اتصال المغرب بحكومة سوريا.. “دبلوماسية متأنية” تنتصر لدعم السيادة الشعبية والترابية
أجرى المغرب أول اتصال رسمي مع القيادة السورية الجديدة بعد مرور 22 يومًا على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، عقب زحف قوات المعارضة إلى العاصمة دمشق، وسيطرتها على مقاليد الحكم في البلاد، لتنهي بذلك 53 عامًا من حكم عائلة الأسد، و61 عامًا من حكم حزب البعث.
وأفاد بلاغ مقتضب لوزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، اليوم الإثنين، بأن وزير الخارجية السوري الجديد، أسعد الشيباني، تلقى اتصالاً هاتفيًا من وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة.
في هذا السياق، أوضح الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أنس الحيمر، أن قيام وزير خارجية المملكة المغربية بإجراء مكالمة هاتفية مع نظيره السوري المعين حديثًا بعد سقوط نظام بشار الأسد، ودخول الثوار إلى دمشق العاصمة، لهو أمر في غاية الأهمية والدلالة، خصوصًا وأن المملكة قد تَروَّت في المسألة إلى أن اتضح الجو العام الإقليمي والدولي والسوري أيضًا.
ولفت الحيمر في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن تفاعل المملكة بهذا الشكل الذي ربما لا يرقى إلى ما قامت به عدة دول أخرى، سواء التي أوفدت وزراء ومبعوثين من مستوى عالٍ، أو التي بادرت إلى تعيين سفراء لدى الإدارة الجديدة، لكون المغرب قد لا يكون محتاجًا إلى إرسال إشارات قوية بقدر ما هو محتاج إلى التذكير بالأرصدة المتراكمة سابقًا.
وأضاف: “لن نكون بعيدين عن الحقيقة إذا قلنا إن موقف المغرب قد اكتملت معانيه وتجلياته منذ سنة 2012. وقد كان موقف المغرب محكومًا بثنائيتين: فمن الناحية القانونية، حرص المغرب على وحدة سوريا الترابية، وسيادتها الوطنية، واللحمة المجتمعية. ومن الناحية السياسية، صرح المغرب بأنه مع الشعب السوري في اختياراته التي تلائم تطلعاته.”
وعلى المستوى السياسي، أكد الباحث ذاته، أن المملكة المغربية، برهنت على صدق لهجتها في دعم تطلعات الشعب السوري، وتفضيل الحل السلمي لمشاكل سوريا الداخلية، وبادرت إلى اعتبار سفير النظام شخصًا غير مرغوب فيه في المملكة، وسحبت سفيرها من سوريا. ويحسب للمغرب أيضًا أنه على أراضيه وباستضافته، اتخذ المؤتمرون في قمة أصدقاء سوريا بمراكش، القمة التي عرفت حضور 114 دولة سنة 2012، قرارًا باعتبار الائتلاف السوري المعارض ممثلًا شرعيًا للشعب السوري.
وأشار إلى أنه يُحسب للمغرب حرصه على إثارة الانتباه إلى أبعاد الأزمة السورية الإنسانية؛ فقد كان الملك محمد السادس أول رئيس دولة يزور مخيمًا للاجئين السوريين في الزعتري بالأردن، وكان من طليعة الدول التي ساهمت في تقديم الخدمات الصحية والإنسانية اللازمة للاجئين السوريين طيلة 12 عامًا مضت، ناهيك عن السوريين المقيمين بالمملكة.
وخلص إلى أنه “بمجرد الحديث عن سوريا موحدة ذات سيادة، وشرعية شعبية، فإن المغرب جاهز دائمًا لبحث العلاقات الثنائية على أساس المصالح المشتركة.”
هذا وأوضح بلاغ وزارة الخارجية أن بوريطة أكد لنظيره السوري دعم المغرب للشعب السوري، ودعمه لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، والقواسم المشتركة بين البلدين. وبحسب المصدر ذاته، فقد شدد وزير الخارجية المغربي على ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين.
وكان المغرب قد قطع علاقاته الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد سنة 2012، كرد فعل على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بحق المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام، فيما ظل نظام الأسد داعمًا لجبهة “البوليساريو” الانفصالية لعقود طويلة.
ومنذ سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر الجاري، خلال هجوم المعارضة الذي قادته هيئة تحرير الشام بدعم من فصائل مسلحة أخرى، توالت الاتصالات والزيارات الدولية إلى سوريا، خاصة بعد التطمينات التي بعثها قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، إلى المجتمع الدولي بخصوص الوضع السياسي الجديد في البلاد.
المصدر: العمق المغربي