أول مؤلف جماعي عن “طوفان الأقصى”.. أكاديميون مغاربة يناقشون القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر
سيشهد المعرض الدولي للكتاب والنشر الرباط، غدا السبت، توقيع أول عمل أكاديمي جماعي يدرس القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر وتداعيات “معركة طوفان الأقصى”، بمشاركة أساتذة جامعيين وباحثين مغاربة متخصصين، تحت إشراف وتقديم وتحرير الدكتور سلمان بونعمان.
الكتاب الواقع في 340 صفحة، يحمل عنوان “القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر.. الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية”، صادر شهر ماي الجاري، عن مركز معارف المستقبل للبحوث والدراسات ومؤسسة عقول الثقافة للنشر والتوزيع.
وشارك في تأليف الكتاب، كل من سلمان بونعمان، إسماعيل حمودي، فاطمة الزهراء هيرات، إدريس قسيم، محمد أقديم، عبد الحكيم أحمين، مصطفى الطالب، خالد عاتق، آمنة مصطفى دلة، الحسن مصباج، نورالدين أحمد لشهب، سعد عبد الرزاق السكندراني، يوسف المتوكل، محمد السعيد الكرعاني.
هذا الكتاب الجماعي الذي سيتم توقيعه بعد زوال غد السبت برواق الشبكة العربية للأبحاث والنشر بالمعرض الدولي للكتاب، يسعى إلى فهم عميق لطبيعة الصراع القائم في المنطقة، وأبعاد المشروع الصهيوني الفكرية والسياسية والاستراتيجية، بهدف بناء الوعي من أجل دعم مستمر القضية الفلسطينية.
وتبلور جزء من الأوراق العلمية التي ضمها هذا الكتاب، من خلال 5 ندوات علمية دولية عن بعد نظمها “مركز معارف المستقبل للبحوث والدراسات” بتنسيق مع “مركز أندلس للأبحاث والدراسات”، بدأت منذ 11 نونبر 2023، بعنوان: “طوفان الأقصى: الأبعاد التاريخية والدلالات الاستراتيجية”.
وبحسب المشرف على الكتاب، سلمان بونعمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، فإن محاور هذا المؤلف الجماعي جاءت مستوعبة لأبعاد القضية الفلسطينية باختلاف جوانبها في ظل تحولات معركة “طوفان الأقصى” وما نتج عنها من تداعيات جيوستراتيجية واقتصادية وسياسية وقيمية.
وتتناول محاور الكتاب ما أفرزته معركة “طوفان الأقصى” من نماذج جديدة في الحروب العسكرية وأشكال المقاومة التحررية، كما شهدت حروبا إعلامية ورقمية ونفسية، وصراعا حول السرديات والصورة والمعنى، ناهيك عمّا حصل من ارتباك في توازنات النظام الدولي، وما خلفه من توتر وإحراج قانوني وأخلاقي للمؤسسات الدولية.
وأشار بونعمان إلى أن الأساتذة والباحثين والمترجمين نجحوا في قراءة التحديات الضاغطة والصعبة التي تمر منها القضية الفلسطينية والمنطقة العربية الإسلامية، ووضع القضية الفلسطينية في سياق صراع المشاريع الكبرى ورهانات القوى الدولية والسياسات الغربية في المنطقة.
وأفاد بأن المؤلفين قاموا بتحليل الوضع الفلسطيني والعربي والدولي في خضم تحولات معركة طوفان الأقصى، معتبرا أنها محاولة من أجل بناء موقف علمي يتجاوز العرض التسطيحي والمقاربات الاختزالية، وذلك للغوص في أعماق الأحداث بما ينتج رؤية للواقع والمآل أكثر تفسيرية وموضوعية منصفة.
ويشدد الكتاب على أهمية حدث السابع من أكتوبر، مشيرا إلى تداعياته وتأثيره تجاوز مساحة فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي ليفرض نفسه على بنية النظام الدولي برمته، فيختبر مؤسساته وفاعليه وقوانينه ويضعها على المحك، وفق المصدر ذاته.
ويشير المؤلف إلى ختراق “هدير فلسطين” قلب الجامعات الغربية والنخب الأكاديمية بها، لتصبح التظاهرات الطلابية في أرقى جامعات أوروبا وأمريكا وأشهرها سمعة ومصداقية، مقرات للاعتصام والاحتجاج ضد الإبادة الإسرائيلية والتمويل الأمريكي للإبادة، وتطالب بوقف الحرب والتجويع والحصار، وتصرخ الأجيال الشابة بأعلى صوتها:”فلسطين حرة”.
ويعتبر بونعمان في تقديمه للكتاب، أن هذه حالة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة الغربية من حيث رمزية حضور العلم الفلسطيني وألوانه ولبس الكوفية الفلسطينية في الفضاء الجامعي، وإصرار الأساتذة والطلاب على الصمود في وجه الأجهزة الأمنية التي تدخلت لفض الاعتصامات واعتقال الطلاب وتهديدهم بالطرد في صيغة تذكر بالدول الديكتاتورية والقمعية.
ويرى أن الدعم الشعبي العالمي لفلسطين ولحقوق شعبها ومطالبه، تنامى وتسارع بشكل لم يكن في حسبان الاحتلال وداعميه، رغم كل السياسات والتهديدات والإجراءات التي قامت بها الدول الغربية في تقييد حركة التضامن الإنساني.
وأوضح أن انتفاضة الطلاب في الغرب مثلت حدثا دالا على تحولات عميقة تختمر في المجتمعات الغربية، فهو نجاح مقدّر للسردية العربية الفلسطينية الأصيلة، وفضح غير متوقع للرواية الصهيونية وسرديتها المزيفة، وخطوة مهمة في فضح ممارسات الاحتلال ومحاصرته دوليًا، وتعزيز المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية والشعبية.
في حين، يضيف بونعمان، اختارت غالبية النخب الفكرية والأكاديمية العربية “الحياد السلبي” وقررت “الصمت” تجاه الإبادة الجماعية في غزة بدعوى الموضوعية أو المصلحة الوطنية، كما وظف بعضهم قدراته المعرفية وأدواته البحثية لتبرير الاحتلال بتحميل المقـاومة المسؤولية عن هذه الجرائم البشعة وغير المسبوقة.
واعتبر أن خطاب هذه النخب بوعي أو بدون وعي صار جزءا من مشروع التطبيع الهادف إلى الصهينة الشاملة التي تتعرض لها المنطقة، فضلا عن فقدان هذه النخب للمصداقية العلمية والأخلاقية في تحيزها لصالح الظلم والاستكبار العالمي، وانكماشها عن إبداء أي موقف أخلاقي منحاز للمظلومين.
المصدر: العمق المغربي