في سياق انخراط المغرب في مسار تحول رقمي شامل ومندمج، من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030″، تقرر إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس من الأنترنت في غضون نهاية السنة الجارية باستثمار يصل لـ 80 مليار درهم، وذلك بعد الاطلاع على مشاريع وبرامج الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات خلال اجتماع مجلس إدارتها، الجمعة الماضية، برئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة.
ويرى العديد من الخبراء والمختصين في مجال المواصلات والتكنولوجيا، أن انطلاقة تكنولوجيا الجيل الخامس “5G”، ستشكل فرصا واعدة من شأنها أن تمكن من تحسين مردودية الشبكة، ومواكبة التنمية الاقتصادية للملكة، رغم التحديات والآثار الاقتصادية التي قد تنجم عن هذا المشروع الوطني الذي من المتوقع أن يشمل حوالي 85% من السكان في أفق سنة 2030.
فرصة تاريخية
وفي ذات السياق اعتبر عبد الصمد الوافي، مهندس في التحول الرقمي أن الحديث عن دخول المملكة المغربية عصر تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) ليس مجرد نقاش تقني حول تحسين سرعة الإنترنت أو جودة الاتصال، بل يتعلق بتحول نوعي واستراتيجي يمس بنية الاقتصاد الوطني، وطبيعة الخدمات العمومية، ومفهوم الابتكار، وكذا مستقبل الأجيال القادمة.
وأكد الوافي أن تكنولوجيا الجيل الخامس تعد محورا أساسيا لعصر جديد من الخدمات الذكية، نظرا لما توفره من سرعة اتصال فائقة، وزمن استجابة شبه لحظي، مبرزا بأن هذا من شأنه أن يفتح آفاقا واسعة أمام استعمالات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، القيادة الذاتية، والصناعة المتصلة.
وأوضح بأن شروع المملكة في اعتماد هذه التكنولوجيا يمثل فرصة تاريخية لتعزيز تنافسيتها وجاذبيتها الاقتصادية في هذا المجال، وتطوير قطاعات حيوية مثل الصناعة، الفلاحة، واللوجستيك.
وأوضح المهندس في التحول الرقمي أن استعداد المملكة، لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال يشكل فرصة استراتيجية لتسريع وتيرة التحول الرقمي على صعيد البنيات التحتية والخدمات، موضحا بأن نجاح هذه التظاهرة لا يمر فقط عبر تأهيل الملاعب وتطوير النقل، بل عبر رقمنة المنظومات الأمنية، والخدمات اللوجستية.
وتابع بأن تكنولوجيا الجيل الخامس” G5″ ستكون أساسا لهذا التحول، وذلك من خلال تمكين المدن المستضيفة من تبني نموذج “المدينة الذكية” وربط المواطن والزائر على حد سواء بمنظومة خدمات آمنة وسريعة وشفافة.
الآثار الاقتصادية
على الصعيد الاقتصادي أوضح الوافي بأن هذه التكنولوجيا ستساهم في خلق آلاف مناصب شغل جديدة، وتعمل على تحفيز الاستثمار في الابتكار والمقاولات الناشئة، فضلا عن تطوير سلاسل القيمة الرقمية، مردفا بأنها ستعزز تحول المغرب إلى مركز إقليمي للبيانات والخدمات التكنولوجية، سيما إذا صاحبها استثمار وازن في البنية التحتية، الكوابل البحرية، مراكز المعطيات (Data Centers)، وشبكات الألياف البصرية.
واستدرك المتحدث ذاته بأنه لا ينبغي إغفال التحديات البنيوية التي يجب التعامل معها بجرأة وتخطيط محكم، أبرزها، وفقه، كلفة تعميم التغطية، الإطار التنظيمي والتشريعي، فضلا عن توفير الأمن السيبراني بغية حماية الحياة الخاصة، بالإضافة إلى ضرورة تأهيل الموارد البشرية الوطنية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية من التحول الرقمي.
وأشار إلى أنه رغم أهمية الجانب التقني، فإن نجاح هذا التحول يظل رهينا بإرادة جماعية، ورؤية متكاملة بين الدولة، القطاع الخاص، الجامعات، والمجتمع المدني، موضحا بأن تقنية الجيل الخام G5 ليست تكنولوجيا معزولة، بل منظومة متكاملة تتطلب الثقة، الابتكار، والانخراط الفعلي في خلق بيئة رقمية منتجة وعادلة.
المصدر: العمق المغربي