إكراهات تتغلب على مجهودات إدماج المغربيات في سوق الشغل
سلطت دراسة حديثة الصدور للبنك الدولي الضوء على طبيعة اندماج النساء المغربيات في سوق الشغل الوطني، حيث أكدت أن “الدولة عملت على تسهيل الطريق أمام النساء بشكل كبير خلال العقدين الماضيين للاندماج في سوق الشغل، غير أن البلاد لا تزال في حاجة إلى مزيد من العمل في هذا السياق”.
وأوضحت الدراسة المعنونة بـ”مشاركة النساء في سوق الشغل بالمغرب: القيود والتدابير ذات الأولوية”، أن “الملك محمدا السادس أعطى اهتماما كبيرا منذ اعتلائه العرش لتحفيز مشاركة النساء في تدبير الشأن الوطني والمحلي، وهو ما عززته مصادقة الحكومات على مخططين وطنيين ما بين 2012 و2021 للحد من الفوارق بين النساء والرجال في مجال التدريس والوصول إلى الخدمات الأساسية”.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أنه “خلال سنة 2018، كانت 23.2% من النساء اللواتي يبلغن 15 سنة فما فوق فقط يمارسن أعمالا مدرة للدخل أو يبحثن عن عمل، في وقت يصل فيه المتوسط بشمال أفريقيا إلى 19.8%، في حين إن المتوسط العالمي هو 57.6%، بينما حدد النموذج التنموي نسبة 45% كرهان يستهدف الوصول إليه خلال سنة 2035”.
المصدر عينه أفاد بأنه “خلال سنة 2018، كان 70% من الرجال نشطين اقتصاديا، وبالتالي تبقى هذه الأرقام محيرة، خصوصا إذا ما استحضرنا نمو الاقتصاد المغربي خلال العقدين الماضيين”، مشيرا إلى أن “ديناميكيات التوظيف بين 2001 و2018 اختلفت بين الوسطين الحضري والريفي؛ ذلك أن نسبة النساء العاملات في الوسط الحضري ارتفعت بنسبة 35% قبل أن تنخفض ما بين عامي 2010 و2018 في قطاعات النسيج والزراعة”.
وأوردت دراسة البنك الدولي أن “عمل الإناث يتركز في عدد قليل من القطاعات، حيث تبلغ النسبة في قطاع الفلاحة 51%، وفي قطاع الخدمات 30%، في وقت تبقى العلاقة بين عمل المرأة ومستواها الدراسي حاضرة، حيث تظل النساء اللواتي يتوفرن على مستوى دراسي عال أكثر حظا في الوصول إلى فرص الشغل من اللواتي يتوفرن على مستوى متدن”.
وأردفت الدراسة المذكورة أن “النساء العاملات في المناطق الريفية يبقين في معظمهن من ذوات التعليم الضعيف. وتتراوح نسبة إمكانية الوصول إلى فرص شغل لدى النساء ما بين 82% بالوسط الحضري و9% بالوسط القروي، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وجود نسبة من النساء اللواتي يشتغلن بالعالم القروي بدون أجر”.
وفي سياق متصل، جاء ضمن الوثيقة أن “النساء في المدن لديهن فرص أكبر للاستفادة من الضمان الاجتماعي بواقع 58%، مقابل 23% بالوسط الريفي، بينما تعاني النساء المتزوجات بشكل خاص من الحرمان من سوق العمل، وهو الحرمان الذي يرتفع إذا ما كن يتوفرن على أبناء في سن صغيرة”.
وعلاقة بالجوانب القانونية، أكد البنك الدولي أن “المغرب أحرز تقدما كبيرا في مجال الحكم الديمقراطي خلال العقد الماضي عبر عدة إصلاحات قانونية همت حماية حقوق الإنسان والمرأة، وقبل ذلك جاءت مدونة الأسرة لسنة 2004 بإصلاحات أكثر تقدمية، في حين يتضمن قانون الشغل الآن معطيات تهم صون حقوق المرأة المشتغلة، من بينها الحق في إجازة مدفوعة الأجر، في وقت يجب التوجه نحو تعديلات جديدة تمكن النساء من التواجد في قطاعات مختلفة بسوق الشغل”.
وذكرت دراسة البنك الدولي أن “النساء يجدن أنفسهن في مرات عديدة مقصيات من العمل بفعل سلطة الزوج عليهن، ما يدفعهن إلى المكوث في المنازل، في وقت يعانين فيه كذلك من انخفاض الأجور الذي يقع كحاجز أمام اندماج عدد منهن في سوق الشغل”، مشيرة إلى أن “هذه المعطيات وجب العمل على معالجتها من خلال خطة وطنية تهدف إلى تجاوز مختلف إكراهات اشتغال النساء”.
المصدر: هسبريس