“اختلالات واسعة” في تدبير الموارد البشرية بقطاع الصحة وفق المجلس الأعلى للحسابات
لاحظ المجلس الأعلى للحسابات في تقرير قدمته رئيسته زينب العدوي، هذا الأسبوع في البرلمان، عددا من النقائص في تدبير الموارد البشرية في قطاع الصحة موصيا بعدد من التدابير لتجاوزها.
وأشار التقرير بداية إلى أن عدد العاملين في القطاع الصحي من موظفين وأطباء وممرضين وتقنيين بالوزارة المكلفة بالصحة قد بلغ خلال سنة 2021 ما مجموعه 59 ألف و127 موظف، أي ما يعادل 10.4 في المائة من مجموع الموظفين المدنيين بالوظيفة العمومية، فيما بلغت نفقات هؤلاء الموظفين 10.4 مليارات درهم بنسبة تصل إلى 44 في المائة من الميزانية الإجمالية للوزارة.
وعلى الرغم من ارتفاع المعدل الإجمالي لكثافة العاملين الصحيين لكل 10 آلاف نسمة من 15.1 سنة 2011 إلى 17.1 سنة 2021، لاحظ التقرير أن كثافة الأطباء في القطاع الخاص قد ارتفعت بـ1.3 في المائة على حساب كثافة أطباء القطاع العام التي تراجعت بـ0.3 نقطة.
أما بخصوص تدبير العاملين الصحيين التابعين لوزارة الصحة، فسجل التقرير وجود خصاص ملحوظ مع سوء توزيع الأطر الطبية والتمريضية على المستوى الجغرافي والوظيفي بشكل لا يعتمد على معايير موضوعية.
وهكذا وفيما يخص التوزيع الترابي للأطر الطبية، سجل التقرير وجود تفاوتات كبيرة في كثافة الأطباء، حيث تتراوح مثلا بين 1.75 طبيب لكل 10 آلاف نسمة في جهة مراكش آسفي، وبين 4.56 طبيب في جهة كلميم واد نون.
كما يلاحظ التفاوت بين المجالين الحضري والقروي، حيث تبلغ هذه الكثافة في الحواضر 2.71 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، في حين لا تتجاوز 0.74 في المجال القروي.
بالإضافة إلى ذلك، وعلى مستوى التأطير الطبي للمراكز الصحية، يسجل التقرير أنه لم تتم ترجمة التوجه الاستراتيجي للوزارة نحو تعزيز تغطية المراكز الصحية بالمجال القروي بالأطر الطبية، بشكل ملموس على أرض الواقع.
ويشير التقرير إلى أن شبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية تضم 2128 مركزا صحيا، 60 في المائة منها توجد في المجال القروي، لكن يشتغل بها 41 في المائة فقط من أطباء هذا الصنف، وذلك بمعدل إشراف طبي يقل عن طبيب واحد لكل مركز، فيما تتوفر المراكز الحضرية التي تمثل 40 في المائة من مجموع مراكز هذه الشبكة على 59 في المائة من الموارد الطبية بمعدل إشراف طبي يبلغ 2.49 لكل مركز.
والأمر ذاته ينسحب على تمركز الممرضين، حيث يوجد 81 في المائة من الممرضين وتقنيي الصحة في المجال الحضري، مقابل 19 في المائة فقط في المجال القروي.
وفيما يتعلق بتوزيع الأطر الطبية حسب شبكات العلاجات، وعلى أساس العدد الإجمالي للأطباء، يسجل التقرير أن الأطباء الممارسين في المستشفيات يشكلون ما يقارب 52 في المائة مقابل 32 في المائة على مستوى مؤسسات الرعاية الصحية الأولية و16 في المائة من الهياكل الأخرى. ويعتبر التقرير أن من شأن هذه التركيبة أن تعيق تنزيل مخطط تنظيمي فعال لعرض العلاجات الصحية يستند على قنوات الرعاية الصحية على اعتبار أن مؤسسات الرعاية الصحية الأولية تشكل البوابة الرئيسية لولوج المنظومة الصحية.
كما يشير التقرير إلى تطور أعداد الأطر الطبية في اتجاه تعزيز التخصص على حساب الطب العام، إضافة إلى تراجع الاختصاصات ذات الأولوية مقارنة مع الاختصاصات غير ذات الأولوية. وفي هذا الإطار يسجل التقرير انخفاض حصة بعض الاختصاصات الجراحية وخصوصا الجراحة العامة وأمراض النساء والتوليد، في حين عرف تطور أعداد الأطر الطبية منحى لا يخدم تدعيم علاجات القرب، يقول التقرير مؤكدا أنه في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الأطر الطبية في شبكة المستشفيات، انخفض عدد الأطباء في شبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية.
وسجل التقرير غياب سياسة حقيقية للموارد البشرية في القطاع ما أفرز اختلالات بالغة التأثير على هذه الموارد، مع انخفاض جاذبية القطاع العام، ما صعب الاحتفاظ بالموارد البشرية على مستوى المنظومة الصحية.
وفي توقعاته للموارد البشرية، خلص التقرير إلى أن العجز في عدد الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة سوف يستمر في التفاقم مما سيتعذر معه تحقيق تغطية مناسبة، كما حددتها منظمة الصحة بنسبة 4.45 عاملا صحيا لكل ألف نسمة.
وأوصى التقرير باتخاذ تدابير فعالة لتعزيز هيئة الأطباء العامين، وضمان تطوير الاختصاصات ذات الأولوية، وتوزيعها بشكل يتوافق مع الحاجيات الحقيقية للساكنة وخصوصيات مختلف جهات المملكة. كما حث المجلس على اعتماد سياسة متعلقة بتوظيف وحركية الموارد البشرية الصحية من شأنها تعويض أعداد المغادرين وضمان توزيع متوازن لهذه الموارد بين الجهات وتصحيح التفاوتات والاختلالات بشكل مستمر.
المصدر: اليوم 24