أداء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة يحصد الإشادة بالقارة السمراء

لا يتوجه المغرب إلى إفريقيا بشركاته واستثماراته المختلفة فقط، بل يقصد أعماق القارة كذلك حاملا إليها نموذجا من التدين الإسلامي القائم على الوسطية والاعتدال، المشجع لحوار الأديان، والهادف أيضا إلى نبذ التطرف والإكراه، الأمر الذي بات عبارة عن “ديبلوماسية مغربية روحية”.
ولعل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة من الهيئات التي تشتغل على تطبيق مضامين هذه الديبلوماسية، مما بدا أنه ساهم في الترويج للنموذج المغربي الذي يتصدى للفكر المتطرف ولنشر التشيع على المستوى القاري، ليكون بذلك مثالا يحتذى به من قبل دول أخرى.
وعلى هذا النحو لم يكن من المثير والمفاجئ أن يشيد مسؤولون أوغنديون بعمل هذه المؤسسة المغربية في تحقيق الأمن الروحي القاري، على هامش فعاليات الندوة العلمية التي تم تنظيمها يومي 24 و25 فبراير الجاري بالعاصمة كمبالا حول أدوارها في تعزيز السيادة الروحية لإفريقيا.
ويوضح متابعون لهذا المجهود أن “المملكة تمكنت من إبراز نموذجها في التدين القائم على الوسطية والاعتدال، مما جعلها مثالا يحتذى به داخل القارة وخارجها، فهي استراتيجية مغربية تربط الجانب الديني بالجوانب الأخرى المتعلقة بالأمن والاستثمار”، مبرزين أن “هذا النموذج يروم أساسا دحر الفكر المتطرف وتعزيز الحوار بين الأديان”.
الديبلوماسية الروحية
كريمة غانم، رئيسة المؤسسة الدولية للديبلوماسية، أفادت أن “المغرب تمكن خلال آخر عشرين سنة من بلورة استراتيجية متكاملة تقوم على تعزيز رابطة الأمن الروحي بالاقتصادي والاجتماعي والأمني على المستوى القاري، مساهَمَة منه في جهود مناهضة التطرف وتعزيز السلم بالمناطق الأمنية بالقارة الإفريقية، بما فيها منطقة الساحل”.
وأضافت غانم، في تصريح لهسبريس، أن “المملكة استطاعت توظيف الإرث الروحي المغربي الإفريقي المشترك كمعطى داعم لبناء شراكات حيوية مع عدد من البلدان الإفريقية كالسنغال ومالي والغابون ونيجيريا والكوت ديفوار. إضافة إلى ذلك لعبت مؤسسة إمارة المؤمنين دورا مهما في توطيد هاته الشراكات من خلال الزيارات الملكية لمختلف بلدان المنطقة”.
وأوضحت أن ما تقوم به مؤسسة “محمد السادس للعلماء الأفارقة” على سبيل المثال “لا يقتصر فقط على نشر القيم الدينية المعتدلة ومواجهة التحديات الأمنية المرتبطة بالتطرف العنيف، بل يعد دورها إقليميا وجيواستراتيجيا موسعا يرتبط بالتوجهات الكبرى للمغرب في إفريقيا، ويضم ما هو سياسي واقتصادي وتنموي وأمني كذلك”.
وسجلت رئيسة المركز الدولي للديبلوماسية أن “هذه المقاربة المغربية لا يُحتذى بها فقط على مستوى القارة الإفريقية، وإنما في القارة الأوروبية كذلك من خلال الإقبال على الخبرة المغربية في مجال تكوين الأئمة والمرشدات، وهو ما ينضاف إلى انتهاج المملكة مقاربة الحوار بين الأديان، واقتراحها مبادرات على المستوى الدولي تروم تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي”.
نجاح الوسطية المغربية
عبد اللطيف الوزكاني، باحث في العلوم الشرعية، قال إن “إشادة الدول الإفريقية بالدور المغربي في تعزيز الأمن الروحي للقارة هو اعتراف بصدقية رسالة السلام والحوار، التي يهدف المغرب إلى نشرها في إفريقيا وخارجها، ذلك أن المملكة باتت نموذجا في التدين الوسطي الذي يحتذى به من قبل دول أخرى”.
وأورد الوزكاني، في تصريح لهسبريس، أن مؤسسة “محمد السادس للعلماء الأفارقة” التي يشرف عليها أمير المؤمنين “تبتغي من خلال نشاطها نشر قيم العطاء والتسامح، الأمر الذي مكن المغرب من أن يغدو نموذجا إقليميا بالنظر إلى اعتماده على التدين الوسطي”.
وأبرز أن “نموذج التدين الذي يتبعه المغرب أعطى ثماره، حيث يتضح أن المغاربة لا يعرفون التطرف ولا الإكراه لكون تدين البلاد قائم على تقديم حفظ الأبدان على حفظ الأديان، فضلا عن أن الثوابت الوطنية المعروفة مكنت البلاد من المضي قدما بشكل مستقيم وبدون تطاحنات ونزاعات”.
وأضاف أن “المغرب عمل على إرساء أسس الحياة الطيبة على المستوى الوطني، أي داخل الأسر، ومن ثم أخذ في تبني مشروع يقوم على إرساء أسس هذه الحياة في الخارج، أي على المستوى العالمي ككل”.
المصدر: هسبريس