أكاديمية المملكة ترسم خارطة طريق لصيانة الإرث الثقافي الشفهي الإفريقي
وسط تفاؤل بمستقبل واعد للثقافة الشفهية الإفريقية، اختُتمت فعاليات الندوة الدولية، التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، على مدى ثلاثة أيام، حول موضوع: “الثقافة الشفوية.. سِجلّ متميز للتخاطب في إفريقيا أم حاجز لها؟”، وشارك فيها باحثون ومهتمون من غينيا وبوركينا فاصو والسنغال وموريتانيا ومدغشقر والغابون والكاميرون.
التفاؤل باستمرار الثقافة الشعبية الإفريقية، رغم كل المخاطر المهددة لها بسبب تحوّلات المجتمعات المحلية ووسائل التواصل الحديثة والعولمة…، عبّر عنه أوجين إيبودي، مدير كرسي الأدب الإفريقي بأكاديمية المملكة، بقوله إن الندوة الدولية التي نظمتها الأكاديمية تُمثل قناة لإفريقيا لإيصال صوتها وما تختزنه من إرث ثقافي غني إلى العالم.
وأضاف “لدينا انطباع بأن العالم يتحدث كثيرا عن القارة الإفريقية، لكن القارة لا تخاطب العالم إلا لماما، وما سعيْنا إلى القيام به من خلال هذه الندوة هو أن نعكس الآية، أي أن نتحدث إلى العالم، وأن يُنصت إلينا في آن”، مبرزا أن أبناء القارة الإفريقية لديهم الكثير ليقولوه لنظرائهم من باقي شعوب العالم.
واعتبر إيبودي أن القارة الإفريقية تجسّد القيم الإنسانية السامية، وتشكل نموذجا في الأخوّة والسخاء والانفتاح على الآخر، مضيفا أنها “تفتح أحضانها للجميع، وتنتظر من العالم أن يُعاملها بالمثل، وهذه الرسالة التي نودّ أن نوصلها من خلال اجتماعنا في أكاديمية المملكة”.
وأوضح أن الندوة الدولية المنظمة في رحاب أكاديمية المملكة المغربية هي، أيضا، تعبير عن الإرادة في تبادل الأفكار، مضيفا “حين نستضيف ثلة من الباحثين من مختلف الأقطار الإفريقية، فإننا بذلك نوجه رسالة فحواها: نريد أن يكون صوتُنا، نحن الأفارقة، مسموعا”.
من جهته، قال عبد الرحمان وردان، الفنان التشكيلي المغربي ومؤسس مؤسسة “أركان”، التي تُعنى بالنهوض بالفن والحفاظ على التراث، إن إفريقيا تشكل مصدرا للإلهام، مشبّها إياها بنجمة بيضاء كانت تثير الاندهاش في البداية، قبل الغوص في خباياها، وعند اكتشاف ما تختزنه “كان ذلك مصدرا للسعادة”.
ودعا المشاركون في ندوة “الثقافة الشفوية.. سِجلّ متميز للتخاطب في إفريقيا أم حاجز لها؟” الباحثين والأساتذة الجامعيين إلى الاهتمام بالثقافة الشفهية، بجميع مكوناتها، من خلال تعميق البحث فيها، وتوثيق ما تزخر به من كنوز، حفْظا لها من الاندثار.
وفي هذا الإطار، قال عبد الحي صديق، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، إن الجامعة المغربية ما زالت مهتمة بالثقافة الشعبية، وإن كان ذلك بدرجة أقلّ من الاهتمام الذي كانت تحظى به في السابق إلى حدود سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وحتى التسعينيات.
وأضاف صديق، في تصريح لهسبريس، أن ما يميز الاهتمام بالثقافة الشعبية في الجامعة المغربية، اليوم، هو أن هذا الاهتمام صار علميا وأكاديميا محضا، مشيرا إلى أن تجربته في هذا المجال تركز بشكل أكبر على الترجمة، باعتبارها تشكّل بوابة لتعريف الآخرين بها.
واختُتمت الندوة الدولية بدعوات إلى الدفع بالقارة الإفريقية إلى مزيد من التحرر من التبعية للقوى الاستعمارية، وهو ما عبّر عنه مغني الراب الغابوني موادزانغ إيا بقوله: “إننا عبيد معاصرون”.
المصدر: هسبريس