كشف التقرير السنوي الـثاني عشر حول الاستقرار المالي الصادر عن بنك المغرب عن ارتفاع التمويل الممنوح من قبل البنوك والنوافذ التشاركية، على شكل مرابحات مخصصة لاقتناء السكن، بنسبة 16 في المائة ليبلغ 25 مليار درهم خلال سنة 2024، كما أن القروض السكنية ذات السعر الثابت تظل السائدة بنسبة 93 في المائة، في حين أن أسعار الفائدة المطبقة على هذه القروض.
ويعتمد التمويل التشاركي الإسلامي على مبادئ الشريعة الإسلامية وبدأ العمل به فعليا منذ سنة 2017 بعد وضع الإطار القانوني والمؤسساتي المناسب له، ليشكل بذلك بديلا عن التمويل التقليدي الربوي من خلال عقود تتوافق مع مبدأ المرابحة العقارية.
تعطش المغاربة لتمويلات غير ربوية
وفي هذا الإطار، أشار الباحث الإقتصادي طلال لحلو إلى أن الارتفاع في نسب التمويل التشاركي أمر ملحوظ في جل الدول التي بدأت في هذا النوع من التمويلات، ففي السنوات الأولى يكون الارتفاع أكثر من 10 في المائة لأن القاعدة الحسابية ضيقة، في حين لا يمكن للتمويل الربوي أن يزداد نموه بنفس الوتيرة لأن القاعدة أوسع، لكن يلاحظ استقرار أو تراجع طفيف في نمو التمويل الربوي مما يعكس أن الانتعاش يميز الجانب التشاركي”، وفق تعبيره.
وأشار لحلو، في تصريح لجريدة “”، إلى أن “وكالات التمويل التشاركي تمنح ما قد يصل 15 ضعف تمويلات الوكالات الربوية، لكنها لازالت تعاني، على حد قوله، من ضعف الشبكة وقلة الوكالات ولا تزال غائبة من المدن الصغيرة، مقدما مثالا بمدينة ورزازات التي تتوفر على وكالة واحدة في المدينة كلها.
ويعزى ارتفاع التمويل الممنوح من قبل البنوك التشاركية، حسب لحلو، إلى نمو شبكة الوكالات على احتشامه، وكذا تعطش المغاربة لتمويلات غير ربوية، والكثير منهم عاش سنوات في انتظار هذا البديل وإن كانت عليه ملاحظات، على حد تعبيره.
انتعاش مجال البناء والعقار
أما فيما يخص الجانب الاقتصادي، فأكد الباحث ذاته أن هذا الارتفاع سينعش ميدان العقار من خلال طلب متزايد وتشغيل في القطاع، لكن دون الإغفال على التوسع في المديونية الذي يؤثر على الطلب فتزداد قيمة الشقق، وهذا من شأنه، وفق تعبيره، أن يعسر على المستوى الماكرو اقتصادي امتلاك السكن وإن كان الشأن للمعاملة أنها نفسها تتيح امتلاك السكن.
وأوضح المتحدث ذاته أن النتيجة هي مزيد من التضخم والغلاء في تكلفة المعيشة والأجراء عند الشركات، مما يقلل التنافسية، لتصبح من المعادلات الاقتصادية الصعبة، لأن التمويلات من جهة تمكن من البناء ومن جهة تزيد في الأسعار، لذلك يجب ابتكار طرق تمويلية بعيدة عن المديونية وتيسير سبل امتلاك السكن والأراضي بعيدا عن المديونية، وفق تعبيره.
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي ادريس الفينة على الانتشار الكبير لهذا النوع من التمويل، إذ أصبح أحد رافعات تمويل السكن في المغرب لأسباب واضحة تعزى إلى اعتبار المغرب بلدا مسلما لايفضل التعامل بالربى، وبالتالي يعتبر التمويل التشاركي من الحلول التمويلية بالنسبة للأسر التي لا تمتلك مدخرات تسمح لها بشراء سكن بشكل آني، وفق تعبيره.
وأضاف الفينة، في تصريح لجريدة “”، أن السنوات المقبلة ستعرف المزيد من الإقبال على هذا النوع من التمويلات التشاركية للسكن باعتباره أحد رافعات التنمية الاقتصادية، بحكم تحريكه لمكون أساسي وهو قطاع السكن والبناء.
المصدر: العمق المغربي