إيران تبقي الخيارات مفتوحة بشأن تطور الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
تطلق إيران يومياً وابلا من التحذيرات والتهديدات إلى اسرائيل والولايات المتحدة، لكنها تمتنع حتى الآن عن كشف موقفها في حال تحول الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية إلى نزاع إقليمي.
على مستوى الخطاب، وقفت طهران في الصف الأمامي منذ اليوم الأول للحرب عبر تأييد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدعمها منذ سنوات ضد عدوتها اللدود إسرائيل.
فبعد الإشادة “بنجاح” الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، بدأ كبار مسؤوليها في الحديث عن الحرب في كل مداخلاتهم العامة.
لكن بمعزل عن الكلمات، تتقرر الاستراتيجية التي تتبناها إيران في الظل، الأمر الذي يدفع خصميها المعلنين، إسرائيل والولايات المتحدة، والمجتمع الدولي إلى محاولة تخمين نواياها الحقيقية.
في طهران كما في الخارج، يعتقد الخبراء أن الحكومة تبقي خياراتها مفتوحة للتكيف مع تطور الحرب التي اشتدت حدتها في غزة ،مع عمليات قصف عنيفة واشتباكات برية بين مقاتلي حماس والجنود الإسرائيليين.
يقول الباحث في السياسة الدولية في طهران هادي محمدي إن “إيران ليست مهتمة في هذه المرحلة بتورط مباشر في الحرب”.
من جهتها، ترى الباحثة الإيرانية في معهد غيغا لدراسات الشرق الأوسط ومقره ألمانيا، سارة بازوبندي، أن “الإيرانيين قالوا منذ البداية إنهم لا يسعون إلى مشاركة مباشرة أو مواجهة”.
وقالت إن “إيران تواصل إرسال التحذيرات بشأن رد فعل محتمل من حزب الله (اللبناني) ومجموعات أخرى مما تسميه محور المقاومة”، لكنها تتوخى “الحذر” في طريقة صياغتها لأن المخاطر قد تكون “كبيرة”.
واتهم الرئيس إبراهيم رئيسي إسرائيل، الأحد، بتجاوز “الخطوط الحمراء” من خلال تكثيف هجومها على غزة، موضحا أن ذلك “يمكن” أن يدفع أطرافا أخرى إلى “التحرك”.
وقال في حديث لقناة “الجزيرة” إن “إيران تعتبر أن من واجبها دعم محور المقاومة”، الذي يضم فصائل مثل حماس وحزب الله. لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذه الفصائل “مستقلة في آرائها وقراراتها وأفعالها”.
“بعيد عن إيران”
تهدف هذه التأكيدات العلنية إلى الرد على اتهامات واشنطن التي تحمل إيران مسؤولية الهجمات على القوات الأميركية في سوريا والعراق في الأيام الأخيرة، والتي أدت إلى جرح نحو عشرين عسكريا أميركيا.
وقال البيت الأبيض إن إيران “تسهل نشاط” هذه الهجمات، بينما أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن المنظمات “التي تنفذ هذه الهجمات مدعومة من الحرس الثوري” الإيراني.
ووجه الرئيس الأميركي جو بايدن “رسالة مباشرة” إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي لتحذيره من أي هجمات أخرى لتلك المجموعات.
وقالت الخبيرة سارة بازوبندي إن أحد الأهداف الاستراتيجية لطهران هو “إبقاء النزاع بعيدا عن حدودها”. لكنها ترى أنه “للدفاع عن موقعها في المنطقة، سيتعين عليها دعم المجموعات الموالية لها خلال هذه الأزمة”.
وأضافت أن “الثمن قد يكون باهظا”، بينما تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط.
وقال هادي محمدي إن إيران لن تتدخل بشكل مباشر إلا “إذا هاجمت إسرائيل الأراضي الإيرانية، أو إذا تعرضت مصالحها الاستراتيجية للتهديد في بلدان أخرى”.
ويرى المعلق السياسي عباس أصلاني أن من المستحيل في الوقت الحالي “توقع ما سيحدث”. لكنه أضاف: “سيكون على إيران أن ترد بطريقة أو أخرى إذا أصبح النزاع إقليميا، أو إذا استهدفت أطراف أخرى مصالحها”.
وحذّر وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا آشتياني، قبل إجراء مناورات عسكرية في الأيام الأخيرة في البلاد، من أن “أي عمل متهور ضد إيران سيثير رد فعل قويا”.
في الوقت نفسه، يشير خبراء إلى أن طهران حققت في الواقع بعض الأهداف، من بينها تعطيل عملية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. كما نأت عواصم عربية أخرى بنفسها عن إسرائيل.
وترى بازوبندي أن إيران تعتبر أيضًا أن الهجوم المفاجئ الذي وقع في السابع من أكتوبر في إسرائيل “أذل أجهزة الأمن الإسرائيلية” التي لم تتمكن من إحباطه.
وقالت: “أعتقد أن هذا الإذلال العلني قد يكون كافياً بالنسبة لطهران، من دون أن يكون التصعيد ضرورياً”.
المصدر: هسبريس