أحزاب المعارضة تنتقد “السلعنة ومنطق الوزيعة” في التعديل الحكومي بالمغرب
انتقدت أحزاب معارضة التعديل الحكومي الأخير، خصوصا التغييرات في وزراء القطاعات الحيوية في المغرب، معتبرة أن البروفيلات الجديدة، التي تتمتع بخبرة في المال والأعمال، تتناقض مع شعار “الدولة الاجتماعية”.
وترى المعارضة أن هذه الأسماء الجديدة تؤكد استمرار “سلعنة” قطاعيْ التعليم والصحة، عوض تغيير الاستراتيجيات والبحث عن أسماء متمرسة من داخل المجال تتمتع بالمعرفة والرؤية الفكرية والتجربة السياسية اللازمة لـ “ابتكار حلول للأزمات”.
“السنبلة” وتناقض شعار الدولة الاجتماعية
محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية (السنبلة) قال إن “التعديل الذي كنا نأمله هو أن تكشف الأحزاب الممثلة في الحكومة أنها فعلا حكومة اجتماعية تستحق شعار الدولة الاجتماعية، لكن بعدما عجزت في نسختها الأولى عن استحقاق هذا الشعار، فإن تركيبتها في النسخة الثانية تحمل كل المؤشرات على أنها ستظل رهينة شروط ميلادها”.
ووفقا لتصريح أوزين المنشور عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لحزب “السنبلة”، فإن “الحكومة الحالية تصنع الاحتقان وتعالج الأزمات بمقاومة الظرفيات بالعناد والمرهمات وافتعال الاصطدام مع باقي المؤسسات والهيئات والفئات، حكومة يغلب عليها منطق الإطفائي بدل الخيار الاستباقي، دون حلول مستدامة للحماية والتنمية الاجتماعية”.
وتابع: “بما أن الأشخاص زائلون والمؤسسات باقية، فمن الصعب فهم رسائل الحكومة في مجال تدبير القطاعات الاجتماعية الاستراتيجية مثل التربية الوطنية والصحة”.
وأضاف أن “التعديل كما تراه الحركة الشعبية هو تعديل يعيد للحكومة عمقها السياسي المفقود منذ ولادتها، في حين إن التركيبة الجديدة، مع بعض الاستثناءات المحدودة جدا، ما زالت مستسلمة لخيار البحث عن حلول تقنوقراطية لقضايا ذات حساسية سياسية واجتماعية معقدة، خاصة ونحن مقبلون على آخر قانون مالي في العمر السياسي للحكومة، الذي جاء أيضا دون أجوبة عن إشكاليات عميقة، مثل الإجهاد المائي ورد الفعل الحكومي تجاه الفرار الجماعي للشباب”.
“الشمعة”: تعديل بمنطق “الوزيعة”
من جهته، يرى جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد (الشمعة)، أن “التعديل الحكومي الأخير ليس استثنائيا، إذ شمل فقط الأوجه دون تغيير هيكلة الوزارات وسياساتها كما ينتظر جل المغاربة”.
وقال العسري ضمن تصريح لهسبريس إن هذه الأسماء الجديدة جاءت “لإرضاء الخواطر الحزبية بمنطق الوْزيعة، عوض القيام بتقييم للعمل الحكومي الذي فشل بشكل واضح في حل مشاكل المغاربة، والبحث عن بروفيلات ذات خبرة في القطاعات الحيوية، مثل التعليم والصحة، لها التجربة والمعرفة بمجالها”.
وأوضح الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد أنه “بالنسبة لبروفيلات الوزراء، فهذه الحكومة التي ترفع شعار الدولة الاجتماعية تعنى بقطاعات هامة مثل التشغيل، السكن، الصحة، والتعليم، كان من المفترض تغيير الوزير شكيب بنموسى على الأقل بوزير لديه اطلاع وإنتاج فكري في مجال التعليم”.
وقال العسري متسائلا: “قدوم رجال أعمال مقربين من رئيس الحكومة لتسلم وزارتي التعليم والصحة، هل هو إشارة إلى استمرار منطق الخوصصة والتسليع؟”، مضيفا أن “شعار الدولة الاجتماعية اليوم في واد، والواقع في واد آخر”.
وأردف: “بالنسبة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، نقر بأن البروفيل الجديد ابن القطاع ويعرف مجاله، والكل يتمنى أن ينهي أزمة طلبة الطب، التي أظهر التعديل الحكومي أن الوزير السابق كان في خلاف شخصي مع الطلبة”. كما أشار إلى أن “نظرة الاشتراكي الموحد للحكومة لم تتغير بعد التعديل؛ فالتوقعات التي وضعها في الثامن من شتنبر 2021 تحققت للأسف”.
“الكتاب”: كنا ننتظر تغييرا في التوجهات وليس الأسماء
أما حزب التقدم والاشتراكية (الكتاب)، فقد ذكّر، عبر أمينه العام نبيل بنعبد الله، بما صدر عنه قبل التعديل الحكومي بشهور، إذ كان من “المنتظر، بالنظر إلى النتائج الملموسة لتدبير الحكومة للشأن العام، الذي كان متواضعا وسلبيا بغض النظر عن بعض الإيجابيات، أن يكون هناك تغيير في التوجهات، وليس فقط تعديلا على مستوى الأشخاص”.
وأضاف بنعبد الله، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك حاجة إلى نظرة “إصلاحية عميقة تنطلق من المجال الديمقراطي والسياسي والحقوقي لإعطاء نفس جديد لبلادنا والمصالحة مع الشأن السياسي، خاصة وأننا نرى كيف أن المشاركة في الانتخابات الجزئية الأخيرة كانت ضعيفة بشكل مخيف، وفي 2026 نتمنى أن تستفيق الحكومة لهذا الموضوع”.
وتابع قائلا: “نتمنى أيضا من الحكومة أن تستمع إلى نبض المقاولة المغربية، وأن تسعى للارتقاء الاقتصادي، خاصة في مواجهة تراجع الاستثمارات الأجنبية والوطنية، وتتمتع بالجرأة لبلورة توجهات النموذج التنموي الجديد، خصوصا في محاربة اقتصاد الريع وكل ما يرتبط بالتنافس غير الشريف، وتعزيز الشفافية، ومحاربة الرشوة، وتضارب المصالح، ووضع سياسة تصنيع حقيقية لمحاربة أزمة البطالة، إذ إن هذا الملف يمثل أحد أكبر إخفاقات الحكومة، حسب العديد من التقارير”.
وأشار بنعبد الله إلى أن “حزب التقدم والاشتراكية يريد من الحكومة أن تكون على الموعد، ليس فقط بشعار الدولة الاجتماعية الذي تعكسه هذه الاختلالات، بل في السعي الحقيقي لمحاربة الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية لمختلف الفئات، وتعميم فعلي للتغطية الاجتماعية”، متسائلا عن “مصير من لم يشملهم هذا الورش، ومستقبل إصلاح الدعم الاجتماعي المباشر”.
وختم بنعبد الله قائلا: “نتمنى النجاح للوزيرات والوزراء الجدد، وأن يضفي هذا التغيير بعض النجاعة، وأن يسهم في حل الأزمات العاجلة، مثل أزمة طلبة الطب”. كما أكد أن “حزبه، القلق بشأن توفر الحكومة على إرادة الإصلاح والتواصل الفعال، سيدعم أي خطوة إيجابية نحو الإصلاح كمعارضة وطنية ديمقراطية تقدمية مسؤولة، وسيعترض على ما يعاكس هذا التوجه”.
المصدر: هسبريس