انتقد الخبير التربوي والباحث إبراهيم أونبارك، التصريح الأخير لوزير التربية الوطنية حول تضخيم الأساتذة لنقط التلاميذ، معتبرا أنه يسيء للمنظومة التربوية بأكملها ويقدم صورة مغلوطة للمواطنين، مشددا على أن أي إصلاح حقيقي للقطاع لن يتم إلا عبر أبنائه الذين خبروا الميدان وعانوا من مشاكله الحقيقية.
وأوضح أونبارك، في مداخلة له ضمن برنامج “إمي ن إغرم” الذي يبث على منصات “”، أنه لا يحق لأحد التدخل في السلطة التربوية والقانونية للأستاذ في منح النقط، وأن المساس بهذه الصلاحية يفتح الباب أمام تفسيرات تسيء لهيئة التدريس وتوحي للمواطن العادي بوجود فساد ورشوة داخل المدرسة.
وأضاف أنه رغم تقديره لحماس الوزير ورغبته في الإصلاح، فإن طريقة إيصال الفكرة كانت خاطئة، مؤكدا أنه في حال ثبوت ظاهرة تضخيم النقط بشكل واسع، فإن المشكلة ليست في الأستاذ وحده، بل في بنية المنظومة التعليمية بأكملها التي تقدس “النقطة” وتجعلها المؤشر الرئيسي للنجاح وتقييم أداء المسؤولين.
ودعا الخبير التربوي إلى فتح ورشة عمل كبرى لإعادة النظر في موقع “النقطة” في نظام التقويم، مقترحا تغييرا جذريا للمناهج لتتحول من تقويم المعارف إلى تقويم القدرات والمهارات الناعمة، مستشهدا بتجارب دولية رائدة مثل فنلندا التي ألغت الامتحانات النهائية، وكوريا الجنوبية التي تعتبر مواد الأخلاق والانضباط حاسمة في نجاح أي متعلم.
وفند المصدر ذاته الادعاءات القائلة بأن مشروع “مدارس الريادة” خلق تعليما طبقيا بسرعتين داخل المدرسة العمومية، مؤكدا أن هذا التصور ناتج عن غياب التواصل من طرف الجهات المسؤولة، حيث أن الواقع هو أن التلاميذ الذين يظهرون تأخرا دراسيا يخضعون لبرنامج دعم مكثف لمدة شهرين لإيصالهم للمستوى المطلوب وليس إعادتهم قسرا إلى مستوى أدنى.
وأكد أونبارك اتفاقه مع الوزير في أن إصلاح منظومة التعليم مشروع استراتيجي طويل الأمد يتطلب أكثر من 10 سنوات، ولا يجب أن يخضع للزمن السياسي أو البرلماني القصير، طارحا إمكانية تحويل وزارة التربية الوطنية إلى وزارة سيادية لضمان استمرارية المشاريع الكبرى وعدم تأثرها بالتغييرات الحكومية.
وشدد في ختام تصريحه على أن الإصلاحات السابقة غالبا ما كانت تتوقف عند باب القسم ولا تدخله، وأن ميزة “مدارس الريادة” هي أنها اقتحمت القسم، خاتما بمقولة “لن يصلح المنظومة التربوية إلا من استنشق غبار الطباشير”، في إشارة إلى أن الإصلاح الحقيقي يجب أن ينبع من الأساتذة والمفتشين وكل الفاعلين الذين مارسوا التعليم في مختلف الظروف وعرفوا مكامن الخلل الحقيقية.
المصدر: العمق المغربي