يعيش تجار المحطة الطرقية أولاد زيان بمدينة الدار البيضاء حالة من الاحتقان والغضب، بعد إغلاق محلاتهم التجارية بسبب الأشغال الجارية لإعادة هيكلة المحطة، في وقت يشتكون فيه من غياب التواصل مع السلطات المنتخبة وتهميش مطالبهم من قبل عمدة الدار البيضاء نبيلة الرميلي.

ونظم عدد من أصحاب المحلات التجارية وقفة احتجاجية داخل المحطة، معبّرين عن استيائهم من القرار المفاجئ بإغلاق المحلات دون توفير بدائل مؤقتة أو تعويضات، ما تسبب في شلل تام لأنشطتهم التجارية ومصدر قوتهم اليومي.

من جهتهم، أكد عدد من المحتجين أن الإصلاحات الجارية بالمحطة تعد خطوة مهمة لتأهيل هذا المرفق الحيوي، لكنهم يرفضون أن تتم على حساب مصالحهم دون احترام حقوقهم كمستغلين قانونيين لمحلات داخل الفضاء العمومي لسنوات طويلة.

ويطالب التجار المتضررون بتعويض مادي عن فترة التوقف عن العمل، أو تخصيص فضاء بديل لمزاولة أنشطتهم مؤقتًا، إلى حين انتهاء الأشغال، إضافة إلى ضمان حقهم في العودة إلى محلاتهم بعد الانتهاء من المشروع.

وعبر عبد الواحد المغاري، الناطق الرسمي باسم أصحاب المحلات التجارية بمحطة أولاد زيان بالدار البيضاء، عن قلق وامتعاض كبيرين لدى التجار بسبب الأوضاع المتأزمة التي يعيشونها جراء الأشغال الجارية بالمحطة، والتي أثرت بشكل مباشر على أنشطتهم التجارية ومصدر رزقهم اليومي.

وقال المغاري، في تصريح خصّ به جريدة “”، إن “الأشغال التي تشهدها المحطة الطرقية منذ فترة أدت إلى إغلاق مجموعة من الممرات والأبواب الرئيسية، ما تسبّب في عزوف الزوار والمرتفقين، وبالتالي تراجع كبير في الحركة التجارية داخل المحطة”.

وأضاف أن هذا الوضع بات يهدد استمرارية العشرات من المحلات التجارية التي تعول بشكل كلي على الرواج اليومي الذي توفره المحطة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “تجار المحطة عبروا في أكثر من مناسبة عن سخطهم من الطريقة التي يُتعامل بها معهم من طرف إدارة المحطة”، مؤكدا أن “أسلوب التجاهل والإقصاء الذي انتهجه مدير المحطة تجاه مطالبهم المشروعة، هو ما دفعهم في نهاية المطاف إلى تنظيم وقفات احتجاجية سلمية للتعبير عن تضررهم”.

وفي سياق متصل، أوضح المغاري أن “التجار سبق لهم أن حددوا موعدا رسميا مع عمدة مدينة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، من أجل مناقشة الأزمة وبحث سبل تجاوزها، غير أن العمدة تخلفت عن الحضور دون تقديم أي مبرر واضح”، معتبرا أن هذا السلوك يعبر عن غياب إرادة حقيقية في الإنصات لمطالب الفئة المتضررة.

وأردف أن “السلطات المنتخبة، وفي مقدمتها مجلس المدينة، تتحمل كامل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المحطة وأصحاب المحلات”، مؤكدا أن “المعاناة تتفاقم يوما بعد يوم في ظل غياب أي تواصل رسمي فعلي، أو اتخاذ قرارات ملموسة تعيد الاعتبار لهؤلاء التجار الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة المجهول”.

وفي تعليقه على خلفية غياب العمدة عن اللقاء المرتقب، أشار المغاري إلى أن “بعض المسؤولين الجماعيين برروا غيابها بانشغالها في اجتماعات متواصلة مع والي جهة الدار البيضاء سطات، وهو ما أثار استياء التجار الذين كانوا يعولون كثيرا على هذا اللقاء لحلحلة الأزمة”.

رغم هذه المعطيات المقلقة، كشف المغاري أن هناك بصيص أمل قد يلوح في الأفق، حيث أجرى مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة مدينة الدار البيضاء، اتصالاً هاتفياً مع ممثلي التجار، أكد من خلاله أن المجلس الجماعي بصدد دراسة حلول واقعية وعملية بهدف ضمان استمرارية الأنشطة التجارية داخل المحطة، والتخفيف من حدة الضرر الذي لحق بالتجار نتيجة الأشغال الجارية.

وختم المغاري تصريحه بتجديد دعوته للجهات المسؤولة، محليا وجهويا، إلى ضرورة التدخل العاجل وفتح قنوات حوار حقيقي مع المعنيين، حفاظا على مصالح المهنيين واستقرارهم الاقتصادي، مؤكدا أن “الكرامة والعيش الكريم حق مكفول ولا يجب أن يكون ضحية لقرارات أحادية أو غياب التنسيق والتشاور”.

ومن جهته، أكد مولاي أحمد أفيلال، نائب عمدة مدينة الدار البيضاء، أن التجار وأصحاب المحلات المتواجدين بالمحطة الطرقية أولاد زيان يعيشون فعلا وضعا صعبا بسبب الأشغال الجارية داخل هذا الفضاء العمومي، مشددا على أن معاناتهم مفهومة ومشروعة، وأنهم في نهاية المطاف سيكونون من المستفيدين من مشروع إصلاح وهيكلة هذه المحطة الحيوية.

وأوضح أفيلال، في تصريح خصّ به جريدة “”، أن انشغالات هؤلاء المهنيين لا تسقط من اهتمام مجلس المدينة، قائلا: “أنا شخصيا أعتبر صوت هؤلاء المتضررين صوتا يعنيني بالدرجة الأولى، ليس فقط بصفتي نائبا للعمدة، ولكن أيضا بصفتي رئيسا للاتحاد العام للمقاولات والمهن، وهو ما يضعني أمام مسؤولية أخلاقية ومهنية للدفاع عن حقوقهم والترافع عنها”.

وأضاف أن العلاقة التي تربطه بهؤلاء التجار تتجاوز الطابع الإداري أو السياسي، قائلا: “لا يمكنني التفاوض معهم من موقع العلو، فأنا واحد منهم وأفهم جيدا حجم الخسائر التي تكبدوها نتيجة هذه الأشغال غير المهيكلة أحيانا”.

وتابع المسؤول الجماعي حديثه بالقول: “لقد فوضت لي السيدة عمدة المدينة مهمة التواصل والحوار مع المتضررين، غير أن هذا الوضع يضعني في موقف معقد، إذ أرتدي قبعتين في الوقت نفسه؛ قبعة المسؤول الجماعي الذي يمثل المؤسسة، وقبعة الفاعل المهني الذي يعيش هموم هؤلاء التجار. وهذا يجعل من الصعب أن أكون حكما وطرفا في الوقت ذاته”.

وأشار أفيلال إلى أن مجلس المدينة واع بخطورة الوضع، وأنه يتم الاشتغال حاليا على بلورة حلول استعجالية تمكن هؤلاء التجار من استئناف أنشطتهم التجارية في ظروف أفضل، مؤكدا أن التأخر في التدخل ليس ناتجا عن تهاون أو تجاهل، بل يرتبط بإكراهات تقنية وإدارية سيتم تجاوزها في أقرب الآجال.

واختتم أفيلال تصريحاته بالتأكيد على أن الإصلاحات الجارية بالمحطة الطرقية ستعود بالنفع في المستقبل على الجميع، لكن هذا لا يعني ترك المتضررين يواجهون مصيرهم لوحدهم، داعيا جميع الأطراف إلى التعاون من أجل الوصول إلى حلول توازن بين ضرورات التطوير وضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمهنيين.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.