أكد محمد أمين سامي، المستشار الدولي في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للشركات، أن المغرب ما زال يواجه تحديات كبيرة تتعلق بجودة الحياة والخدمات الأساسية للمواطنين، مشيرا إلى أن الحرمان اليوم لا يعني بالضرورة فقرا نقديا، بل هو نقص في جودة الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، وهو ما يجعل المواطن لم يصل بعد إلى مستوى حياة كريمة.
وأوضح سامي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق”، بث مساء اليوم الاثنين على منصات “”، أن “الأثر الفعلي للسياسات العمومية هو المحك الحقيقي لنجاحها فالمواطن يجب أن يشعر بقدرة شرائية حقيقية وأن يلمس أثر الخدمات الصحية عند زيارته للمستشفى ليستعيد صحته بكرامة وأن تنعكس برامج الدولة على مستوى معيشته”، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن المغرب ما زال يواجه إشكالات في هذا الباب، خصوصاً مع استمرار موجات الغلاء على الرغم من البرامج والتدابير الحكومية.
وذكر سامي أن “النقاش الجاري اليوم حول التشغيل والأجور والغلاء يتطلب تفكيراً خارج الصندوق، وأن تحقيق الأثر الحقيقي للسياسات العمومية هو الذي يجعل المواطن يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، وهو المعيار الأساسي لنجاح أي برنامج اقتصادي أو اجتماعي”، وفق تعبيره.
وأبرز أن خطاب الملك ركز بشكل كبير جدا على مسألة الأثر، باعتبارها المعيار الأساسي لجودة الحياة التي يلمسها المواطن، وأوضح أن القدرة الشرائية يجب أن يظهر أثرها بشكل ملموس لدى المواطن، وأن الخدمات الصحية لا تقتصر على القدرة على دفع تكاليف العلاج، بل يجب أن تمكن المواطن من استرجاع صحته بطريقة تحفظ كرامته وأن الأثر يبقى القياس الحقيقي لفعالية الخدمة العمومية، وفق تعبيره.
وأكد المتحدث ذاته أن “الغلاء اليوم ليس داخليا فقط، بل مرتبط بعوامل خارجية أيضا”، ملفتا في هذا الصدد أن “موجة الغلاء تعني أن ارتفاع الأسعار في مواد أساسية يجر وراءه ارتفاعاً في سلع وخدمات أخرى غير مرتبطة مباشرة بالمواد الأولية، وهو ما تأثر به المغرب بشكل كبير”.
كما يرى سامي أن “الدولة تقوم بعملها، لكنها تحتاج إلى آليات جديدة وأكثر فاعلية، مشيرا إلى الرقمنة كأداة يمكن أن تساعد في ضبط الأسعار وتتبع البيانات رغم ارتفاع تكلفتها عالمياً وأن الظروف المناخية والفلاحية تلعب دوراً أساسياً في تقلب الأسعار، بما يجعل المغرب أكثر عرضة لتأثيرات المواسم والتقلبات الجوية”.
وأضاف: “موضوع الغلاء يجب أن يعرف الناس ما الذي فيه الغلاء وما الذي ليس فيه، ويجب على الحكومة أن تحافظ على التضخم وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، لأن هذا هو دورها الأساسي، فعدم الحفاظ على القدرة الشرائية يؤدي إلى ضغوط على المواطن والموظف والقطاع الخاص وإذا لم تحافظ الحكومة على القدرة الشرائية فالمواطن الموظف القطاع الخاص لن يكونوا قادرين على الإنتاج، وسيجد نفسه مضطراً للقيام بوظيفة ثانية وثالثة ورابعة فقط لكي يعيش، وهذا يعني أن حياته ستظل في دوامة مستمرة”.
وأشار المستشار الدولي إلى أن قطاع صناعة السيارات شهد تطورا كبيرا، وأن المغرب يسعى اليوم إلى خلق سلسلة متكاملة ومندمجة في مجموعة من القطاعات، وهو ما يعكس قدرة الدولة على التطوير الاقتصادي، لكنه شدد على أن مواجهة الغلاء تتطلب نقاشاً حقيقياً حول الأجور، بما يشمل الحد الأدنى للأجور وآليات تعديلها وفق مستويات التضخم، سواء كانت أجورا عامة أو جهوية أو حسب السلم الوظيفي، معتبرا أن هذا النقاش يجب أن يأخذ في الاعتبار جميع السيناريوهات وتأثيراتها على التضخم والاقتصاد للوصول إلى صيغة توافقية قابلة للتنفيذ.
كما سجل محمد أمين سامي، أهمية إعادة التفكير في أساليب التوظيف، مؤكداً أن عقلية “إما عقد مفتوح أو عقد مرتبط بمدة” لم تعد كافية، بل يجب ابتكار طرق جديدة للتوظيف في القطاع العام والخاص، مثل توظيف عدد ساعات محدد أو إنشاء صيغ أخرى مرنة للتشغيل، بما يتيح زيادة فرص الشغل للشباب دون أن يكون هناك قيود تقليدية تحد من الابتكار في سوق العمل”.
المصدر: العمق المغربي