ارتفاع درجات الحرارة يهدد إقامة الأولمبياد الصيفية مستقبلا
حذر عدد من نجوم الرياضة وعلماء المناخ من أن الحرارة الشديدة ستجعل من “المستحيل” إقامة دورة الألعاب الأولمبية خلال أشهر الصيف، وسط مخاوف من ظروف خطيرة في أولمبياد باريس هذا العام.
وتعاون مجموعة من الرياضيين الأولمبيين وعلماء المناخ وفسيولوجيا الحرارة من جامعة بورتسموث في إنجلترا لتقييم التهديدات التي ربما يشكلها ارتفاع درجات الحرارة على الرياضيين، وحذروا في تقرير نشر في وقت مبكر صباح اليوم الثلاثاء من أن الحرارة المرتفعة للغاية في أولمبياد باريس، التي تقام خلال شهري يوليوز وغشت القادمين، ربما تؤدي إلى انهيار المشاركين في المنافسات، وفي أسوأ الظروف الوفاة أثناء الأولمبياد.
وتتضمن إحدى توصيات التقرير ضرورة تغيير المواعيد التقليدية لإقامة المسابقات بحيث تقام في الأشهر الأكثر برودة أو في الأوقات التي تتحسن خلالها درجة الحرارة أثناء اليوم.
وقالت كايتلين ترودو، كبيرة الباحثين المشاركين في مركز المناخ المركزي، في حديثها للصحافيين قبل صدور التقرير: “بدون جهود متضافرة للحد من انبعاثات الكربون ليس هناك شك في أن درجات حرارة الأرض تمضي على مسار سيجعل من شبه المستحيل، إن لم الأمر يكن مستحيلا تماما، إقامة الألعاب الأولمبية الصيفية”.
وأضافت ترودو أن الحرارة الشديدة المقترنة بارتفاع الرطوبة تعني أن الجسم يواجه صعوبة في القيام بعملية التبريد، ما قد يؤدي إلى ضغط حراري عليه، ومن ثم الإصابة بالدوخة، والإرهاق، وضربات الشمس.
وصرح صامويل ماتيس، لاعب رمي القرص ضمن الفريق الأولمبي الأمريكي، بأن الظروف الحارة عطلت التصفيات الأولمبية لألعاب القوى عام 2021، التي كانت تتعين إقامتها في المساء رغم أن درجة الحرارة كانت مازالت تصل إلى حوالي 30 درجة مئوية، وزاد: “أعتقد أنه في كثير من الأماكن، بالولايات المتحدة وحول العالم، ستصبح المنافسات الصيفية مستحيلة بشكل أساسي حال عدم إقامتها في منتصف الليل”.
أما جيمي فارنديل، لاعب فريق الركبي الأمريكي، فقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) إن الحرارة الشديدة “تأخذ الكثير منك” أثناء اللعب، وأضاف: “وجدت نفسي في هذه الظروف حيث يحاول المرء حرفيا اجتياز المرحلة التالية من اللعب، وتشعر يداه بالتعرق، ويمكنه (فقط) التركيز على الإمساك بالكرة، لذلك أعتقد أن ذلك يجعل المباراة أسوأ. إنه أمر خطير أيضا”.
وطالب اللاعب البريطاني القطاع الرياضي بأن يدق “جرس إنذار” لتجنب ما هو أسوأ من ارتفاع درجات الحرارة، وكذلك النظر في أساليب التعامل مع الأمر من خلال تغيير مواعيد المنافسات.
ونظر باحثو المناخ في كيفية تغير درجات الحرارة منذ استضافة العاصمة الفرنسية باريس الألعاب الأولمبية للمرة الأخيرة قبل قرن من الزمان، وتحديدا عام 1924، إذ يشير التحليل إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار 3.1 درجة خلال تلك الأسابيع في شهري يوليوز وغشت؛ كما وجدوا أن هناك خطرا متزايدا من الحرارة الشديدة في أولمبياد باريس هذا العام، مستشهدين بموجة الحر القاتلة التي عانت منها فرنسا عام 2003، وأودت بحياة أكثر من 14 ألف شخص، بالإضافة إلى رصد درجات حرارة قياسية، تجاوزت 42 درجة، خلال الأعوام التالية.
ويأتي ذلك بعد أن أصبحت النسخة الأخيرة من الألعاب (أولمبياد طوكيو 2020) تعرف باسم “الأكثر حرارة في التاريخ”، حيث تجاوزت درجات الحرارة 34 درجة وبلغت نسبة الرطوبة ما يقرب من 70%.
وفي حديثه عن تلك الألعاب قال لاعب التنس النيوزيلندي ماركوس دانييل، الحاصل على الميدالية البرونزية في الأولمبياد: “شعرت بأن الحرارة كانت تقترب من المجازفة الحقيقية نوع المخاطرة التي يمكن أن تكون قاتلة”.
من جانبها أكدت العداءة الهندية براجنيا موهان، التي تعد أبرز رياضية في تاريخ بلادها، إنها لم تعد قادرة على التدريب في وطنها بسبب ارتفاع الحرارة الشديد.
وأشارت موهان إلى أن الرعاة يرغبون في “مزيد من المتابعة الجماهيرية”، ولذلك تميل لإقامة المنافسات في فترة ما بعد الظهر لتحقيق أقصى قدر من المشاهدة، وهو ما جعلها تتنافس في ظروف “خطيرة للغاية”، مع وصول درجات حرارة إلى أعلى من 40 درجة ونسبة رطوبة تزيد عن 80٪.
وحدد التقرير الذي أصدرته الجمعية البريطانية للرياضة المستدامة خمس توصيات لدعم وحماية الرياضيين بشكل أفضل من الحرارة الشديدة.
وبالإضافة إلى تغيير مواعيد إقامة المنافسات لتجنب درجات الحرارة القصوى دعت هذه المنظمات السلطات الرياضية إلى تقديم خطط للتعامل مع الأمر بشكل أفضل وتوفير التبريد للرياضيين، وتمكينهم من التحدث علنا عن تغير المناخ، وتعزيز التعاون بين الهيئات الرياضية والرياضيين في حملات التوعية المناخية، وإعادة تقييم رعاية الشركات التي تعتمد على الوقود الأحفوري في مجال رياضة.
وفي المقابل شدد البريطاني سيباستيان كو، رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى والحاصل على ميدالية أولمبية في 4 دورات، على أنه “بالنسبة للرياضيين يمكن أن تكون العواقب متنوعة وواسعة النطاق، بدءا من المشكلات الصغيرة التي تؤثر على الأداء، مثل اضطراب النوم والتغييرات في اللحظة الأخيرة في توقيت الأحداث، إلى التأثيرات الصحية المتفاقمة والإجهاد والإصابات المرتبطة بالحرارة”.
وأوضح كو: “مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في أنحاء العالم يجب أن يتم النظر إلى تغير المناخ بشكل متزايد على أنه تهديد وجودي للرياضة”.
المصدر: هسبريس