اخبار المغرب

أمريكا.. روسيا .. الصين .. الاتحاد الأوروبي.. عالم جديد ودبلوماسية القوة

ما وقع اليوم بالبيت الأبيض بين ترامب وزلينسكي وقبله بين ترامب وماكرون يدل على نهاية الدبلوماسية المعاصرة الهادئة المبنية على الإحترام ، وبداية مرحلة دبلوماسية القوة..

أوروبا ستعود لحجمها الحقيقي وربما سنرى عودة بريطانيا لعائلتها الأوروبية.. حيث ستزيد هذه الدول من إنفاقها العسكري للحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتحصين إتفاقاتها المعدنية مع أوكرانيا وهو أمر صعب التحقيق في ظل تحالف قوي بيت ترامب وبوتين هدفه إبتسام ثروات أوكرانيا والمحيط المتجمد الشمالي ووقف التمدد الصيني وتحجيم القوة الاقتصادية للإتحاد الأوروبي.

أوروبا ستعيش فترات صعبة وقد تسقط في فخ المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا لكن بدون حلف الناتو الذي بدأت بوادر تفككه تظهر إلى حد ما.

سقوط النظام السوري بتلك السرعة وتراجع الدعم الروسي كان وراءه إتفاق سري يحمل في طياته العديد من المتغيرات ليس فقط على المستوى الشرق الأوسط فقط، وإنما على مستوى خريطة الصراع العالمي، حيث جاء الدور على أوكرانيا لتدفع ثمن اللعبة الأوروبية الأمريكية، بتقديم تنازلات تنازلات كبيرة بما في ذلك تقليص مساحتها لفائدة روسيا، مما يعني سيطرة الأخيرة على ثلث أراضي أوكرانيا ببحرها ومعادنها وحبوبها….

ما وقع اليوم ينفي المقولة التي ظل العالم يستهلكها عن وعي وهي أن أمريكا توجد في موقع القوي المهاجم، اليوم اتضح أن أمريكا توجد دائما في موقع المدافع عن مصالحها.

اليوم أمريكا تدرك جيدا أن الخطر المحذق بمصالحها لن يأتيها من روسيا، بل من الصين بالدرجة الأولى التي أصبحت تمتلك قوة إقتصادية كبيرة، وهي الآن في إطار التأسيس لقوة عسكرية قد تشكل تهديدا حقيقيا للهيمنة الأمريكية.

كما أن أمريكا في مخيلتها، الإتحاد الأوروبي أنشئ لمواجهة الهيمنة الأمريكية الاقتصادية وهو ما ترامب يلوح باستخدام سلاح الرفع من الرسوم الجمركية كما فعل مع اليابان…

ربما قد تلجأ دول الإتحاد الأوروبي إلى البحث عن حلفاء جدد كالهند وجنوب إفريقيا وإيران لوقف التحالف الروسي الأمريكي الذي قد ينهي لحمة الإتحاد في حالة عدم مواجهته.

أمريكا لن تسمح لأي قوة أن تزاحمها إقتصاديا وعسكريا، فباتفاق ترامب وبوتين تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت في منع اي تطور للتقارب الصيني الروسي مع عزل كوريا الشمالية، وخنق الإتحاد الأوروبي، لكن رغم ذلك تبقى الصين الدولة الوحيدة القادرة على خلق التشويش لأمريكا بحكم ارتفاع حجم التعاملات التجارية بسيطرتها على ثلث التجارة العالمية، وهو ما يحاول ترامب مواجهته عبر السيطرة على قناة باناما التي تسيرها شركة صينية، ومحاولته قطع طريق الحرير الذي أطلقته الصين عبر السيطرة على سوريا وإعادة تركيا للحضن الأمريكي عبر وقف الدعم للأفراد والضغط عليهم لوقف الحرب وإلقاء السلاح والإندماج ضمن دول الشتات، وهو ما يمكن تفسيره بدعوة زعيم “البيكاكا PKK” عبد أوجلان بإلقاء السلاح والإندماج في الدولة التركية، وهو نفس الشئ يمكن تطبيقه على أكراد سوريا.

يتضح أن الاتفاق الروسي الأمريكي له نتائج متعددة سيكون له تأثير على التوازنات الاقتصادية والسياسية وكذا مستقبل العلاقات الدولية، معلنا نهاية كل القراءات والنظريات والمدارس التقليدية في العلاقات الدولية، وبروز دبلوماسية القوة الخشنة.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *