أخنوش يثمّن شراكة “منظمة التعاون” لتحقيق أولويات إستراتيجية جديدة
بحضور ماثياس كورمان، الأمين العام السادس لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) ومسؤولين حكوميين وخبراء مغاربة، عبّر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن رضا المملكة المغربية وإشادتها بنتائج “البرنامج القُطري الثاني بين المغرب ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية”، خلال لقاء اختتام هذا البرنامج، صباح اليوم الأربعاء بالرباط، مسجلا في هذا الإطار “حرص الرباط الكبير على تبنّي الممارسات الدولية الفضلى، وإرادتها القوية بناء اقتصاد مفتوح وشفاف”.
رئيس الحكومة أفاد بأن “المغرب اعتمَد حوالي 30 آلية قانونية تابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ويشارك في حوالي 10 من هيئاتها ولِـجانها”.
ونوه أخنوش، في كلمة ألقاها بالمناسبة، بمتانة روابط التعاون وعلاقة الشراكة مع المنظمة الاقتصادية الرائدة، موردا: “حضور الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية معنا اليوم يُبرهن على الأهمية البالغة التي تولونها للتعاون المثمر بيننا ولآفاقه الواعدة”.
وخلال هذا الحدث استعرض عزيز أخنوش وماتياس كورمان “حصيلة التعاون بين المغرب والمنظمة، في سياق نهاية المرحلة الثانية من البرنامج القطري للمغرب، الموقّع في 19 يونيو 2019”. وقد دعم هذا البرنامج “بنجاح تنفيذ الإصلاحات الهيكلية للمملكة”، وفق ما أقرّه الطرفان.
كما تميّز اختتام المرحلة الثانية من البرنامج القُطري للمملكة بـ”توقيع بروتوكول جديد لتعزيز التعاون بين المغرب والمنظمة حول أولويات إستراتيجية جديدة”.
تعاون “دائم ومثمر”
“إنّ العلاقة بين المغرب ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لطالما تميزت بالتعاون الدائم والمثمر”، يبرز رئيس الحكومة المغربية، معتبرا أن “المغرب ما فتئ يعمل على تعزيز هذه العلاقة، منذ انضمامه إلى المبادرة الإقليمية لـ’ OCDE’ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
ولفت المسؤول المغربي إلى “تسارُعٍ واضح في وتيرة التقارب بين المغرب ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية”، مسجلا بإيجابية عالية “توقيع المملكة المغربية، من بين الدول الأربع الأولى في العالم، مذكرة تفاهم لبرنامج قُطري مع المنظمة”.
وحسب أخنوش “برهنت المملكة المغربية على رغبتها القوية في تعزيز علاقات التعاون مع منظمة التعاون والتنمية لاقتصادية، إذ وقعت مذكرة تفاهم بشأن البرنامج القُطري الثاني، بعد تسجيل رضاها عن نتائج البرنامج القُطري الأول”.
ويروم البرنامج، حسب المتحدث ذاته، “تنفيذ إجراءات إستراتيجية تدعم أهداف بلادنا في مختلف المجالات، بما في ذلك الحكامة العمومية والاقتصاد والاستثمار والإدماج الاجتماعي والتنمية المجالية”، متوخياً “تطويرَ مسار حوارٍ مكثف ومعزَّز بين المغرب ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ودولها الأعضاء، وترسيخ السياسات العمومية التي أطلقتها المملكة على ضوء الممارسات الفضلى للمنظمة”.
آفاق جديدة
وقال رئيس الحكومة: “نثمن الإنجازات التي استطعنا تحقيقها بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من خلال البرامج القُطرية، التي ستمكننا دون شك من استكشاف آفاق جديدة للتعاون ومواصلة تعزيز الشراكة البناءة مع المنظمة”، وتابع: “من خلال خطط العمل التي سيتم وضعها بشكل مشترك سيواصل المغرب عمله داخل لجان وهيئات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وستخرج للوجود مبادرات جديدة، مثل تطوير التعاون الثلاثي بين المغرب والمنظمة والاتحاد الإفريقي، أو حتى دراسة برنامج تبادل لفائدة الموظفين المغاربة”.
و”باسم حكومة المملكة المغربية” جدد المسؤول الحكومي “التعبير عن شكر وارتياح مغربي للشراكة المثمرة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية”، والتأكيد على “الاستعداد الدائم للعمل على تعزيز علاقات التعاون البناءة بيننا”.
“نموذج إقليمي” مُمأسَس
لم يفُت أخنوش أن يؤكد، بحضور مسؤولي المنظمة وأبرز الفاعلين الرسميين مالياً واقتصادياً للمملكة، أن “المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، أصبح نموذجا إقليميا، واستطاع توطيد دعائم مؤسسات حديثة وديمقراطية، من تجلياتها اعتماد دستور المملكة لسنة 2011، وإصلاح مدونة الأسرة؛ وهي إصلاحات رائدة جاءت لخدمة المساواة وحقوق الإنسان؛ إلى جانب خيار الجهوية المتقدمة، التي فعّلتِ الديمقراطية التشاركية على الصعيد المجالي”.
واستحضر رئيس الحكومة “إنشاء المملكة بنيات تحتية ترقى إلى أفضل المعايير الدولية، وتمنحها ربطا جويا وبرّياً وبحريًا لا نظير له في المنطقة، إذ تتوفر اليوم على 2000 كيلومتر من شبكة الطرق السيارة، سترتفع إلى 3000 كيلومتر بحلول عام 2030؛ مع أول خط قطار فائق السرعة في إفريقيا؛ وأكبر ميناء في القارة الإفريقية على البحر الأبيض المتوسط، وقريباً تدشين واحد من أكبر الموانئ على المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى 19 مطارا دوليا توفر قدرة كبيرة على تغطية أوسع للقارة الإفريقية”.
كما استطاع المغرب “نسج علاقات ثقة مع مختلف الأقطار الإفريقية”، يورد أخنوش، مذكرا بزيارات ملكية فاقت الخمسين على مدى العقدين الماضيين إلى دول القارة، “أسفرت عن التوقيع على أكثر من 1.000 اتفاقية للتعاون”.
“بفضل اتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ومن خلال منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية (ZLECAF)، فإن الاستثمار في المملكة المغربية يتيح الوصول إلى سوق يضم مِلْيَارَيْ مستهلك”، يردف المتحدث، خالصا إلى أن “المملكة المغربية صارت من بين البلدان الرائدة على الصعيد الدولي في مجال التنمية المستدامة، التي تشكل التحدي الاقتصادي والإنساني الأكبر للجيل الجديد”، وزاد: “تمثل الطاقات المتجددة اليوم حوالي 38% من مزيج الطاقة في بلادنا، ونطمح إلى زيادتها إلى أكثر من 50% بحلول عام 2030. وسيتوج هذا الطموح بتنمية قطاع الهيدروجين الأخضر، الأمر الذي سيجعل المغرب فاعلا رئيسيا في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي”.
“ثقة دولية تتقوى”
“إن هذه الإصلاحات الطموحة، إلى جانب الاستقرار الماكرو اقتصاد لبلادنا، تحظى بشكل منتظم بتنويه المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي”، يبرز رئيس الحكومة، مشيدا بـ”تعزيز النموذج الوطني للاستثمار، عبر تسريع العديد من المشاريع التي تسهم في تحفيز الاستثمار، بما في ذلك الإصلاح الضريبي، وتعبئة العقار، وتفعيل اللامركزية، وتبسيط مساطر الاستثمار ورقمنة الإجراءات الإدارية، وإصلاح مرسوم الصفقات العمومية وتحيين القانون المتعلق بآجال الأداء”.
ولم ينس أخنوش التذكير بـ”استطاعة المغرب أن يُدَشّن مرحلة جديدة في تاريخه بالخروج من مسلسل المتابعة المعززة، بعدما قررت ذلك مجموعة العمل المالي الدولية GAFI بإجماع أعضائها، في فبراير 2023، وتَبِعها الاتحاد الأوروبي في ماي من السنة نفسها. الأمر الذي يعكس وفاء المملكة التام بكل التزاماتها، ونجاعة وشفافية نموذجها في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ ما جعل بلادنا من الدول الأكثر جاذبية للاستثمارات الدولية بوصفها منصة للاستثمار في إفريقيا”.
المصدر: هسبريس