرار بمغربية الصحراء
في موقف شبه رسمي، أكدت الصين عدم اعترافها “بجمهورية البوليساريو” الوهمية، وذلك رغم عضويتها في الاتحاد الأفريقي، حيث أوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، أن بلاده وجهت دعوات لحضور منتدى التعاون الصيني الأفريقي لـ53 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، باستثناء مملكة إسواتيني، دون الإشارة إلى “البوليساريو”.
وحسب منشور للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، عبر منصة X، فإن الصين قد وجهت دعوات لحضور منتدى التعاون الصيني الأفريقي لـ53 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، موضحا أن السبب في استثناء مملكة إسواتيني هو اعترافها بجمهورية تايوان، وهي مسألة تعتبرها الصين مساسًا بسيادتها ووحدة أراضيها.
هذا، وتضمنت الصورة التي وضعها المسؤول الصيني على حسابه الرسمي 53 دولة فقط، موضحا سبب عدم استدعاء مملكة إسواتيني دون الإشارة إلى ما يسمى بـ “الجمهورية الصحراوية”، وهو ما يؤكد أن الصين تعترف فقط بـ 54 دولة المنضوية تحت لواء الاتحاد الإفريقي، وليس 55 دولة.
احترام السيادة
في هذا السياق أوضح خبير الشؤون الاستراتيجية هشام معتضد، أن استبعاد جبهة البوليساريو من قائمة الدول المدعوة لحضور المنتدى الصيني الأفريقي يعد دليلاً واضحاً على التزام الصين باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ “العمق” أن هذا القرار يعكس توجه الصين نحو الابتعاد عن دعم الكيانات غير المعترف بها دولياً، مما يعزز موقف المغرب على الساحة الدولية ويدعم قضيته العادلة في الصحراء، مسجلا أن هذا الموقف يعكس الرغبة في تفادي التورط في النزاعات الإقليمية التي قد تثير خلافات دبلوماسية غير ضرورية.
واعتبر معتضد أن هذا الاستبعاد يؤشر إلى إمكانية تعزيز العلاقات المغربية الصينية، خاصة وأن المغرب يعد شريكاً مهماً للصين في إفريقيا، وتجنب الصين لإثارة القضايا الخلافية مثل قضية الصحراء، يعزز من فرص التعاون بين البلدين على مستويات مختلفة.
وتابع: بفضل استقرار المغرب ودوره المحوري في القارة الإفريقية، تصبح الرباط شريكاً استراتيجياً يمكن للصين الاعتماد عليه، مما يدفع بكلا الجانبين لتعزيز علاقاتهما الدبلوماسية والاقتصادية.
بوابة إفريقيا
من الناحية الاستراتيجية، يُظهر هذا الموقف الصيني حسب المصدر ذاته وعياً بمكانة المغرب كبوابة اقتصادية وجيوسياسية نحو إفريقيا، كما يعد استبعاد البوليساريو خطوة محسوبة تساهم في الحفاظ على علاقات متينة ومستقرة بين المغرب والصين، مما يعزز من موقف المغرب إقليمياً ودولياً ويزيد من فرص التعاون الاقتصادي والدبلوماسي بين البلدين.
وأكد خبير الشؤون الاستراتيجية، أن موقف الصين تجاه عدم إشراك البوليساريو يعتبر تأكيداً ضمنياً على احترامها لمبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ما من شأنه أن يدعم موقف المغرب في المنتديات الدولية ويعزز من شرعيته على المستوى الدولي، مما يساهم في تعزيز علاقات المغرب مع قوى دولية أخرى تدرك أهمية احترام السيادة ووحدة الأراضي.
وحسب المتحدث فإنه بالنظر للتعقيدات السياسة الدولية، فإن تحقيق اعتراف صيني رسمي بمغربية الصحراء يظل هدفاً استراتيجياً للمغرب، يتطلب دبلوماسية ذكية ومستدامة.
وأردف المختص بالقول: “الصين، كقوة عالمية، تتبنى سياسة خارجية تعتمد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ما يجعل من تغيير موقفها تجاه قضية الصحراء المغربية أمراً يجب بناؤه إستراتيجيًا و على المدى المتوسط والطويل، والمغرب المؤسساتي الراهن يمتلك أدوات دبلوماسية واقتصادية يمكن استغلالها بشكل فعال للتأثير على القرار الصيني”.
تحولات تدريجية
وأشار هشام معتضد إلى أن الدبلوماسية المغربية نجحت في إقناع العديد من الدول بعدالة موقفها في قضية الصحراء، مما يوفر للمغرب أرضية قوية للتفاوض مع الصين، مشيرا إلى إمكانية المغرب توظيف علاقاته الاقتصادية المتينة مع بكين ودوره الريادي في إفريقيا للتأثير على مواقف الصين المستقبلية، مما قد يؤدي إلى تحولات تدريجية في موقفها من النزاع.
وشدد المصدر ذاته على إمكانية تعزيز هذه الجهود من خلال تطوير شراكات استراتيجية مع الصين و جعلها متجددة في مجالات حيوية مثل البنية التحتية والطاقة والتنمية المستدامة، ما قد يسهم في تحويل الاعتراف بمغربية الصحراء إلى نتيجة طبيعية لتطور العلاقات بين البلدين، مما يعزز من موقف المغرب على الساحة الدولية.
وأكد على أن تلاشي الدعم الدولي المحدود لجبهة البوليساريو يعكس تحولاً في المواقف الدولية تجاه هذا النزاع، مضيفا أنه مع تصاعد الوعي العالمي بحقيقة الأطراف الداعمة للبوليساريو، قد نشهد في المستقبل القريب تغييرات جوهرية في موقف الصين تجاه هذا النزاع، مما يسهم في إغلاق ملف قضية البوليساريو وإنهاء هذا النزاع المفتعل بشكل نهائي ما يدفع المنطقة باتجاه حل دائم ومستدام.
جدير بالذكر أن الاتحاد الإفريقي حصر قبل أسابيع مشاركة منظمة الاتحاد الإفريقي بالمحافل الدولية الكبرى في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وهو ما شكل حسب خبراء دوليين ضربة دبلوماسية قوية قد تكون هي الأقوى التي وجهها المغرب إلى الطرح الانفصالي منذ عودته إلى الاتحاد القاري سنة 2016.
المصدر: العمق المغربي