أبو العلا يفكك السرديات والدراماتورجيا في علاقتها بالسرد الممسرح
بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، استضاف المركز الثقافي “أبو القاسم الزياني ” بخنيفرة، مساء الأربعاء، الدكتور محمد أبوالعلا لتقديم محاضرته العلمية الموسومة بـ”المسرح الملعوب والسرد الممسرح وإشكالية التلقي”، في البداية قدم مدير المركز الثقافي بخنيفرة الأستاذ مصطفى فروقي كلمة المسرحي النرويجي يون فوسيه الحائز على جائزة نوبل، والذي وقع عليه اختيار الهيئة العالمية للمسرح هذه السنة.
بعد ذلك رحب مصطفى فاروقي بالضيف د.محمد أبوالعلا، متوقفا عند سيرته الإبداعية والنقدية، شاكرا الحضور على تلبية الدعوة، ليستهل الناقد محمد أبوالعلا موضوع محاضرته النقدية بشكر المركز الثقافي في شخص مديره مصطفى فروقي على الدعوة، منوها بالدينامية التي شهدها المركز بعد تسلمه مهام إدارته، كما رحب بمن شرفه بالحضور من نخب المدينة.
بعدها، استهل الناقد محاضرته بكون أب الفنون لم يكتف بتجاوز حدوده الجغرافيته اليونانية، بل مارس أبيسيته على باقي الأجناس ومنها الجنس الأدبي المتاخم له وهو السرد الروائي، هذا الأخير الذي بدا مهيأ لهذا التلاقح لرحابته وبوليفونيته، مما أفضى إلى تشكل نص جديد سماه المحاضر بالنص الثالث، مبينا بأن هذه النصوصية البينية وضعت النظرية الأرسطية في مأزق، مثلما وضعت النقد في آخر، وذلك لأن لا الدراماتورجيا ولا السرديات قادرة اليوم على التعاطي مع هذا النص في غياب الانفتاح على بعضهما البعض، وفي غياب ما استشهد به من أقوال، منها ما أشار إليه الناقد د.محمد بوعزة من ضرورة خلق فضاء ثالث للتفاوض بين السرديات والدراماتورجيا لتجاوز انغلاقهما داخل حدودهما الابستيمولوجية.
ولم يفت الناقد محمد أبوالعلا الإشارة إلى ذكاء الطيب الصديقي في اقتفاء النصوص التراثية الموسومة بهذه البينية منها المدونة السردية للجاحظ التي أسعفت الصديقي في اللعب على الاستطراد والسجع إلى جوار ما يكتنزه متن “البخلاء” و”المقامات “من لعب راشح وهو ما يعني وعي الصديقي من داخل “البساط” بهذا التنافذ بين المحكي والفرجوي مبكرا.
في هذا الصدد أشار المحاضر إلى كون النقد الغربي استشعر التقارب الحثيث بين المسرح والسرد من خلال منجز نقدي فردي، أو من خلال مؤتمرات عالمية لتدبير هذا التقارب، ومنها ما تم تطارحه في جامعة ارسطو، بمدينة تيسالونيك اليونانية والذي تم تفريغ مداخلاته القيمة في كتاب وازن تحت عنوان: roman et théâtre .rencontre integenerique
ومن بين أهم ما أشار إليه أبوالعلا في إطار إشكالية تلقي هذا النوع من النصوص، أن الأعمال العالمية الخالدة لتولستوي وجويس وبريخت وصامويل بكيت برهانها على سمات التحويل بدل سمات التكرار والانضباط للشعرية الكلايسكية، فرضت على النقد تجديد أدواته، مشيرا إلى أن رولان بارت وبلانشو وكيليطو تحرروا مبكرا من هذا النقد الصارم بإرساء نص واصف مراوح بين النص الأدبي المنقود ونص الناقد.
وفي ختام اللقاء فتحت أقواس المناقشة، أثراها الحضور النوعي بأسئلة من قبيل هل يوجد عندنا في المغرب نقد مسرحي وكذا سؤال المسرح والتربية والمسرح كبناية غائبة عن خنيفرة، والسرد في علاقته ليس فقط بالأجناس الأدبية بل بالحياة برمتها، وغيرها من الأسئلة التي بينت تفاعل المتدخلين تباعا مع مداخلة المحاضر، الذي عقب على هذه الاستفهامات بكون النقد المسرحي المغربي نقد علمي وازن، حيث كل اسم من أسمائه الأكاديمية يستقل بأسئلته وأطروحاته الجلية مثلما ما يتقاسم مع الأسماء الأخرى المشترك، شريطة تحرر هذا النقد من السجال.
وأشاد بالنقلة النوعية وببصمة الراحل د.حسن المنيعي في إخراج هذا النقد من مربع الانطباعية إلى مربع العلمية. وبخصوص سؤال البناية قال بأن هذا رهين بوعي الجهات المسؤولة بهذا الفن النبيل،من خلال التعجيل بتوفير ما يليق به، وما يليق بمدينة متعطشة لعروضه.
وقبل أن يختم مسير اللقاء مدير المركز الثقافي مصطفى الفاروقي هذا اللقاء، طمأن الحضور بقرب بناء مسرح المدينة جوار المركز الثقافي، في انتظار استكمال بعض الأمور الإدارية ليختم اللقاء بتسليم المحاضر محمد أبوالعلا تذكارا تقديرا لما قدمه ويقدمه لأب الفنون، ليتوج اللقاء بصورة جماعية موثقة للحدث.
المصدر: العمق المغربي