اخبار المغرب

ابتدائية البيضاء تبدأ محاكمة المتهمين في ملف الترامي على الأراضي السلالية

من المنتظر أن تنطلق أولى جلسات محاكمة المتهمين المتورطين في قضية “بيع البناء العشوائي والتجزئات السرية فوق الأراضي التابعة للجماعات السلالية” يوم الخميس المقبل، بالمحكمة الابتدائية الزجرية بمدينة الدار البيضاء.

ويتابع المتهمون في الملف الموضوعين رهن الاعتقال بتهم تتعلق بالنصب عن طريق التصرف في أموال غير قابلة للتفويت، وتشييد بناء من غير الحصول على رخصة سابقة بذلك وفي منطقة غير قابلة بموجب النظم المقررة لأن يقام بها المبنى المشيد، وإقامة بناية فوق ملك على الأراضي التابعة للجماعات السلالية من غير الحصول على الرخص المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

تفاصيل الملف

كما يتابعون أيضا بإحداث مجموعة سكنية من غير إذن مسبق وفي منطقة غير قابلة لاستقبالها بموجب النظم المقررة، وإحداث مجموعة سكنية فوق ملك على الأراضي التابعة للجماعات السلالية، والقيام بإعداد وثائق تتعلق بالتفويت أو بالتنازل عن عقار مملوك لجماعة سلالية خلافاً للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل.

وتعود تفاصيل القضية إلى 8 نونبر 2023، عندما قدم مصطفى العسري شكاية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء ضد (سعيد.ع)، مفادها أن الأخير قام باستغلال أرض الشياع المسماة “كور العياد” ذات الرسم العقاري 4021/د والبالغ مساحتها هكتارين تقريباً، والمتموقعة بدوار العمامرة أولاد صالح عمالة النواصر، والتي كانت تتكون من منزل كبير وإسطبلات.

وجاء في الشكاية أيضاً أن “المشتكى به استغل المتروك بسوء النية من خلال تقسيم المنزل والإسطبلات السالفة الذكر وتجزيئها إلى منازل عشوائية تم بيعها للأغيار غير السلاليين وليسوا من ساكنة الدوار، إذ عمد إلى تجزيء مساحة تقدر بـ3500 متر مربع وبيع حوالي 23 منزلاً عشوائيًا بدون علم أصحاب الأرض من خلال عقود بيع عرفية مصححة الإمضاء في جماعات خارج التراب الإقليمي، لنتفاجأ بأنه تم بيعها كدور للصفيح، مستغلاً ثقتنا التي منحناه إياها من أجل رعاية الأرض والمسكن وعملنا خارج المنطقة”.

وبناءً على هذه الشكاية المقدمة إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، تم الاستماع إلى مصطفى العسري والمشتكى به (سعيد.ع) من طرف عناصر القيادة الجهوية سرية بوسكورة، غير أن الشكاية تم حفظها حسب المدعي.

وقبل هذا التاريخ بحوالي ثلاث سنوات، أي بتاريخ 14 دجنبر 2020، تم تحرير محضر معاينة واستجواب من طرف مفوضة قضائية، التي أكدت من خلاله أنها عاينت على أرض “كور العياد” بدوار العمامرة بالنواصر وجود مجموعة من البنايات السكنية العشوائية والتي تقدر بـ16 دارًا من دور الصفيح، حيث يستغل مجموعة من ذوي الحقوق هذا التجمع العشوائي منذ سنة 2008 أو أكثر.

وفي 20 يناير الماضي، تقدم القائد رئيس الملحقة الإدارية أولاد صالح إلى وكيل العام للملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بشكاية حول الترامي على أرض سلالية وتجزيئها سريًا والبناء فوقها دون إذن قانوني مسبق مرفقة بمجموعة من المحاضر.

وتفيد هذه الشكاية أن مخالفات ظاهرة الترامي على أراضي الجماعات السلالية تمت في إطار المساحة الأرضية التي تبلغ 70 هكتارًا بمنطقة العمامرة، التي من المنتظر أن تُشيد فوقها منطقة لوجيستيكية من طرف الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية، حيث اقتنت هذه الوكالة العقار المشار إليه أعلاه بمقتضى عقد التفويت المبرم مع مصالح وزارة الداخلية الجهة الوصية على الأراضي السلالية.

وأضافت الشكاية أن الضابطة القضائية قامت بمعاينة مجموعة من الخروقات في مجال الترامي والتجزئة السريّة والبناء بدون ترخيص فوق هذا العقار الكائن بدوار العمامرة التابع للملحقة الإدارية أولاد صالح إقليم النواصر.

تراخيض غير قانونية

ووفق نفس الشكاية، فإن الخروقات المرتكبة من طرف المسمى (سعيد.ع) تمثلت في تجزئة وبيع مجموعة من القطع الأرضية بالعقار السلالي المشار إليه أعلاه، وتشييد فوقه مجموعة من البنايات بدون تراخيص قانونية، بهدف تحقيق منافع مادية خاصة على حساب ذوي الحقوق تفوق أكثر من مليوني ومائتي ألف درهم (2.200.000.00 درهم) على حساب أكثر من 29 شخصًا.

وتم تسجيل نفس الخروقات المرتكبة من طرف المسمى (محمد.ع) غير أن المبلغ المالي يفوق أكثر من ثمانمائة وسبعين ألف درهم (870.000.00 درهم)، تم استخلاصه من قبل الضحايا الذين يصل عددهم إلى 12 شخصًا، كما أنه بهدف تحقيق منافع مادية خاصة على حساب ذوي الحقوق، قام بكراء بقعة أرضية تابعة للأراضي السلالية بالعمامرة، والتي تبلغ مساحتها 60 مترًا مربعًا، لإحدى الشركات المتخصصة في مجال الاتصالات من أجل تثبيت لاقط هوائي لاسلكي، بسومة كرائية شهرية قدرت بـ2500 درهم مبدئيًا لمدة 15 سنة قابلة للتجديد من تاريخ 18 ماي 2017، دون سلوك المسطرة القانونية المعمول بها في هذا المجال، وخاصة موافقة مجالس الوصايا على الأراضي السلالية.

وبعد مرور يوم واحد عن إرسال القائد رئيس الملحقة الإدارية أولاد صالح شكاية إلى النيابة العامة، أي 21 يناير الماضي، وجه وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء تعليمات إلى القائد الجهوي للدرك الملكي بنفس المدينة تقضي بفتح بحث قضائي في موضوع الشكاية والاستماع إلى كل من المشتكى بهما المسميين (سعيد.ع) و(محمد.ع) حول الوقائع الواردة بها مع تكليفهم بالإدلاء بما يفيد ملكيتهما للعقار موضوع النزاع ورخص البناء المتعلقة بذلك.

كما تم القيام بالمعاينات اللازمة والاستماع لمستغلي البنايات حول طريقة حيازتها، وإلى كل من تبث تورطه في القضية مع التنسيق مع السلطة المحلية لتبيان توضيحاتها والاطلاع على الوثائق الخاصة بالنزاع مع ربط الاتصال بهذه النيابة العامة لتلقي التعليمات المناسبة على ضوء نتيجة البحث، وذلك داخل أجل لا يتعدى 15 يومًا من تاريخ التوصل.

محاضر استماع

وفي 22 يناير 2025، وجه قائد المركز القضائي ببسكورة طلبًا إلى قائد الملحقة الإدارية أولاد صالح من أجل إعداد تقرير مفصل يتضمن الصبغة الجماعية للأرض موضوع النزاع، مع تحديد ملكيتها واستغلالها قبل وقوع النزاع.

وفي نفس التاريخ، تم الاستماع لجميع الضحايا الذين يصل عددهم إلى 42 شخصًا، حيث أفاد جميعهم حسب مضامين محاضر الدرك الملكي أنهم اشتروا منازل عشوائية من المتهمين المتورطين في القضية، بمبالغ مالية غير محددة، إذ أصروا على متابعة المشتكى بهما أمام العدالة من أجل النصب عن طريق الاحتيال.

ويؤكد الضحايا، أنهم لا يعلمون بتاتا أن الأرض التي يقطنون فوقها تابعة للأراضي الجماعية السلالية، حيث كان هذا الأخير يؤكد لهم بأن الأرض المتنازع عليها امتلكها بموجب عقد صدقة محرر له من طرف والده المرحوم، علما أنه كان يقوم بعملية تصحيح الإمضاءات على العقود الموقعة عبر العديد من الملحقات الإدارية بالعاصمة الاقتصادية.

وكان المتهم لم يستقر على ملحقة إدارية واحدة، وهو ما يثير الشكوك حول عمليات بيع المساكن العشوائية المبنية على الأراضي السلالية، لاسيما وأن أغلب العقود مصححة بمقاطعات الفداء والحي الحسني وابن مسيك والمعاريف وسباتة.

عقود تنازلات

وفي يوم 24 يناير 2025، تم استنطاق المشتكى به الأول المتقاعد (محمد.ع) من طرف جهاز الدرك الملكي ببسكورة، الذي أكد أنه من ذوي الحقوق بالجماعة السلالية العمامرة، وأن القطعة الأرضية موضوع النزاع الكائنة بالمكان المسمى “كور عياد” والتي تقدر مساحتها بـ19000 متر مربع هي فعلاً تابعة لأراضي الجماعة السلالية العمامرة، إذ كانت حيازتها تعود إلى والده المرحوم الذي كان يستغلها في السكن والفلاحة وتربية المواشي.

وأضاف أنه منذ 1986 بعد وفاة والده انتقلت ملكية استغلال الأرض إلى حوزته، وخلال سنة 2000 تقريبًا قام بالبناء فوق جزء من هذه الأرض تقدر مساحتها بـ200 متر مربع وتسييجها بأسوار دون السقف، حيث قام بالتنازل عنها للمسمى (الميلودي.ج) مع مساحة أرضية عارية تقارب الهكتار، وذلك بموجب عقد تنازل مصحح الإمضاء بالجماعة القروية أولاد صالح، مقابل مبلغ مالي قدره 47.500.00 درهم تسلمها كاملة من المشتري المذكور، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه.

وأوضح أيضًا أن الدافع الوحيد الذي كان وراء بيع البناء العشوائي فوق الأراضي السلالية هو مرض زوجته المرحومة التي كانت تعاني من مرض القلب وتشمع الكبد، إذ اعترف بتشييد 9 منازل عشوائية وبيعها لأشخاص من الأغيار ليسوا من ذوي الحقوق بالجماعة السلالية العمامرة.

ونفى المتهم المذكور علمه بأن الأراضي السلالية لا يجوز بيعها أو تفويتها للغير، مؤكدًا أنه لم يقم بعملية النصب على مستغلي البنايات التي قام ببيعها، حيث أخبرهم قبل توقيع العقود أن المنازل مبنية بدون تراخيص ومن صنف الأراضي الجماعية.

وقال المتهم الثاني الذي يملك حوالي 3700 متر مربع من الأرض المسماة “كور عياد” إنه قام بتجزئة جزء منها إلى قطع أرضية شُيدت عليها مساكن والتي قام ببيعها إلى مجموعة من الأشخاص، إذ لم ينكر تفويت المساكن التي تحمل اسمه رغم أنهم لم يتوفروا على الصفة السلالية، مشدداً على أن عملية تشييد المباني العشوائية كانت بمعية والده.

وفي نفس اليوم تم وضع المتهمين تحت تدبير الحراسة النظرية بأمر من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بعد إحاطته بجميع التفاصيل المتعلقة بالمعاينات وتصريحات المشتكى بهما وأيضًا الضحايا.

وأكد المركز القضائي للدرك الملكي ببسكورة أنه لم يتوصل بجواب السلطات المحلية بخصوص الطلب المتعلق بإعداد تقرير مفصل في الموضوع يبين الصبغة الجماعية للأرض موضوع النزاع، لمن تعود ملكيتها واستغلالها الموجه إلى السلطة المحلية، في حين أنه سيتم التحقق من عقود التنازلات عن محل سكنى وتصحيحات الإمضاءات عليها، وكيفية ربط هذه المنازل العشوائية بالتيار الكهربائي والماء.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *