انتقد أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، القانون المغربي رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، معتبرا أن التوسيع المبالغ فيه لدائرة الاستثناءات وطول الآجال الإجرائية يفرغانه من محتواه ومن هدفه الدستوري.

وأكد أمين السعيد، في مداخلة له بعنوان “القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وآفاق الإصلاح” خلال لقاء دراسي نظمه منتدى أنوال، أمس الأحد بمدينة الناظور، أن هذه العراقيل تجعل هذا الحق الدستوري صعب المنال عمليا.

وأوضح الأستاذ أمين السعيد أن القانون يعاني من “عقدة” أساسية تتمثل في الاصطدام بمفاهيم تقليدية للسر المهني وواجب التحفظ، دون أن يقدم المشرع تعريفا جديدا لهذه المفاهيم يتماشى مع فلسفة الشفافية ومبدأ الإتاحة، مما يفتح الباب أمام الإدارات والهيئات والمؤسسات والجهات لرفض طلبات المعلومات بسهولة.

وأشار إلى أن قائمة الاستثناءات التي تمنع الوصول إلى المعلومة، والتي تضم 13 صنفا، صيغت بشكل فضفاض وقابل للتأويل والتفسير الواسع، مثل “الدفاع الوطني”، مما يجعل الاستثناء يكاد يصبح هو القاعدة الأصلية.

ودعا السعيد إلى ضرورة إعادة النظر في هذه الاستثناءات، ذلك أن هذه الأخيرة يتعين أن تكون ضرورية وتحمي المصلحة العامة ومتناسبة وأن لا تفرغ الحق في المعلومة من مضمونه.

واقترح تدقيقها عبر إصدار مرسوم تطبيقي مفصل ودقيق يحدد نطاقها بشكل لا يقبل التمطيط، معتبرا على سبيل المثال أن مداولات المجلس الوزاري والمجلس الحكومي ترتبط بمؤسسات تمثيلية تدبر الشأن العام ومقرونة بجدول أعمال وببلاغ بعد انتهاء اشغالها، وبالتالي لا ينبغي أن تكون ضمن المجالات المستثناة، وفق تعبيره.

كما أبرز التناقض الذي يطرحه القانون في علاقته مع تشريعات خاصة أخرى كقانون الأرشيف، حيث يمنح الأولوية لهذه القوانين القديمة على حساب القانون الجديد، مما يعرقل تطبيقه.

وسلط أمين السعيد الضوء على العراقيل العملية التي تواجه المواطن، وعلى رأسها الآجال الزمنية التي وصفها بـ “الطويلة جدا”، حيث قد تصل مدة الحصول على المعلومة بعد استنفاد كل مراحل الشكوى إلى 135 يوما.

وأضاف أن اللجنة الوطنية المكلفة بضمان هذا الحق، وباعترافها هي نفسها، تفتقر إلى الصلاحيات الإلزامية والاستقلالية والموارد المالية اللازمة للقيام بدورها بفعالية، كما اقترح توسيع حضور ممثلي جمعيات المجتمع المدني داخل تركيبة اللجنة.

وطالب السعيد بترجيح المصلحة العامة على الاعتبارات الشخصية حينما يتعلق الأمر ببيانات المسؤولين والمدبرين العموميين، معتبرا أن معلومات مثل التصريح بالممتلكات والتعويضات والأجور ينبغي أن تكون متاحة للعموم تحقيقا لمبدأ الشفافية والمساءلة.

وفيما يتعلق بالبوابات الإلكترونية المخصصة للنشر الاستباقي، فقد اعتبرها خطوة إيجابية، لكنه نبه إلى أن معظمها يفتقر إلى التحيين والإلزامية القانونية، عكس البوابات المنظمة بمراسيم كبوابة التشغيل العمومي.

واستعرض السعيد في مداخلته المسار التاريخي للاعتراف بهذا الحق دوليا، مشيرا إلى أن السويد كانت أول دولة تقره سنة 1766، بينما تأخر العالم العربي كثيرا، حيث لم يصدر أول قانون في هذا الشأن إلا في الأردن سنة 2007.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن القانون المغربي في صيغته الحالية يحتاج إلى مراجعة شاملة لتجاوز هذه الإشكاليات وتفعيل هذا الحق بشكل حقيقي لأن غياب المعلومة يفتح المجال للتضليل والتزييف، وبالتالي فإن توفير المعلومات من شأنه أن يعزز الشفافية والمساءلة ويسهم في تقوية سمات النظام الديمقراطي.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.