إصلاح التقاعد.. الحكومة تخلف موعدها ونقابات ترفع الورقة الحمراء ضد”الثالوث المعلون”

نفت مصادر نقابية من الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، تلقيها أي دعوة من قبل الحكومة بشأن عرض يهم إصلاح أنظمة التقاعد، في الوقت الذي تعهدت فيه وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح في نهاية دجنبر الماضي، بإطلاق جولة مع النقابات بخصوص الملف خلال شهر يناير الماضي.
في هذا السياق، أكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل بالمغرب، الميلودي المخارق، في تصريح لجريدة “”، عدم تلقي النقابة لأي عرض من قبل الحكومة، معلنا رفضه لجولة النقاش مع الحكومة بشأن إصلاح انظمة التقاعد، ضدا على منهجية الحكومة في التعاطي مع الملفات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الأمر بالخصوص يهم قوت ومصادر رزق المغاربة، مجددا رفض النقابة لما تصفه بـ”الثالوث الملعون”.
وأجمعت مصادر نقابية، في تصريحات متفرقة للجريدة، على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الموظفين والأجراء، ورفض رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، والرفع من المساهمات، والتخفيض من المعاشات، المدرجة ضمن ما أطلق عليه “الثالوث الملعون”.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح قد تعهدت في دجنبر الماضي، بتقديم عرض أولي لإصلاح أنظمة التقاعد خلال يناير المنصرم، معتبرة أن الوقت قد حان لإصلاح هذا الملف الذي طال أمده
وفيما تطالب النقابات بضرورة اعتماد منهجية تشاركية تحمي حقوق الأجراء والمتقاعدين، وتحقيق توافق يضمن استدامة الصناديق ويجنب البلاد أي احتقان اجتماعي جديد خلال السنة الأخيرة من عمر الحكومة الحالية، أشارت وزيرة المالية إلى أن الحكومة ملتزمة بالتعاون مع النقابات والفرقاء الاجتماعيين لتحقيق الإصلاحات الضرورية.
وكانت الحكومة قد اتفقت مع المركزيات النقابية و”الباطرونا”، ضمن جولة أبريل 2024 من الحوار الاجتماعي على مباشرة إصلاح منظومة التقاعد من خلال إصلاح شمولي يرمي إلى إرساء منظومة للتقاعد في شكل قطبين “عمومي وخاص”، يتم التوافق على تفاصيل مضمونها وفق منهجية تشاركية، وتحديد آليات الانتقال إلى المنظومة الجديدة مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة في إطار الأنظمة الحالية إلى حدود بداية دخول الإصلاح حيز التنفيذ، وتعزيز حكامة أنظمة التقاعد في ضوء الممارسات الجيدة في هذا المجال.
في غضون ذلك، حذر المجلس الأعلى للحسابات من المخاطر المحتملة التي قد تواجهها المالية العمومية على المديين المتوسط والبعيد، مجددًا التذكير بالحاجة الملحة إلى مباشرة وتسريع إصلاح منظومة التقاعد، وذلك للحفاظ على ديمومتها.
ونبه المجلس، الذي ترأسه زينب العدوي، في تقريره السنوي 20232024، إلى الوضعية المقلقة التي يشهدها الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يسجل تراجعًا في أرصدته، مع عجز تقني بلغ 9.8 مليار درهم سنة 2023، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تُستنفد أرصدته في حدود سنة 2028، حسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية.
وتعتزم الحكومة تقديم مخطط شامل لإصلاح صناديق التقاعد، وعلى رأسها الصندوق المغربي للتقاعد. كما تعكف على وضع مجموعة من التدابير الإصلاحية التي تركز بالأساس على رفع سن التقاعد وزيادة نسبة المساهمات، وهي إجراءات تثير جدلًا واسعًا.
ويرى المجلس الأعلى للحسابات أن ضمان ديمومة منظومة التقاعد على المدى الطويل يقتضي الإسراع في تنزيل ورش الإصلاح الهيكلي لنظام التقاعد، لا سيما فيما يخص توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد ابتداءً من سنة 2025، ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملًا ولا يستفيدون من أي معاش.
وأشار المجلس إلى أن أنظمة التقاعد الأساسية، ورغم الإصلاحات المعيارية التي شملت نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 2016، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في سنة 2021، لم تمكن من تحقيق التوازنات المالية لهذه الأنظمة، ما أدى إلى اقتراب نفاد احتياطاتها في آجال متفاوتة.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بالحفاظ مؤقتًا على الطابع الاختياري في نظام التقاعد بالنسبة للأشخاص العاملين غير الأجراء، قبل تعميم إجباريته تدريجيًا. كما دعا إلى تحفيز انخراط النشيطين غير الأجراء من خلال ضمان معدل تعويض معقول للدخل يمكّن من الحصول على معاش مناسب عند بلوغ سن التقاعد، وفحص آليات تمويل أخرى غير المساهمات، مثل التحفيزات الضريبية وغيرها.
المصدر: العمق المغربي