إحياء خط بحري تاريخي يمرّ بطنجة والدار البيضاء .. خبراء: قيمة مضافة كبيرة
إحياءً لخطّ بحريّ من القرن الماضي، تمرّ رحلة بحرية ذهابا وإيابا، مدتها 42 يوماً، عبر 16 ميناءً لتسعة بلدان حول البحر الأبيض المتوسط، منها المغرب، بحيث من المتوقع أن تحطّ الرحال بميناءَي طنجة والدار البيضاء. وستمر هذه الرحلة بهورتا وبونتا ديلجادا في جزر الأزور بالبرتغال بعد عبور المحيط الأطلسي، تليها طنجة بالمغرب وزيارات ليلية إلى كل من ليفورنو وتشيفيتافيكيا بإيطاليا.
وعلى هامش هذه الرحلة التي ستكون في نونبر 2024، يمكن للضّيوف رؤية ليفورنو واستكشاف فلورنسا أو بيزا بإيطاليا، ويمكنهم الوصول إلى روما بسهولة من سيفيتافيكيا، ثم شق الطريق إلى نابولي وكاتانيا، صقلية، قبل بيرايوس (أثينا) باليونان.
وسيكتشفُ الضيوف أيضاً حيفا وأسدود بإسرائيل، تليها بورسعيد والإسكندرية في مصر. وتشمل الموانئ الأخيرة في الرحلة حلق الوادي بتونس وجبل طارق، وقادس بإشبيلية بإسبانيا، والدار البيضاء بالمغرب. وتنتهي الرحلة يوم 21 دجنبر في فورت لودرديل بالولايات المتحدة الأمريكية.
القوة الرمزية للرحلة
لحسن حداد، وزير السياحة السابق، قال إنّ “قيمة هذه الرحلة تكمن بالضبط في قيمتها الرمزية لكونها ستمثل إحياء لرحلة كانت منذ القرن الماضي. هي تغذية للذّاكرة. ومن ثمّ، لا يمكننا أن نتكهن بعوائدها الاقتصادية، لكن يمكن قياس درجة تأثيرها على صورة السياحة المغربية. هذه الباخرة العملاقة ستتضمّن مؤثّرين وربما ممثلين ومشاهير لكونها ليست رحلة عادية، وستحظى بمواكبة إعلامية جد مهمة”.
وأضاف حداد، ضمن تصريح لهسبريس أنّ “هذه الرّحلة تتيح اكتشاف البلدان بعمق دون الحاجة إلى الرّحلات الجوية. والرحلات البحرية موجودة دائما، لكن قيمة هذه الرحلة بالضبط تكمن في حمولتها التاريخية، والمراهنة على إرث خطّ بحريّ يربط أوروبا بأمريكا، لتعيد إحياءه بعد مائة سنة. ولهذا، لا شكّ ستكون قيمة مضافة بالنسبة لقطاع السياحة المغربي لكونها ستمر وتتوقف بطنجة والبيضاء”.
وأفاد وزير السياحة سابقا بأنّ “لا جدوى في قياس أثر الرحلة كميّا، بقدر ما يجبُ أن نراعي التّسويق الذي ستقدّمه هذه الرّحلة للعرض السّياحي المغربي، والذي سيعطي بعدا رمزيا للبلدان التي ستمر منها الرحلة لكونها ليست رحلة سياحية فقط، بل رحلة تستعمل الأسطورة تأسيسا لوجودها. وبالتالي، الدول التي ستمر منها الباخرة ستكون ذات أثر معياري عند هؤلاء الزوار، يعني لن تكون رحلة عادية بالنسبة إليهم، بل ستطبع ذاكرتهم وتاريخ تلك الرّحلة”.
رواج سياحي
قال الزبير بوحوت، خبير في الشّأن السياحي، إنّ “الأمر سيكون مهمّا ومثيرا أن تمرّ هذه الرحلة عبر موانئنا في طنجة والدّار البيضاء، لكون هذا سيخلق رواجاً في المدينتين، بما أنّ بعض هذه البواخر قد يحتمل أن تحتوي أكثر من 4000 أو 5000 شخص في أحيان كثيرة، وهؤلاء الأفراد الذين يقبلون على هذه الرحلات معروفون بإنفاقهم الكبير، إذ يحدد بين 70 و100 أورو في اليوم للشخص الواحد، حسب بعض الدراسات”.
وسجل بوحوت، ضمن تصريح خصّ به هسبريس، أنّ “من المتوقع أن يكون لهذه الرحلة فضل على مستوى عوائد الولوج إلى المآثر التاريخية، وأيضا شراء منتوجات الصناعة التقليدية المغربية، والمطاعم والمنتجعات، إلخ، وهذا سيشجّع المغرب لتعزيز العرض السّياحي استعدادا للرحلة سنة 2024، خصوصاً أنّ هذه الرحلات لها دور أساسيّ في الترويج للمدينة ولمآثرها ولمنتجاتها، وستخلق نفقات مباشرة وستجلب أنواعاً من العملة الصّعبة”.
لكن المتحدث أقرّ بأن “أرصفتنا البحرية لا بد أن تكون مهيكلة في الموانئ، ويجب أن نوفر عرضا يتماشى مع متطلبات هذه الرّحلات، ومطار طنجة سينجح بدرجة كبيرة وأيضا الدار البيضاء تسير في هذا الاتجاه. وحتّى على مستوى التّسويق، سيكون هذا مفيدا للغاية بالنسبة للمغرب، لأنّ الذين سينزلون في مدن المغرب من المؤكّد سينبهرون بالبنية التحتية وبالعرض السّياحي المغربي، وسيتقاسمون تجربتهم على صفحاتهم، وهو ما يخدم الدعاية الخارجية بالنسبة للعروض التي تقدمها خدماتنا السّياحية”.
يُذكَر أنّ الرحلة التاريخية الأصلية التي قدمت رؤية لهذه الرحلة التي تحمل تسمية “الممر المطلق للبحر الأبيض المتوسط والأطلسي لمدة 42 يوما”، انطلقت من مدينة نيويورك في 4 فبراير 1925، على متن روتردام 4، وحملت 550 سائحا فقط، ومرت عبر المحيط الأطلسي لاستكشاف العديد من الموانئ بالبرتغال والمغرب وإيطاليا واليونان وإسرائيل ومصر وتونس وجبل طارق بالمملكة المتحدة وإسبانيا. ولهذا، تسير رحلة 2024 على خطى الرحلة ذاتها.
المصدر: هسبريس