أسعار الذهب تواصل الارتفاع.. ومهنيون يكشفون زيادات غير مسبوقة بالمغرب
متجهة نحو تحقيق مكاسب للأسبوع الرابع على خلفية التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط وتهديد إسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني، اكتسب معدن الذهب مزيدا من البريق محققا مستويات قياسية جديدة ومتسارعة منذ بداية أبريل الجاري، تزامنا مع اشتداد حدة التوتر في الساحات الجيوسياسية العالمية.
واستمرت سلسلة ارتفاعات قياسية حطّمَها سعر “المعدن الأصفر النفيس” في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 2387.11 دولارا للأوقية، بعد أن سجل أعلى مستوى على الإطلاق حُدد من طرف المتابعين في 2431.29 دولارا يوم الجمعة الماضي، تزامنا مع اشتداد وتيرة التوترات الميدانية والجيوسياسية في الشرق الأوسط؛ وبالتحديد بعد السابع من أكتوبر الماضي، التاريخ الذي يُحيل على اندلاع الحرب المتواصلة في غزة لشهرها السابع.
وباعتباره من أكثر الأصول أمانا وملجأ موثوقا به للعديد من المستثمرين ومنظومات البنوك المركزية العالمية، يرتقب أن يواصل الذهب سلسلة ارتفاعاته القوية؛ وهو ما يطرح أيضا مسألة ووضعية “الاكتناز” بالمغرب، نظرا لكونه يبقى الأصل المادي الأكثر أمانا في أزمنة الأزمات، بالنسبة للدول كما الأفراد.
هذا الوضع تُعززه بيانات “المجلس العالمي للذهب”، التي أفادت في آخر تحديث له بداية أبريل الجاري بأن المغرب حل رابعا بـ22.1 طن، ضمن قائمة الدول الإفريقية التي تمتلك احتياطات ذهب في بنوكها المركزية، بعد كل من الجزائر ثم مصر وجنوب إفريقيا تلتْها ليبيا.
وحسب بيانات عممتها مواقع مختصة في قياس تطور “المؤشر العام لأسعار الذهب” في المغرب، فإن الارتفاع ظل لصيقا بالمعدن الأصفر طيلة الأشهر القليلة الماضية؛ مما عزز هواجس المستثمرين ومخاوفهم ودفعهم إلى اقتنائه بدل الاستثمار العادي أو توجيه أموالهم إلى سوق السندات.
“سياق دولي حاسم”
حسن أوداود، تاجر ذهب بالدار البيضاء متخصص في تصنيع وتسويق المصوغات، أكد، في إفادات لجريدة هسبريس، حدوث “ارتفاع الطلب داخليا على المادة الخام أو المَصوغة في السياق الوطني الذي يعرف انتعاشة في المبيعات، ولو طفيفة، بعد مرور شهر رمضان”.
ولفت عضو جمعية حرفيي صناعة الحلي والمجوهرات إلى أن “سعر الغرام الواحد من الذهب قارب 580 درهما بالنسبة للمادة الخام؛ ما يعني ارتفاعه بالنسبة عند الاقتناء النهائي أيضا”، مبرزا أن الارتفاع من المرتقب أن يتواصل متأثرا بانتعاشة ورشات صياغة الذهب وفق توقعت المهنيين بحلول بداية الأسبوع المقبل”.
وفسر المهني ذاته بأن “قيمة الذهب كأصل مادي آمن ناجمة عن تطورات متسارعة في السياق العالمي الذي يفرض نفسه بشكل قوي أكثر من ديناميات الطلب والعرض بالسوق المحلي”، وفق تقديره، لافتا إلى أن “العلاقة وثيقة وميتنة عبر التاريخ بين “ارتفاع أسعار الذهب ونشوب الحروب والصراعات والأزمات الجيوسياسية” كملجأ للراغبين في تحصين ممتلكاتهم المادية”.
وعلى الرغم من أنه يخضع لوتيرة “أسعار متذبذبة”، حسب أوداود في حديثه لهسبريس، فإن الذهب بصنفيْه الخام والمَصوغ عرف سلسلة ارتفاعات قياسية في الأسابيع الثلاثة الماضية، قُدرت بـ”50 درهما كزيادة في ظرف 20 يوما” وفق تقدير المهني المختص في المادة الخام للمعدن الأصفر، واصفا ذلك بـ”زيادات غير مسبوقة”.
وذهب إلى أن هناك “احتمالات بأن يلامس ثمنه 1000 درهم لكل غرام؛ ما يجعله يكتسَب قيمته الحقيقية المتصاعدة”، معتبرا أن “حدة المناوشات الجيوسياسية وأوقات الحروب شاهد حي على لجوء متزايد إلى اقتناء الذهب”.
“مخاوف المستثمرين”
من جهته، قال عمر باكو، خبير ومحلل مالي واقتصادي مغربي، إن “السوق العالمية المالية تعيش على وقع منظومة سيولة مالية كبيرة ومرتفعة، مقارنة مع فترة النصف الثاني من القرن الماضي”، مفسرا بأن “تفجر سيولة مالية كبيرة مرتبطة بسياق ارتفاع الادخار العالمي المرتفعة في علاقة بأسعار النفط والمواد النفطية وكذا المعادن النفيسة مثل الذهب”.
وأكد المحلل المالي ذاته، في حديث لهسبريس، أن “الخوف من الانهيارات الاقتصادية الكبرى يشجع على اللجوء إلى الذهب كأصلٍ آمن وملجأ للعديد من المستثمرين ومالِكي المحافظ الاستثمارية العالمية؛ إذ عوض الاستثمار في سندات الخزينة يتم اللجوء إلى الذهب، خصوصا في وقت الأزمات وكذا من أجل تحقيق الادخار بشكل أمثل optimisation de l’épargne”.
ولفت الخبير نفسه إلى أن “السوق العالمية بتقلبات أسعارها وتأثرها الشديد بالمحيط الجيوسياسي هي نتيجة مناخ عدم ثقة في تقلبات السوق، وسيادة تخوف وهواجس من اشتداد الحروب والأزمات لدى مجتمعات المستثمرين ورؤوس الأموال”، داعيا إلى “التعامل بحذر مع أثمنة الذهب في السوق وتداولاتها، نظرا لأن الارتفاع نتاج عمليات هامشية لها أثر محدود في بعض الأحيان”.
وخلص إلى أن “إعادة توظيف أموال في سوق الذهب في ظل التوتر الجيوسياسي تخلُق مخاوف كبيرة على النمو الاقتصادي العالمي، رغم حركية من طرف صناديق الاستثمار واستفادة الدول المنتجة لهذا المعدن النفيس، فضلا عن ديناميات سوق الرساميل وأداء الديون السيادية”.
المصدر: هسبريس