مع بداية كل موسم جامعي، تتجدد معاناة آلاف الطلبة المغاربة مع أزمة السكن الجامعي، حيث يجد كثيرون أنفسهم محرومين من ولوج الأحياء الجامعية بسبب محدودية الطاقة الاستيعابية وشروط الانتقاء الصارمة، الأمر الذي يدفعهم نحو خيار الكراء بأسعار مرتفعة، لا تتناسب مع إمكانيات أسرهم، خصوصا تلك المنحدرة من الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
العاصمة الرباط، إلى جانب مدن كبرى مثل الدار البيضاء وفاس ومراكش، تشكل أبرز بؤر الأزمة، إذ تشهد تدفقا هائلا للطلبة من مختلف جهات المملكة، غير أن العرض السكني المتوفر لا يغطي سوى نسبة محدودة جدا منهم، ما يجعل الكثيرين عرضة للضغوط المالية المتزايدة.
إدريس، طالب بالسنة الأولى بكلية الحقوق في الرباط، يقول: “تقدمت بطلب للاستفادة من الحي الجامعي لكن لم أقبل، والآن أشارك غرفة صغيرة في شقة قديمة جدا مع ثلاثة طلبة آخرين، رغم ذلك، ندفع مجتمعين 2600 درهم شهريا، وهو مبلغ يفوق طاقة أسرنا”.
بدورها، تؤكد سلمى، طالبة تنحدر من الفقيه بن صالح أن الوضع أصبح خانقا: “عائلتي لديها ثلاثة أبناء يدرسون في الجامعات ومصاريف الكراء وحدها تكلفنا ما يعادل نصف دخل والدي الشهري، الأمر لم يعد يحتمل”، تضيف بنبرة يائسة.
وحسب شهادات عدد من الطلبة، فإن أسعار الكراء في الأحياء القريبة من الجامعات والمدارس العليا بكل من الرباط والدار البيضاء تتراوح ما بين 5000 و7000 درهم للشقة الواحدة، وغالبا ما يتدخل أصحاب هذه الشقق في تحديد من يحق له الاستئجار، حيث ترتفع الكلفة مباشرة بمجرد علمهم بأن الطلبة يتقاسمونها فيما بينهم، لتتراوح السومة بين 900 و1500 درهم للغرفة الواحدة.
ويدفع هذا الواقع الكثير من الطلبة إلى اللجوء لأحياء شعبية بعيدة عن مؤسساتهم الجامعية، ولو على حساب جودة السكن والظروف المحيطة به.
وفي هذا السياق، وجهت النائبة البرلمانية خديجة أروهال عن فريق التقدم والاشتراكية سؤالا كتابيا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار حول “أزمة السكن الجامعي”.
وأشارت أروهال في سؤالها إلى أن “النقص الحاد في القدرة الاستيعابية للأحياء الجامعية يفاقم أوضاع الطلبة ويساهم في الرفع من مؤشرات الهدر الجامعي، خاصة وأن أغلبية الأسر لديها عدة أبناء ما يزيد من الأعباء المالية، لاسيما مع تداعيات غلاء الأسعار وارتفاع كلفة الكراء التي تثقل كاهل الآباء”.
وطالبت النائبة الوزير بالكشف عن الإجراءات العاجلة التي تعتزم الحكومة اتخاذها للرفع من طاقة الاستيعاب، وتحسين ظروف الإقامة داخل الأحياء الجامعية، وبحث إمكانية إصلاح منظومة المنح بما يضمن العدالة الاجتماعية ويخفف عبء الكراء عن الطلبة وأسرهم، خاصة مع الموسم الجامعي 20252026.
المصدر: العمق المغربي