أدانت المحكمة الابتدائية بأكادير أستاذا جامعيا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، في قضية سرقة علمية، بعد تورطه في نسب مؤلف أكاديمي إلى نفسه ونشره باسمه الشخصي دون وجه حق.
وجاء الحكم الصادر في حق الأستاذ المعني، أمس الثلاثاء، بعد أن تقدم أستاذ جامعي متقاعد من جامعة القاضي عياض بشكاية يتهم فيها زميله السابق، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، بسرقة مؤلف صدر له سنة 2001، واستعماله في التدريس والنشر دون إذن أو اعتراف بالمصدر.
وقضت المحكمة المذكورة، بإدانة المتهم من أجل ما نسب إليه، وحكمت عليه بغرامة مالية قدرها 10.000 درهم، مع تحميله مصاريف الدعوى والإجبار في الأدنى. كما ألزمت المحكمة الأستاذ المُدان بأداء تعويض مدني لفائدة المشتكي قدره 25.000 درهم.
وفي إجراء غير مسبوق، أمرت المحكمة بوضع حد للخرق الحاصل في حقوق المؤلف، من خلال إزالة الجزء المنقول من الكتاب المزعوم من جميع وسائط النشر، بما في ذلك النسخ المطبوعة، وصفحات التواصل الاجتماعي، والحساب الإلكتروني بمحرك البحث “Google”.
كما تم التنصيص على تبليغ الحكم إلى جامعة ابن زهر، باعتبارها جهة معنية تم إدخالها في الدعوى.
الوثائق المرفقة بالملف كشفت أن السرقة شملت 228 صفحة من أصل مؤلف أصلي يغطي ثلاثة فصول، نسخ منه ما يقارب 99% وفق تقنية “النسخ واللصق”، مع إدخال تعديلات طفيفة، لا تتعدى عشر صفحات، اعتمدت فقط لتمويه النسخ وتقديم العمل على أنه جديد.
المشتكي اعتبر في شكايته أن ما وقع لا يمثل فقط اعتداء على حقوقه الفكرية، بل يُشكل خرقًا أخلاقيًا خطيرا من طرف أستاذ يفترض فيه أن يكون قدوة في احترام قيم الأمانة العلمية ونشر المعرفة، لا الاستيلاء عليها.
يشار إلى أن هذه القضية المتعلقة بالسرقة العلمية ليست هي الوحيدة التي هزت جامعة ابن زهر، حيث سبق لعدد من أساتذة التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير وأن خاضوا اعتصاما إنذاريا، أمام رئاسة جامعة ابن زهر، وذلك احتجاجا على ما وصفوه بـ”تواطؤ إدارة المؤسسة في ملف سرقة علمية” تورط فيه أحد الأساتذة.
جاء ذلك بعد سلسلة من الشكايات والمراسلات التي وجهها الأساتذة المعنيون إلى كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ورئاسة جامعة ابن زهر، ومدير المؤسسة المعنية، كان أولها بتاريخ 20 أكتوبر 2023، وآخرها في 12 مارس 2025.
وأوضح المشتكون أن “الإدارة عملت على تعطيل عمل اللجنة العلمية للمؤسسة من عدم اتخاذ أي قرار بخصوص الملف، بالرغم من وجود وثائق تثبت وقوع السرقة العلمية، تتمثل في مقالات منشورة وأطروحات جامعية”، حسب تعبيرهم.
وتفجرت القضية بعد مراسلة صادرة عن مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بتاريخ 26 نونبر 2024، أشار فيها إلى أن اللجنة العلمية، التي يرأسها بموجب القانون، لم تتمكن من اتخاذ قرار بخصوص الملف، وهو ما اعتبره الأساتذة “تحايلا” على القانون المنظم لعمل اللجنة، الذي ينص صراحة على أن اقتراحات اللجنة تُعتمد بالأغلبية، ويُرجّح صوت الرئيس في حال التساوي.
وفي خطوة وصفوها بـ”غير المفهومة”، اتهم الأساتذة الإدارة بتمكين الأستاذ المعني من وثيقة استخدمها لمتابعتهم قضائياً، بعدما كانوا قد تقدموا بشكاية تتعلق بشبهة سرقة علمية، معتبرين الأمر “تشجيعاً على الإفلات من المحاسبة، وتواطؤاً صريحاً ضد المبلغين”.
ويطالب الأساتذة المحتجون بفتح تحقيق عاجل في الموضوع، وتفعيل القوانين الجاري بها العمل من أجل صون أخلاقيات البحث العلمي، وحماية المبلغين عن الفساد الأكاديمي من أي انتقام أو متابعة تعسفية، حسب قولهم.
وفي سياق متصل، نشر هشام مفتاح، أنذاك، وهو أحد الأساتذة المحتجين، تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، أرفقها بصورة لاستدعاء قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير، وعلّق عليها قائلاً: “متابعة جديدة بسبب تبليغنا عن السرقة العلمية بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير في جامعة ابن زهر: التبليغ عن الفساد = متابعة قضائية”.
ويظهر الاستدعاء المذكور، والمؤرخ في 13 ماي 2025، أنه موجه لكل من “مفتاح هشام” و”إيناو عبد النبي” للمثول أمام المحكمة في جلسة ستُعقد بتاريخ 9 يونيو 2025.
وتتعلق التهم الموجهة إليهما، حسب الوثيقة، بـ”بث أو توزيع إدعاءات أو وقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم”، وذلك بناء على الفصل 447/2 من مجموعة القانون الجنائي، ويحمل الاستدعاء رقم الملف 5528 / 2102 / 2025 في قضية جندي عادي ضبطي.
المصدر: العمق المغربي