إجراءات الحكومة تنجح في امتحان إصلاح الضريبة على القيمة المضافة
نجحت الحكومة في امتحان إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، والأرقام الأخيرة الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة تؤكد ذلك، حيث سجلت المداخيل من الضريبة على القيمة المضافة الداخلية رقما قياسيا جديدا خلال فبراير الماضي، بعدما انتقلت من 5.8 مليارات درهم إلى 7.8 مليارات، أي 780 مليار سنتيم، بزيادة مهمة بلغت 35.5 في المائة على أساس سنوي.
ويرتقب أن تتصاعد قيمة العائدات من الضريبة على القيمة المضافة خلال الأشهر المقبلة من السنة الجارية، بارتباط مع دخول إجراء الاقتطاع من المنبع (RAS) حيز التنفيذ في يوليوز المقبل، علما أن هذه الضريبة شهدت مع مطلع السنة الجارية، ضمن قانون المالية حاليا، مجموعة إصلاحات همت تصحيح المعدل وتعديل الصيغة.
ويستهدف إجراء الاقتطاع من المنبع، العمليات التي ينجزها مزودو السلع والخدمات الخاضعون للضريبة على القيمة المضافة، ومكافحة الغش الضريبي وتزوير الفواتير، فيما يتيح للدولة ضمان تحصيل مداخيل هذه الضريبة خلال زمن حقيقي، علما أن قيمة هذه المداخيل سجلت تراجعا مهما بلغت نسبته 2 في المائة بين 2021 و2022، لتنخفض من 5.2 مليارات درهم إلى 5.1 مليارات درهم.
“إلدورادو” ضريبي جذاب
من حيث المردودية الجبائية، تعتبر الضريبة على القيمة المضافة المصدر الرئيسي للمداخيل الضريبية (ما يناهز 33 في المائة، مقابل حوالي 24 في المائة للضريبة على الشركات، وحوالي 19 في المائة للضريبة على الدخل). كما تمثل أكثر من 73 في المائة من الضرائب غير المباشرة، فيما يستهدف إصلاح هذه الضريبة ضمان حيادها والتخفيف من حالات التأثير المستهدف للمقاولات، الناتجة عن الفارق في المعدلات المطبقة خلال المراحل الأولية والنهائية لسلاسل إنتاج السلع والخدمات.
وبالنسبة إلى منير المستاري، خبير في القانون الضريبي والمالية العمومية، فإن الضريبة على القيمة المضافة تعتبر “إلدورادو” ضريبيا، ما جعل الحكومة تراهن عليها في رفع قيمة مداخيل الميزانية، خصوصا خلال الفترة الراهنة التي تعرف تعدد وثقل حجم الالتزامات المالية للدولة المنخرطة في مجموعة من أوراش الإصلاح الهيكلية (تعميم التغطية الاجتماعية والصحية والدعم الاجتماعي المباشر والدعم المباشر للسكن…)، موضحا أن الإصلاح الذي حمله قانون المالية الحالي، يستهدف في عمقه تحقيق العدالة الضريبية، من خلال تدابير تهدف بشكل خاص إلى تسهيل إدماج القطاع غير المهيكل وترشيد الحوافز الضريبية.
وأضاف المستاري، في تصريح لهسبريس، أن قانون المالية الحالي جاء بمواءمة المعدلات الحالية للضريبة على القيمة المضافة تدريجيا (7%، 10%، 14% و20%) لحصرها بحلول 2026 في معدلين عاديين (10% و20%)، وذلك بالموازاة مع توسيع نطاق التطبيق، مؤكدا أن الهدف من هذا الإصلاح التدريجي تكريس مبدأ الحياد الضريبي من حيث الضريبة على القيمة المضافة، وتخفيف الضغط الجبائي على دافعي الضرائب عبر توسيع الوعاء الضريبي، مشددا على أن هذه الأهداف تساير التوجهات العالمية، ومن شأنها تعزيز جاذبية الاستثمار في المغرب ورفع قيمة المبادلات التجارية مع الخارج.
الحجز من المنبع
يرتقب أن يساهم دخول نظام الاقتطاع من المنبع الجديد حيز التنفيذ في يوليوز المقبل، في تشجيع الشفافية الضريبية ومكافحة الإقرارات الزائفة بشكل فعال، حيث كشف قانون المالية للسنة الجارية عن آليتين للاقتطاع من المنبع بالنسبة إلى هذه الضريبة، فيما يواكب هذا النظام المعيار الضريبي الدولي، حيث يقوم على شهادة الانتظام الضريبي.
وبهذا الخصوص، أوضح رشيد قصور، خبير في المالية العمومية، أن الإجراء الجديد يعتبر أنه عند كل معاملة تجارية بين مزود وزبون، يتعين على الزبون أن يطلب من مزوده تقديم شهادة انتظام ضريبي يرجع تاريخها إلى أقل من ثلاثة أشهر، وإلا فسيضطر إلى خصم جزء من مبلغ الضريبة على القيمة المضافة أو كامل المبلغ من المنبع ودفعها مباشرة إلى خزينة الدولة، مؤكدا أن هذه الصيغة ستسمح بتحصيل أكثر نجاعة للموارد الجبائية من الضريبة المذكورة.
وتابع قصور بأن الصيغة الجديدة لتحصيل الضريبة على القيمة المضافة من المنبع، ترتبط في المقابل بمجموعة من الإكراهات التي تتعلق بعدم ضمان دفع الزبون المبلغ المقتطع من المنبع إلى خزينة الدولة، ما يفرض على مديرية الضرائب بذل المزيد من الجهود خلال عمليات المراقبة والتحقيق، ويؤدي إلى الابتعاد عن الحياد الضريبي وتأسيس انعدام الثقة بين المقاولات والفاعلين الاقتصاديين، موضحا أن الأمر يؤثر بشكل غير مباشر على مناخ الأعمال، الذي يمثل عامل جذب أساسيا، إلى جانب القوانين الضريبية، للمستثمرين الأجانب.
المصدر: هسبريس