ارتفاع حقينة “سد أكدز الجديد” يبعث مخاوف نشطاء من استغلال “مافيا الدلاح”
في ظل العطش الموسمي الناجم عن ضعف البنية التحتية المائية بإقليم زاكورة، تعيش ساكنة تلك المناطق جفافا موسميا يتكرر كل صيف، ما جعل تشييد سد أكدز يبعثُ آمال العديد من الخبراء في المناخ والتنمية المستدامة.
وشهدت حقينة سد أكدز الجديد ارتفاعا إلى 15% بعد التساقطات المطرية الأخيرة، التي عمت جل مناطق المملكة المغربية في الأسابيع القليلة الماضية.
سد أكدز، الذي انتهت أشغاله حديثا، مازالت الساكنة تنتظر مساهمته الفعلية في تخفيف حدة “العجز المائي” الذي تعرفه المنطقة، وتوفير مياه سطحية صالحة للشرب والاستهلاك، لكن جمعويين بالمنطقة يتخوفون من أن يتم تحويل مخزون هذا السد إلى “الزراعات الدخيلة”، كالبطيخ الأحمر.
جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة، قال إن “هذا السد الذي كان منتظرا يشكل منشأة مائية مهمة في منطقة تعاني من العجز المائي بإقليم زاكورة، بعدما سجلنا مرارا خصاصا في الاستثمار في هذا الجانب”، مضيفا: “كنا كجمعويين، اقترحنا عدة سدود في مناطق مختلفة، لكن هذا السد كان خبرا رائعا بالنسبة لساكنة المنطقة وللمجتمع المدني”.
وعبر أقشباب، ضمن تصريحه لهسبريس، عن تخوفه من أن يتم تحويل هذا السد عن مهمته الأصل، التي هي تزويد الساكنة بالماء الصالح بالشرب بشكل حصري، أي أن يرفع العجز المائي عن حوالي 25 جماعة ترابية بالإقليم على مراحل، ويساهم في إنعاش الفرشة المائية للمنطقة.
كما شدد رئيس جمعية أصدقاء البيئة على أنه “لا بد من تدبير هذا السد بطريقة عقلانية، مع التركيز على سد الخصاص وتوفير حاجيات المواطنين من الماء، خصوصا مع الظروف المناخية القاسية، بما أنه لا يمكن أن يكون موردا للشرب والفلاحة معا في الوقت الحالي”.
ومن ضمن الحلول التي اقترحها المتحدث لسقي واحات المنطقة، أن “يتم تزويد سد أكدز بحقينة معينة من سد المنصور الذهبي، أي أن تمر فقط عبر سد أكدز، أما حقينة سد أكدز فينبغي أن تظل حصرا للماء الصالح للشرب، لأن من أدوار سد المنصور الذهبي أن يسقي 26 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية بالمنطقة”.
من جانبه، لم يُخف محمد البيض، فاعل جمعوي بالمنطقة، أن “هناك تخوفات كثيرة عند النشطاء البيئيين من أن يتم توجيه مخزون هذا السد للزراعات الدخيلة المستنزفة للفرشة المائية، كالبطيخ الأحمر، لأن هذا سيفرغ السد من وظيفته الاستراتيجية، وهي الحد من الندرة الحادة التي تعرفها المياه نواحي زاكورة”.
وأوضح البيض، في تصريح لهسبريس، أن “مشكل العطش مازال مستمرا إلى اليوم، حتى بمنطقة أكدز التي تبعد عن السد بأقل من 20 كيلومترا، وأيضا تمزموط التابعة لدائرة أكدز، وجماعة توزولين وترناتة أيضا، ومناطق أخرى كثيرة”.
“السد بالفعل حل عملي”، يقر المتحدث لهسبريس، لكنه أضاف أن “الأمور مرتبطة أساسا بالتساقطات المطرية، يعني يجب انتظار الغيث ليمتلئ السد، علما أن الجفاف يضرب المغرب كاملا”، مبرزا أنه “لا بد من التعامل بحزم مع المستثمرين في مجال البطيخ الأحمر، نظرا لكونهم لم يحترموا القرار العاملي الذي يمنع استغلال أكثر من هكتار واحد في هذه الزراعة”. وبالتالي، “يجب منع الدلاح بصفة نهائية بزاكورة، ونقل إنتاجه إلى مناطق تعرف وفرة في العرض المائي”، يقول المتحدث.
وفي ختام تصريحه، نبه البيض إلى أن “الدلاح مازال مستمرا في استنزاف الفرشة المائية، ما يعني أنه باستمرار ضيعات الدلاح، سيستمر مشكل العطش بزاكورة إلى أجل غير مسمى”، موردا أن “السد بعث آمالا في الساكنة، وأملنا أن يقوم بسد الخصاص المهول في الماء الذي تعيشه المنطقة، حتى لو بنسبة 20%، بما أن كل لتر من الماء مهم بالنسبة لساكنة مناطق زاكورة”.
يشار إلى أن سد أكدز تم تشييده حديثا، ضمن سياسة السدود، بغلاف مالي إجمالي يقدر بـ1234 مليون درهم وبحقينة إجمالية تبلغ 317 مليون متر مكعب، وذلك لتقوية العرض المائي ومحاربة ومواجهة التحديات الناجمة عن ظاهرة الجفاف المتكرر بمناطق زاكورة.
المصدر: هسبريس