اخبار المغرب

إنجازات وإكراهات.. النسيج النسوي بالمغرب يقف على حصيلة تنفيذ “إعلان بيكين”

كشفت أزيد من 60 جمعية نسائية ومدنية عن خلاصات عملها التشاوري لثلاثة أشهر في إطار إعداد التقرير الإقليمي الموازي لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ “إعلان ومنهاج عمل بيكين” بالمنطقة العربية بعد مرور حوالي 30 سنة عليه، إذ وقفت على مجموعة من الملاحظات التي تخص وضعية النساء والفتيات بالمغرب، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومنسوب حضورهن في صلب السياسات العمومية بالمملكة.

وأكدت الجمعيات، ضمن تقريرها بهذا الخصوص، وجود “فجوات جندرية”، إذ “لا تزال الفجوة بين الجنسين قائمة في العديد من المجالات، خاصة في المناطق القروية والمهمشة، بما يستدعي تدخلات أكثر فعالية، ملفتة بذلك إلى ضعف في التنفيذ الفعلي للقوانين والتشريعات على الرغم من وجودها مما يؤثر على تحقيق الأهداف المرسومة”، حسبها.

ونبهت الإطارات المدنية ذاتها أهل الحلّ والعقد إلى “أولوية تفعيل مقتضيات دستور 2011 المتعلقة بالمساواة والتشاور العمومي؛ وعلى رأسها تأسيس هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وضمان مشاركة فعالة للمواطنات والمواطنين في صنع القرار، فضلا عن ضرورة المسارعة بسن سياسات تضمن تقليص الفجوة بين الجنسين، خاصة بالمناطق القروية، من خلال تعزيز التعليم والتكوين المهني للنساء وتحسين فُرصهن في سوق العمل وضمان تمتعهن بحقوقهن كاملة”.

“وضعية مركبة”

جاء في تقرير الهيئات النسوية التي تتزعمها جمعية “أيادٍ حرة” أن تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء “يجب أن يكون من خلال تحسين فرص وصولها إلى التمويل والمشاريع الاستثمارية وتحسين بيئة العمل لضمان حقوقها وحمايتها”؛ وهو ما يجب أن يوازيه “عمل الحكومة على تحسين البنية الاجتماعية، بما في ذلك التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية لضمان توفير خدمات ذات جودة للمواطنين مع مراعاة النوع الاجتماعي”.

ولم تكن الوثيقة، التي طالعت هسبريس فحواها، حاملة لـ”انتقادات” فقط؛ بل حملت كذلك تأكيدات على أهمية مجموعة من الخطوات التي قام بها المغرب في مجال ضمان المساواة بين الجنسين والنهوض بوضعية المرأة، بما فيها إصدار عدد من التشريعات والقوانين والمراسيم التطبيقية والمذكرات ذات الصلة بحقوق المرأة، بما فيها القانون رقم 30.22 المتمم للنظام الأساسي للوظيفة العمومية والذي أكد على منح المرأة 14 أسبوعا كرخصة أمومة مع صرف أجورها كاملة.

وتأسّفت الفعاليات النسائية المشاركة في إصدار التقرير الخاص بثلاثين سنة على “إعلان ومنهاج بيكين” لـ”تمييز التشريعات المغربية بين عمال القطاع العام وعمال القطاع الخاص الذين يشكلون الأغلبية؛ بمن فيهم النساء اللواتي يحتجن إلى قوانين مماثلة في ظل كفالتهن لأطفالهن وخلال فترة الحضانة، فضلا على أن حتى القانون سالف الذكر ليس له ما يعكسه على أرض الواقع بالنظر إلى وجود مؤسسات عمومية وجماعات ترابية لا تتوفر على دور الحضانة”.

“نساء وسط دوامة”

كما نبهت إلى “معاناة العاملات من النساء بالقطاع الفلاحي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالقرويات اللواتي يمارسن أعمالا فلاحية أو شبه فلاحية في إطار الشغل غير المأجور والمفروض عليهن فقط لنوعهن وانتمائهن الاجتماعي، بما يكون سببا حتى في مغادرة الفتيات منهن لمقاعد الدراسة والإبقاء عليهن في أسفل السلم الاجتماعي، إلى جانب العمل بالضيعات الفلاحية الذي يتم في ظل أعراف خارج القوانين بسوس ماسة وتادلة وبني ملال وسهول الغرب وبركان وسايس، إذ يتم نقل هؤلاء النسوة في مركبات غير آمنة ويخضعن لسوء المعاملة والتحرش الجنسي والعنف المادي والمعنوي”.

كما ذكرت الجهات المدنية والنسوية التي وقفت وراء التقرير أن القانون رقم 19.12 المحدد لشروط التشغيل المتعلقة بالعمال والعاملات المنزليات، ورغم ما يشكله من حماية للعاملات فإنه “لم يقم بتغيير جوهري لضعف أدواته الزجرية وغياب تفعيل جدي له ولا يرتب حقوقا لهذه الفئة، بما فيها عقود العمل التي تفتقد إلى ضمانات الحقوق، إلى جانب غياب سلطة فعلية لمفتشي الشغل”.

مفصلا في تموقع النساء ضمن النسيج الاقتصادي الوطني بيّن “التقرير الوطني الموازي للمغرب الخاص بتقييم تنفيذ منهاج عمل بيكين” أن العنصر النسوي “يحضر بنسبة 13,4 في المائة على مستوى الشركات الصغيرة جدا، وبنسبة 10,2 في المائة على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما لا تتجاوز حتى 8 في المائة بالشركات الكبيرة مقابل سيطرة ذكورية بواقع 92 في المائة”، مسجلا “عدم قدرة المؤسسة التنفيذية على وضع تدابير جريئة في مجال ولوج النساء للمقاولات والاستثمار”.

كما أشار إلى أن النساء تُشكلن 72,4 في المائة من تركيبة شباب NEET بواقع 72,4 في المائة، بما يبرز التحديات المستمرة التي تُواجههن في الاندماج في سوق العمل أو التعليم ويؤكد الحاجة إلى سياسات فعالة تستهدف تعزيز فرصهن في المشاركة الاقتصادية والتعليمية، خاصة في المناطق القروية”، كاشفا بذلك أن “نسبة المستفيدات من التكوين المهني جد ضعيفة بحيث لا تتجاوز نسبة المتخرجات 35 في المائة”.

وأمام تعدادها للإكراهات التي تحيط بالاندماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء بالمغرب، لم يكن من الجمعيات النسوية المشاركة في إصدار التقرير سالف الإشارة إلا أن تنوه بورش الحماية الاجتماعية الذي اعتبرته أحد الأوراش المهمة خلال العشرية الأخيرة عبر القانون الإطار رقم 09.21 الهادف إلى تنزيل المقتضيات الدستورية عبر تعميم التغطية الصحية الاجبارية في أفق 2025 والتعويضات العائلية خلال سنة 2024 وتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد والاستفادة من تعويضات فقدان الشغل بحلول سنة 2025.

واقعٌ وآمال

ولم تغفل الجمعيات الستون، ضمن تقريرها، الإشارة إلى موضوع العنف ضد النساء، إذ استعرضت بداية الترسانة القانونية والإجرائية للمغرب في هذا الصدد قبل أن تشير إلى أن “العنف ضد العنصر النسوي يفوق 50 في المائة، بما يعني أن أزيد من نصف المغربيات تعرضن للعنف سواء بالمجال الحضري أو القروي”، لافتة إلى أشكاله وأماكن وقوعه سواء بالبيت أو أماكن العمل أو التكوين أو على مستوى الشبكات الرقمية.

وأورد النسيج الجمعوي سالف الإشارة أن عدم إحداث هيئة المناصفة ومكافحة أشكال التمييز التي نص عليها الدستور على الرغم من تعاقب ثلاث حكومات وصدور القانون الخاص بها قبل سبع سنوات يثير “تساؤلات حول جدية الالتزام بتحقيق المساواة بين الجنسين في المغرب”.

كما أكد أن النسب المسجلة في ولوج النساء إلى مؤسسات التدبير العمومي وعلى الرغم من كونها أفضل مقارنة مع ما سبق؛ إلا أنها “تعكس تفاوتا في التمثيل السياسي”، حيث لا تتجاوز 38,5 بالمجالس الجهوية و35,60 في المائة بمجالس العمالات والأقاليم و26,64 في المائة بالمجالس الجماعية و24.3 في المائة على مستوى مجلس النواب.

وسجل كذلك ضعفا في حضور النساء بمواقع القرار بالمؤسسات الإدارية وضعف عدد الوزيرات بالحكومة، وكذلك ضعف عددهن بالمناصب القيادية العليا مع حضورهن بالمناصب الدنيا”، خاتما بـ”ضرورة تعزيز الإرادة السياسية لتفعيل الالتزامات الحكومية بشأن المساواة بين الجنسين وتفعيل مقتضيات الدستور وتحسين التمثيلية النسوية في المؤسسات المنتخبة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *