تستعد آلاف الأسر المغربية للدخول المدرسي الجديد وسط قلق متزايد بسبب الارتفاع الكبير في أسعار اللوازم المدرسية. ومع اقتراب حلول شهر شتنبر، تعرف الأسواق حركة استثنائية نتيجة إقبال الآباء والأمهات على اقتناء مستلزمات الدراسة، في وقت تعرف فيه تكاليف المعيشة ارتفاعا عاما يثقل كاهل الأسر ويدفعها إلى البحث عن حلول بديلة لتخفيف العبء المالي.

ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية يشكل ضغطا متزايدا على القدرة الشرائية، خصوصا لدى الأسر محدودة الدخل. ويعزو عدد من التجار هذا الغلاء إلى أسباب اقتصادية متعددة، من بينها ارتفاع تكاليف الشحن وأسعار المواد الأولية. وفي محاولة لفهم أبعاد الظاهرة، استقت جريدة “” آراء فاعلين في القطاع التربوي والتجاري.

محمد عكوري، رئيس فيدرالية جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، أوضح أن الغلاء يرتبط بعدة عوامل من بينها العرض والطلب والجودة. وأضاف أن فترة الدخول المدرسي تشهد تحولا في طبيعة بعض الأنشطة التجارية، حيث تتجه متاجر متعددة وحتى الباعة في الشوارع إلى بيع اللوازم المدرسية، مما يجعل مراقبة الأسعار مهمة معقدة. وأشار إلى أن مسألة الجودة تؤثر بشكل مباشر على السعر، وأن انتشار المنتجات المقلدة خصوصا في الأسواق العشوائية، يزيد من تعقيد الوضع. كما لفت إلى أن قضايا الجودة تدخل ضمن اختصاص مجلس المنافسة وجمعية حماية المستهلك.

من جهته، أرجع سليمان كجي، صاحب مكتبة النجاح، أسباب ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية إلى غلاء تكاليف المواد الخام مثل الورق والبلاستيك والحبر، مشيرا إلى ارتباط هذه المواد بالأسواق العالمية، مما يجعل الأسعار محكومة بتقلبات دولية. كما أضاف أن تكاليف النقل وأجور العمال تساهم في رفع الأسعار. وأكد أن بداية الموسم الدراسي تعرف طلبا كبيرا تستغله بعض الجهات لبيع منتجات بأسعار مرتفعة، مستفيدة من حاجة الأسر الملحة إلى اقتناء الأدوات الضرورية.

وفي ما يخص الكتب المدرسية، أوضح كجي أن هناك نوعين: كتب مستوردة، وغالبا ما تُعتمد في المؤسسات التعليمية الخاصة وتتميز بأسعار مرتفعة بفعل تكاليف الشحن والجمارك وفروق العملة، مقابل كتب محلية مدعمة من طرف الدولة، مما يجعلها أكثر ولوجا لفئات واسعة من التلاميذ.

الحسن المعتصم، رئيس رابطة الكتبيين بالمغرب، أكد من جانبه أن الكتب المدرسية المعتمدة في التعليم العمومي متوفرة بكميات كافية بعد التنسيق مع الناشرين والموزعين، مشددا على أن أسعارها لم تعرف أي تغيير. وأوضح أن كتب “مدرسة الريادة” ستكون متوفرة في المكتبات خلال الموسم الحالي، رغم أنها لم تصل إلى السوق بعد، داعيا الناشرين إلى الإسراع في طبعها لتفادي أي خصاص.

وفي السياق ذاته، عبّرت الرابطة عن قلقها من عدم التزام بعض الناشرين بدفتر التحملات، خصوصا في ما يتعلق بتوزيع الكتب وهامش الربح، مطالبة وزارة التربية الوطنية بتشديد الرقابة وضمان الالتزام بالقوانين المنظمة للقطاع. كما سجلت الرابطة زيادات في أسعار بعض الكتب المستوردة المعتمدة في التعليم الخصوصي دون مبررات واضحة من طرف المستوردين، واعتبرت أن هذا الأمر يثقل كاهل الأسر، ويتكرر من موسم لآخر.

الرابطة حملت جزءا من المسؤولية لمؤسسات التعليم الخصوصي، ودعتها إلى تشجيع المنتوج الوطني عوض الاعتماد المفرط على الكتب المستوردة، لما لذلك من أثر سلبي على الصناعة الوطنية للكتاب.

في المقابل، تم تسجيل انخفاض طفيف في أسعار بعض الأدوات مثل المحافظ والدفاتر، بفضل وفرة العرض وتنوع الجودة، وهو ما اعتبرته الرابطة مؤشرا إيجابيا يعكس جهودا ملموسة من بعض الفاعلين في القطاع.

وأكدت رابطة الكتبيين انخراطها في مواكبة الدخول المدرسي والتنسيق مع مختلف المتدخلين لضمان توزيع منصف ومنظم للكتب، خاصة كتب “مدرسة الريادة”، محذرة في الوقت ذاته من الممارسات العشوائية التي تهدد استقرار السوق، سواء من قبل الباعة الموسميين أو بعض المؤسسات التعليمية التي تبيع الكتب مباشرة للأسر، في خرق للقوانين الجاري بها العمل.

وفي ختام بلاغها، دعت الرابطة كافة المتدخلين في القطاع إلى تغليب المصلحة العامة، والعمل المشترك من أجل إنجاح الموسم الدراسي وتوفير بيئة تعليمية مستقرة تحفظ حقوق التلاميذ والأسر.

ورغم بعض التدابير الحكومية الجزئية، لا تزال الأسر المغربية تتحمل العبء الأكبر، في وقت تطالب فيه بإجراءات أكثر جرأة وفعالية لضمان دخول مدرسي ناجح ومستدام، بعيدا عن الضغوط الاقتصادية التي تلقي بظلالها على فرحة العودة إلى الفصول الدراسية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.