انطلقت، منذ بضعة أسابيع، حركية ملحوظة في سوق الانتقالات الصيفي داخل البطولة الاحترافية القسم الأول، تحسبا للموسم الكروي القادم، والذي تسعى فيه الأندية إلى الاستعداد له بتركيبة بشرية تتوافق مع تصوراتها التكتيكية وأهدافها المرسومة، بما يتطابق كذلك مع تطلعات جماهيرها.
وأخذت الأندية الوطنية في ترميم صفوفها وإحداث تغييرات على ترسانتها البشرية، من خلال تسريح بعض اللاعبين والانفصال عنهم، مُقابل التعاقد مع أسماء جديدة، في إطار تجويد العتاد البشري الذي سيدافع داخل معترك الميدان عن ألوان الفريق.
ولعلّ أبرز ما اتّسم به الميركاتو الصيفي الجاري، هو سيطرة صفقات الانتقال الحرة على المشهد، بانتداب لاعبين أحرار وغير مرتبطين بعقود، في غياب التوجه نحو استقطاب أسماء لازالت مقترنة بأنديتها.
ويعود هذا المعطى، بالأساس، إلى الأزمة المادية التي تضرب أغلب الفرق المغربية، في الظرف الراهن، مما يُبعدها عن ضم لاعبين مُنتمين إلى أندية أخرى، حيث يستوجب ذلك مبلغا ماليا مرتفعا، بالنظر إلى ضرورة تسديد قيمة مادية للنادي المالك لعقد اللاعب، فضلا عن دفع منحة توقيع هذا الأخير.
وتتواجد في خانة الأندية النشيطة في الميركاتو الحالي، على سبيل المثال لا الحصر، الجيش الملكي والرجاء الرياضي والوداد الرياضي، إلى جانب أولمبيك آسفي وحسنية أكادير، وقد اشتركت كلها أيضا في فك الارتباط بعدد لاعبين مهم، سواء لعدم الاقتناع بمؤهلاتهم أو استجابة لعروض مقابل تسريحهم.
وسيمتد الميركاتو إلى غاية الـ15 من شهر غشت القادم، علما أنه انطلق في فاتح يوليوز الجاري، ومن المُنتظر أن تتواصل التعاقدات بهذه الوتيرة المرتفعة، قبل انخراط الفرق في المرحلة الأخيرة من التحضيرات للموسم الكروي المقبل.
وعادت صفقات الانتقال الحر إلى البروز في المشهد الكروي الوطني، في السنوات القليلة الماضية، إثر دخول الأندية في أزمات مادية عصيبة، في أعقاب القيود التي فرضتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الاحترافية على الجوانب المالية.
أما بشأن الانتقالات من نادٍ لآخر، فإنها تُعد قليلة مقارنة بالصفقات الحرة، ومن بينها عملية التحاق عبد الغفور لميرات من أولمبيك آسفي بالوداد الرياضي، وانضمام زميله خالد كبيري علوي من القرش المسفيوي إلى الرجاء الرياضي.
وبالموازاة مع الانتقالات الحرة، تطفو على السطح أيضا تعاقدات على سبيل الإعارة من نادٍ لآخر، مما يُتيح للفريق المُستقْبِل توظيف اللاعب لمدة محددة، ومتابعة مؤهلاته عن كثب واختباره، قبل الحسم في شراء عقده أو العدول عن ذلك.
وفي هذا الصدد، يقول الإعلامي الرياضي أمين أوباها: “هذه الظاهرة المرتبطة بالانتقالات الحرة وصفقات الإعارة تسري على الكرة المغربية كما العالمية، فالأندية باتت غير قادرة على المجازفة بدفع مبالغ مالية مهمة دون الاستفادة من خدمات اللاعبين بالشكل الأمثل”.
وأضاف المتحدث نفسه، في تصريح لجريدة “”: “الفرق صارت كذلك تُفضِّل الاستثمار في اللاعبين الشباب، رغم أنها تنافس دوما على الألقاب، لكن الضرورة المادية تُلزمها بذلك، وتهدف إلى الحفاظ على الأداء الرياضي من جانب وتطوير المواهب وجني الإيرادات المالية من بيعها من جهة أخرى”.
ويُطرح الجانب المادي كعُنصر مهم في هذه المعادلة المرتبطة بالكرة المغربية، وأنديتها التي لازالت تحاول الخروج من النفق الضيق والاستقرار على نموذج الشركة الرياضية، الذي جاء لمنح استقلالية أكبر لها باعتبارها قائمة الذات من حيث الموارد ومصادر التمويل.
المصدر: العمق المغربي