أرقام “تزويج القاصرات” تفزع البرلمان.. ومطالب بإنهاء الظاهرة ومنع استغلالها انتخابيا
وصف نواب برلمانيون الأرقام المرتبطة بتزويج القاصرات بالمغرب بـ”المفزعة جدا”، معتبرين أن تسجيل 19.848 طلب في سنة 2022، والتصريح برفض 6369 طلبا منها، أرقام تتطلب وقفة تأمل من أجل معالجتها، مطالبين بالحد من ظاهرة تزويج الأطفال، التي لا زالت مستمرة في بلادنا بالرغم من المجهودات المبذولة.
وأكد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، خلال مناقشة رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول تزويج القاصرات، بلجنة العدل والتشريع، الثلاثاء، أنه من ضمن الإشكالات التي تطرحها مدونة الأسرة الحالية قضية تزويج القاصرات، حيث تم تحديد سن الزواج في سن 18 سنة، لكن تم الإبقاء على الترخيص لبعض الحالات قبل هذا السن، مسجلا أنه بسبب نافذة الاستثناء والسلطة التقديرية أضحى الاستثناء قاعدة.
وشدد على أنه أصبح من الضروري إعادة النظر في هذا الاستثناء الذي يتعارض مع حماية الطفولة، مؤكدا أن منح السلطة التقديرية في اتخاذ القرار يتسبب في ترك مصير آلاف الأطفال تحت مسؤولية آخرين يقررون نيابة عنهم، لافتا إلى أن بعض الترخيصات التي تم منحها كثيرة جدا تفوق 80 أو 90 في المائة من الطلبات المقدمة.
وأكد أنه لا يمكن الحد من زواج القاصرات فقط عبر التدخل التشريعي، بل الأمر يتطلب تدابير وإجراءات وسياسة واضحة للحد من هذه الظاهرة، سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي وغيرها، إلى جانب التدابير التشريعية الرامية إلى ضمان سلامة ونمو القاصر.
في سياق متصل، قال البرلماني عن الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، سعيد اتغلاست إن “الأرقام الـمرتبطة بموضوع تزويج الطفلات مفزعة جدا، حيث سجلت سنة 2022 ما مجموعه 19.848 طلبا، تـم التصريح برفض 6369 طلبا منها فقط، وذلك حسب أحدث تقرير لرئاسة النيابة العامة لسنة 2022، وهي أرقام تتطلب وقفة تأمل من أجل معالجتها في سياقاتها الاقتصادية والاجتماعية الثقافية والتربوية المُعقدة”.
ودعا فريق الأصالة والـمعاصرة بمجلس النواب، إلى “إيلاء الأهمية القصوى للإشكالات الكبرى التي نتجت عن عقدين من تطبيق مدونة الأسرة، وخصوصا القضايا المُرتبطة بالحقوق الإنسانية للمرأة؛ وإشكالية تزويج القاصرات في ضوء السلطة التقديرية للقاضي؛ وقضايا الطلاق والتطليق والإشكاليات الناتجة عنهما؛ وموقع الطفل في مدونة الأسرة، من خلال إشكاليات الولاية، والحضانة، وثبوت النسب، وغيرها”.
وبحسب البرلماني البامي، فإن “وضع حد لتزويج الطفلات والأطفال، لا ينفصل عن ورش رقمنة قطاع العدالة والانخراط في مشروع التحول الرقمي، الذي يُعد اختيارا لا رجعة فيه، بما يستلزمه من تعميم الخدمات القضائية، وتبسيطها ورقمنتها، وجعلها سهلة ميسرة في وجه المواطنات والمُواطنين”.
أما البرلمانية زينة شاهيم، عن الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، فقالت إنه رغم التقدم الحاصل على مستوى الأرقام، إلا أن الظاهرة لازالت متفشية وحاضرة في العديد من الأوساط في صفوف مجتمعنا خصوصا بالعالم القروي.
وأشارت إلى أن تنظيم أسرة مستقرة، كما يبتغيها الدستور على أساس زواج القاصرات يطرح مجموعة من الإشكالات القانونية واالجتماعية والنفسية، وللأسف هناك من يحاول استغلال هذا الموضوع املهم من أجل التكسب السياسي والانتخابي الذي لا يليق بخطورة موضوع برهانات استراتيجية لا يمكن تحويلها للبوليميك.
وأبرزت شاهيم، أن زواج القاصرات له آثار وخيمة على المجتمع بحيث يؤدي إلى استمرار أشكال اللامساواة بيـن الرجل والمرأة، ومفاقمـة إقصاء الفتيات والنساء خاصـة من دينامية النشاط التعليمي والاقتصادي برمته.
من جانبها، قالت البرلمانية عن الفريق الاشتراكي، مليكة زخنيني، إن نسبة زيجات الأطفال ضمن الرسوم المنجزة للزواج بحسب إحصائيات النيابة العامة، تسائلنا جميعا، حيث تحتل مساحة مهمة وبلغت أوجها في 2014 بنسبة تفوق 11 بالمائة، فيما سجلت أدنى نسبة في 2019 بنسبة 7.53 بالمائة.
وأبرزت الوخنيني، أن “الإحصائيات المسجلة تبين أن الظاهرة في تراجع، بمعنى أن الوعي المجتمعي بها في ارتفاع، لكن الأرقام على طبيعتها في بعض الأحيان تخفي حقائق”، موضحة أن “الانخفاض متعلق بعدد رسوم الزواج ولا يكشف حالات الزواج غير الموثق برسم في ارتباطه بمختلف أنواع التعاقدات التي ظهرت في مجتمعنا من قبيل زواج الفاتح والكونطرا”.
من جهتها، قالت البرلمانية نهى الموسوي عن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إنه “بالرغم من تنصيص المدونة على أنه من بين الشروط الواجب توفرها في عقد الزواج “أهلية الزوج والزوجة”، وتأكيدها على أن أهلية الزواج تكتمل بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين، بقواهما العقلية، ثمان عشرة (18) سنة شمسية. بالإضافة إلى ما نصت عليه باعتبار أن الزواج هو ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة، وضرورة توفر الايجاب والقبول بين الطرفين”.
إلا أنه بالمقابل، تضيف الموسوي، “تنص مقتضيات مدونة الأسرة على أنه: “لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي” و”مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن”، وهو الاستثناء الذي يخول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، وعدم التقيد بشرط الأهلية”.
وشددت على أن ذلك يوضح بأن الأمر يتعلق بالتزويج بحمولته القسرية لانتفاء الأهلية القانونية لدى الطفلات في إبرام عقود الزواج وانعدام الرضا كمحدد أساسي في التصرفات ومنها الزواج الذي يكتمل بالرضائية.
المصدر: العمق المغربي