“أسماك حمراء”مصنوع بحرفية فنية ومليئ بالمشاعر الإنسانية
شرعت القاعات السينمائية المغربية منذ أيام في عرض الفيلم المغربي الطويل “أسماك حمراء” الذي تمكن من انتزاع عدد من الجوائز، آخرها الجائزة الكبرى لمهرجان بروكسيل الدولي للفيلم في نسخته السابعة، وجائزتي أحسن سيناريو وأحسن دور نسائي لجليلة التلمسي في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الـ22.
وفي هذا الصدد قال الناقد الفني فؤاد زويريق، إن فيلم “أسماك حمراء” للمخرج عبد السلام الكلاعي، “يشد متابعه من بدايته إلى نهايته، إذ أنه مصنوع بحرفية فنية، وفيه من الإبداع ما يجعلك تستمتع بتفاصيله، “جُمل بصرية” مكتوبة بعناية عبر كاميرا متحركة لاتعترف بالحدود الفاصلة بين التخيلي والتسجيلي، مما يجعل واقعيته طاغية، بعيدا عن المبالغة في التعبير الممسرح الذي يتقنه بعض الممثلين المزيفين”.
وأضاف زويريق، أن جليلة التلمسي “أعطت بموهبتها وطاقتها درسا في التشخيص الحقيقي القادر على نقل الانفعالات الداخلية بكل بساطة وسهولة وسلاسة، دون إفراط ولا تفريط، إذ أنها كانت مركز الثقل في هذا العمل، واختيارها كان فيه ذكاء، ملامحها، تعابيرها، حركاتها الجسدية، كلها عناصر شكلت الشخصية الملائمة لهذا الدور، وكأن السيناريو فُصّل عليها تفصيلا”.
واعتبر الناقد المغربي أن السيناريو “شكل نواة الفيلم وجعل بناءه الدرامي متماسكا وصلبا إلى آخر نفس، بجانب جليلة التلمسي وفريدة بوعزاوي ونسرين الراضي، الأولى كانت الدعامة الرئيسية التي ساندت جليلة وجعلت تشخيصها بهذه القوة والإبداع، وحققت توازنا بينها وبين باقي الشخصيات، كما ساعدتها على الانطلاق بكل أريحية، أما الثانية أي نسرين الراضي فكانت ممتعة ومبدعة بشكل مبهر وكسبت الرهان وشكلت لوحة درامية بعمق نفسي وإنساني متقن إلى حد كبير، إذ أنه ليس من السهل لعب دور شخص مصاب بالشلل الدماغي.
وأبرز ذات المتحدث، أن “القصة بسيطة للغاية لكن طريقة تناولها وسردها، ومعالجتها، وشحنها بالمشاعر الإنسانية الطبيعية، وكذا اللغة البصرية المستعملة جعلها تشكل عملا خصبا ممتلئا بعناصر فنية أثرت علينا كمشاهدين من الناحيتين الإبداعية والإنسانية، فالابداعي هنا كل مايهم التشخيص والرؤية الإخراجية والسيناريو واختيار وتسكين الممثلين، والإنساني يهم الموضوع نفسه وعوالمه المتفرعة والمتفرقة بين الشخصيات”.
يشار إلى أن فيلم “أسماك حمراء” (90 دقيقة)، إخراج عبد السلام الكلاعي، الذي شارك في كتابة السيناريو الخاص به رفقة محمد الميسي، وهو من بطولة جليلة التلمسي، نسرين الراضي، فريدة بوعزاوي، أمين الناجي، محمد الشوبي، وآخرين.
ويتناول فيلم “أسماء حمراء” قصة “حياة” التي تغادر السجن بعدما قضت عقوبة طويلة، لتجد نفسها بعد عودتها إلى مسقط رأسها في شمال المغرب في مواجهة أخٍ يرفضها خوفا من العار. تلتقي حياة بأمل التي تعمل في مصنع للفواكه وتتولى رعاية شقيقتها هدى التي تصغرها سنا بعامين والتي تعاني من إعاقة شديدة.
وتتوالى أحداث الفيلم في قالب اجتماعي يرصد شجاعة وإصرار النسوة الثلاث في مواجهة الإقصاء والاستغلال والتهميش.
المصدر: العمق المغربي