تتواصل بمدينة العيون كبرى حواضر الصحراء المغربية أشغال تشييد أكبر جسر طرقي في المملكة، والذي ينجز على وادي الساقية الحمراء كإضافة نوعية لمشروع الطريق السريع تزنيت الداخلة، حيث تجاوزت نسبة تقدم الأشغال لهذا الجسر 23%، وفق ما أفاد به مبارك فنشا، مدير المديرية المؤقتة المكلفة بإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي.

ويعد الجسر، الذي يمتد على طول 1648 مترا وبعرض 21,4 مترا، منشأة فريدة من نوعها على الصعيد الوطني، ويأتي لتأمين انسيابية التنقل لحركة السير العابرة وفك الاختناق المروري عن مدخل مدينة العيون، إلى جانب تعزيز ربط الجنوب بالمراكز الوطنية الكبرى.

وتبلغ الكلفة الإجمالية لهذا الجسر الضخم حوالي 1,38 مليار درهم، ويقوم على 15 مجازة (traversées) مدعّمة بأساسات عميقة، تمتد في مجموعها على مسافة تفوق 9 كيلومترات، مما يعكس التعقيد الهندسي والدقة التقنية المطلوبة لإنجاز المشروع.

ووفق القائمين على المشروع فإن الجسر مهيأ لاحتضان مسلكين منفصلين بممرين، إلى جانب ممرات للراجلين، ويستجيب لأعلى معايير السلامة والاستدامة البيئية، بحيث ينتظر الانتهاء من الأشغال به في يوليوز 2027، وفق الجدولة الزمنية المتوقعة.

وفي تصريح لـ “مبارك فنشا”، أكد المسؤول أن “الجسر لا يعد فقط منشأة تقنية، بل ركيزة استراتيجية ضمن الطريق السريع نحو الداخلة، وهو تجسيد ملموس للنموذج التنموي الجديد بالأقاليم الجنوبية، والذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015”.

وأضاف فنشا في حديث خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، أننا “راهنّا منذ البداية على الكفاءات الوطنية، سواء من أطر إدارية أو تقنية، وشركات مغربية ومختبرات ومكاتب دراسات، التي اشتغلت على مدار الساعة رغم الإكراهات المرتبطة بالظروف المناخية والتضاريسية واللوجستية، لضمان احترام آجال الإنجاز وجودة التنفيذ.”

وأوضح مدير المديرية المؤقتة المكلفة بإنجاز الطريق السريع تزنيت الداخلة، أن الجسر الذي ينجز على وادي الساقية الحمراء بمدينة العيون يمثل أكبر منشأة فنية طرقية من نوعها على المستوى الوطني، سواء من حيث الطول أو حجم الأشغال والوظائف المنتظرة منه، لافتا إلى أن “هذا الجسر الاستراتيجي، الذي يمتد على طول 1648 مترا وبعرض يفوق 21 مترا، يشكل أحد المكونات المحورية في مشروع الطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة الذي انتهت به الاشغال وهو الآن في مرحلة تجريبية لضمان جاهزية الطريق للاستخدام الآمن والفعال حرصا من وزارة التجهيز والماء على سلامة وراحة مستعملي الطريق”.

كما كشف المتحدث أن نسبة تقدم الأشغال بالجسر بلغت إلى حدود اليوم أكثر من 23 بالمائة، مبرزا أن “المشروع ينفذ وفق معايير هندسية دقيقة تراعي متطلبات السلامة وجودة البنية، خاصة أنه يشيَّد على وادٍ موسمي الجريان ويستلزم أساسات عميقة مقاومة للفيضانات والتغيرات المناخية؛ وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار من خلال اعتماد ركائز عمودية قائمة على أعمدة إسمنتية عميقة”.

وتابع قائلا: إن الجسر يتكون من 15 مجازة خرسانية (traversées) ستمكّن من تأمين انسيابية حركة المرور في الاتجاهين عبر مسلكين منفصلين، مهيئين لاحتضان ممرين للسيارات في كل اتجاه، إلى جانب ممرين للراجلين، مشيرا إلى أن “المشروع صُمّم ليصمد أمام ضغط الحمولة العالية ويؤمن الربط الطرقي بين شمال العيون وجنوبها، دون التأثر بمستويات المياه أو التغيرات المناخية المفاجئة”.

وأكد فنشا أن هذا الورش يُنفذ بميزانية تبلغ حوالي 1,38 مليار درهم، ويمثل ثمرة شراكة مؤسساتية بين وزارة التجهيز والماء، ووزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية، وجهات العيون الساقية الحمراء، كلميم وادنون، الداخلة وادي الذهب، وسوس ماسة؛ الشيء الذي يعكس بحسبه “الطابع الاستراتيجي للمشروع داخل رؤية ملكية عميقة لتقوية البنيات التحتية وفتح الأقاليم الجنوبية على دينامية تنموية جديدة”.

واسترسل المسؤول عن الأشغال في القول: إن النجاح في تنزيل هذا الورش لم يكن أمرا يسيرا، بل تطلب تعبئة جماعية لكل الطاقات الوطنية، من أطر إدارية وتقنية، ومقاولات وطنية، ومختبرات ومكاتب دراسات، اشتغلت بتفان على مدار الساعة، ليلا ونهارا، رغم الإكراهات الجغرافية والمناخية واللوجستية، وتحديات سلاسل التموين وظروف ما بعد جائحة كورونا، مؤكدا أن “الرهان كان دائما هو الوفاء بالتزامات الدولة وضمان استمرارية الإنجاز بجودة عالية وفي آجال معقولة”.

وأنهى مبارك فنشا حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن هذا الجسر يعتبر رافعة لوجستيكية واقتصادية تعزز الاندماج الترابي للمملكة، وتترجم الرؤية الملكية السامية الرامية إلى ربط المغرب بعمقه الإفريقي عبر ممرات آمنة، حديثة، وقادرة على مواكبة التحولات الاقتصادية الكبرى التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة.

المصدر: هسبريس

شاركها.