أربعينية عبد الواحد الراضي .. رجل دولة وشيخ البرلمانيين و”الحالِمُ المتوازن”
مسار سياسي مغربي حافل استحضر مساء الثلاثاء بالرباط في المكتبة الوطنية، بعدما التأم سياسيون من مشارب متعددة حول مناقب الراحل عبد الواحد الراضي، الذي كان “شيخ البرلمانيين”، ورئيسا لمجلس النواب، ووزيرا للعدل، وأستاذا لعلم النفس الاجتماعي، وكاتبا وطنيا للاتحاد الاشتراكي، وعضوا مؤسسا له ولسابقه “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية”.
بحضور قياديين في “الاتحاد الاشتراكي”، موطنه الحزبي، وفي أحزاب “الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية” و”التجمع الوطني للأحرار”، وسفراء بلدان من بينها فلسطين المحتلَّة، سلّطت الضوءَ كلماتٌ ومعرضٌ على تجربة الراضي السياسية، وقناعاته، وأثره.
إدريس لشكر، الكاتب الأول لـ”الاتحاد الاشتراكي”، قال إن رحيل عبد الواحد الراضي “فاجعة، استقبلناها بقلوب مؤمنة”، لأنه “رجل من العيار الكبير، وفيّ لقيم الاشتراكية، والوطنية (…) مكافح لبزوغ شمس الاستقلال ومناضل متقدم راهن على أن رياح المستقبل ستحمل الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية مهما كان المسار شاقا وطويلا”.
وأضاف أن الراضي “أخلص للرفقة، والتربة، وكان وفيا لانتمائه الاتحادي” في مسار كان فيه “شاهدا على التحولات الكبرى للبلاد”، و”ساهم مع إخوانه في جزء كبير من التاريخ المعاصر منذ مرحلة الاستعمار”، تحت إمرة ثلاثة ملوك.
ومع “جيل الحركة الوطنية”، تعلم الراضي، وفق لشكر، “أن الوطن ليس مجرد رقعة جغرافية وتجمع سكني، بل انتماء وحضارة وحلم مهما اشتدت الأزمات، وقضية وجود”، وهكذا “تعلقت حياته بتفاعلات المجتمع”؛ فكان “مناضلا وفيا، ورجل دولة صادقا (…) ووطنيا مخلصا، تحمل مسؤوليته الرسمية المختلفة بتفان ورقي للصالح العام”.
الراحل “ذاكرة وطنية ثرية”، وشاهد، حسب قائد “الاتحاد”، على “سمو الانتماء السياسي مع قادة تقاسم معهم نفس المبادئ، من قبيل المهدي بن بركة، وعبد الله إبراهيم، وعبد الرحيم بوعبيد، وعبد الرحمان اليوسفي”، ثم “نقل الرسالة من جيل إلى جيل”، بعدما كان “مثالا حيا على التفاؤل الحالِم المتوازن، وقلما أحسسنا به قلقا أو حزينا أو يائسا”.
ثم استرسل قائلا: “هو عنوان بارز للسياسي النزيه في شدائد الوطن والشدائد على الوطن (…) لا يندفع وراء العواطف والانفعالات بل تسلّحَ بالمنطق والعقل، في انسجام تام مع ذاته وفكره. تعلمنا منه ضبط الوقت واستثماره في اتخاذ القرار والمواقف”، في سبيل “الدفع بالوطن نحو التطور والتقدم والتحديث”، بـ”خطاب عقلاني في الدفاع عن قضايا المغرب الكبرى، وفي مقدمتها مغربية الصحراء”.
الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، مارتن شولتس، وصف في شهادة مسجلة عبد الواحد الراضي بـ”الاشتراكي الكبير، ورجل الدولة، والصديق من أجل العدالة الاجتماعية والحرية، وضد الحدود الاجتماعية والفكرية والدينية”.
وقالت رسالة من روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، إن رحيل الراضي “موقف حزين، نواسي فيه شعب المملكة الشقيق”، لفقدان “رمز من رموز الفكر والنضال، شيخ البرلمانيين (…) والمناضل العلّامة، الذي كان من أبرز مؤسسي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأسس جمعيات تربوية وثقافية ونقابية”، وكان “ظاهرة سياسية فريدة حازت ثقة الناخبين لمدة خمسة عقود دون خسارة على الإطلاق”.
واختتمت الرسالة بوصف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني عبدَ الواحد الراضي بـ”طيب الذكر، المدافع عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية فلسطين”.
أما رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، فرأى في رحيل الراضي “رحيل أحد ركائز العمل البرلماني”، موردا أن “سيرته، وروح ما آمن به، ستظل حاضرة بيننا وفينا، كقيم اعتدال، وانتماء للمغرب، وتشبث بثوابت الوطن، وتجسيدِ رجل المؤسسات (…) فهو ممن رسخوا العمل من داخل المؤسسات”.
المصدر: هسبريس