اخبار المغرب

آليات المقاربة الاستباقية في مكافحة الأنشطة الإرهابية بالمغرب

شكلت التجربة المغربية في مواجهة التطرف والإرهاب تجربة رائدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، بفضل استراتيجية تجمع بين الردع الأمني، والجوانب الدينية، والتنموية، والمصالحة السياسية. وبالتالي ، فقد نجح المغرب أمنيا في الحد من خطورة التهديدات الإرهابية، أو على الأقل التقليص من انتقالها إلى مستوى تنفيذ مخططاتها من خلال تبنى المكتب المركزي للأبحاث القضائية منذ إنشائه مقاربة استباقية في مواجهة الأنشطة الإرهابية و ملاحقة وتتبع الخلايا الإرهابية داخل المملكة.حيث تكلف المكتب المركزي للأبحاث القضائية بهذه المهمة من خلال اعتماد عدة آليات من بينها :

التنسيق مع مختلف المصالح والأجهزة الأمنية

منذ تولي الملك محمد السادس الحكم ارتكزت الاستراتيجية الأمنية بالمغرب على ضرورة التنسيق بين المصالح الأمنية خاصة ما يتعلق بالجانب الاستخباراتي . ولهذا الغرض تم التركيز على تعيين شخصية أمنية على رأس المديرية العامة للأمن الوطني وفي نفس الوقت على رأس المديرية العامة لإدارة التراب الوطني . وقد ظهر ذلك جليا في إسناد هاتين المهمتين للجنرال حميدو لعنيكري حيث تم تعيين الجنرال حميدو لعنيكري مديرا عاما للمديرية العامة للأمن الوطني في المغرب بعد أن كان يشغل منصب مديرا عاما للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وعلى نفس الغرار تم تعيين عبد اللطيف الحموشي على رأس نفس الإدارتين. وقد ظهر هذا الحرص في هذا التعيين المزدوج من خلال ما تضمنه البلاغ الملكي الذي أعقب تعيين السيد عبد اللطيف الحموشي مديرا عاما للأمن الوطني مع احتفاظه بمنصبه كمدير عام لإدارة التراب الوطني من ” أن هذا التعيين يندرج في إطار العناية المولوية التي يوليها جلالة الملك لأسرة الأمن الوطني وحرص جلالته على ضمان سلامة وأمن المواطنين . وبالنظر للحنكة والتجربة التي أبان عنها السيد الحموشي يضيف البلاغ فإن هذا التعيين المولوي السامي في هذه المرحلة يهدف لإعطاء دينامية جديدة للإدارة العامة للأمن وتطوير وعصرنة أساليب عملها لما فيه الوطني . كما أن إشراف السيد الحموشي على المديرتين العامتين للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني لفترة معينة يتوخى ضمان التنسيق التام بينهما والرفع من نجاعة عملهما ”

ولعل مضمون هذا الخطاب الملكي يعكس تصورا أمنيا يختلف عن التصور الأمني الذي كان سائدا في عهد الملك الحسن الثاني الذي كان يهتم بالإضافة إلى التنافس بين الأجهزة الاستخباراتية ، على عدم الجمع بين رئاسة إدارة الأمن والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. بينما ترسخت لدى السلطات الأمنية ، خصوصا بعد التفجيرات الإرهابية بالدارالبيضاء ، ضرورة أن يتم التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية المدنية و التحكم في المعلومة السياسية من خلال جمع شخصية أمنية بين المنصبين على الصعيدين العمودي والأفقي . وووفق هذا التصور يشتغل المكتب في تتبع وملاحقة الخلايا الإرهابية . وبهذا الخصوص أوضح السيد الشرقاوي حبوب، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في حديث حصري خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، في استعراض لحصيلة مكافحة المكتب للأنشطة الإرهابية “أن هذه النتائج تعد ثمرة تعاون وثيق وفعال بين مختلف الأجهزة الأمنية الوطنية، مبرزا في هذا الصدد، أن السياسة الأمنية للمغرب تتميز بفعاليتها وبالانسجام بين المؤسسات المعنية. وسجل أن هذه السياسة أثمرت نتائج وإنجازات ملموسة تمثلت في تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية .وأكد المدير العام للمكتب الشرقاوي حبوب أن هناك تعاونا “تاما وغير مشروط” بين المؤسسات الأمنية، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بتعاون أفقي وعمودي ” . كما شرح في هذا السياق في حوار مع بيان اليوم بتاريخ 16 ماي 2023 كيفية عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يتلخص في الاعتماد على المعلومات التي توفرها له المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث أن خصوصية المكتب تتمثل بالأساس في المزاوجة بين العمل الاستخباراتي والعمل القضائي. بالإضافة أن إشراف المدير العام للأمن الوطني على سهل عملية التنسيق، فهناك نوع من التنسيق بين جميع المصالح الأمنية بشكل أفقي وعمودي، وتكون هناك لقاءات دورية أسبوعية وسنوية أو آنية إذا اقتضى الحال للنظر في القضايا التي تمس أمن المواطن. وبالتالي فبفضل المعلومات الدقيقة وبفضل المجهودات الدءوبة والاستمرارية والمواكبة المستدامة والمستميتة التي يبذلها جميع موظفي المصالح المركزية التابعة لمديرية مراقبة التراب الوطني والتي تزود المكتب بتلك المعلومات، حيث يتم التنسيق في هذا الباب واستغلال المعلومة بشكل جيد ودقيق، وعندما يظهر أن المعلومات التي توفرها المصالح المركزية سواء على مستوى الجريمة المنظمة أو الجريمة الإرهابية، ويظهر أن هناك عناصر مادية متوفرة في الجريمة (مثلا شخص يقتني مواد مشبوهة عبارة عن سوائل أو سماد الفلاحة الذي يستعمل في صناعة المتفجرات، أو يدخل مكانا لاستعمال الإنترنيت لأغراض إرهابية) تتحرك عناصر المكتب للقي

مراقبة الشبكة العنكبوتية

تتكلف مصلحة «الاتصالات الراديو إلكتريكية» داخل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ،التي تتوفر على أجهزة تنصت جد متطورة ، بمتابعة آلاف المكالمات الهاتفية كل يوم، وتترصد جميع رسائل الفاكس التي تود معرفة تفاصيلها. كما تخترق علب البريد الإلكتروني على الشبكة العنكبوتبة لمن تشاء.. كما يمكنها طلب مساعدة شركات الاتصالات بخصوص مكالمات أو اتصالات هاتفية تم إجراؤها في فترة سابقة لم يكن صاحبها قد وضع فيها تحت المراقبة. أما اللائحة الاعتيادية لشرطة «الراديو إلكتريك» فتتنوع من الوزارات إلى السفارات مرورا بالأحزاب السياسية، ومكاتب المنظمات الدولية، والشركات متعددة الجنسيات.. وبطبيعة الحال الصحافيين وأبرز المعارضين السياسيين..

وإلى جانب هذه اللائحة هناك نظام خاص يجعل آلة التسجيل تنطلق «أوتوماتيكيا» كلما وردت في مجال اشتغالها كلمة يرغب «جواسيس» المملكة في معرفة من ينطق بها أو يضمنها في مراسلاته عبر الفاكس أو الإيمايل.يمضون يومهم في الاستماع إلى مئات المكالمات المشتبه فيها وقراءة عشرات الرسائل المشكوك في أمرها، إذ غالبا ما يلجأ أصحابها إلى اعتماد لغة مشفرة.. قبل أن يضعوا أهمها فوق مكتب المدير العام . وبمختلف ربوع المملكة تنتصب آذان وعيون أعوان السلطة ومساعديهم، إلى جانب رجال الاستعلامات العامة ومخبريهم، لترصد كل تحركات المواطنين، سواء كانوا منتظمين في أحزاب أو جمعيات أو نقابات أو بعيدين عن عالم السياسة . لكن أمام تزايد الأنشطة الإرهابية بالمملكة ، لجأت الأجهزة الأمنية إلى الضربات الاستباقية لتفكيك بعض الخلايا المتهمة بالانتماء إلى هذه التيارات الجهادية ، معتمدة في ذلك على مراقبة المواقع الإلكترونية بعدما اكتشفت بأن بعض مكونات هذه الحركات تلجأ إلى هذه الوسيلة للتواصل والتنسيق فيما بينها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .وقد تبين لها ذلك بالخصوص في المحاولة التي كان أحد انفجاريي حي الفرح في مارس 2005 يريد القيام بها للاتصال ببعض شركائه عبر الأنترنيت قبل أن يددخل في مشادة مع صاحب المحل ويقوم بتفجير عبوته الناسفة مما ساهم في تحرك الأجهزة الأمنية لملاحقة باقي أعضاء الخلية وقد دفع هذا المعطى إلى تشديد الأجهزة الأمنية مراقبتها للمواقع الإلكترونية المشتبه فيها ، حيث تم تفكيك مجموعة من خلايا ما سمي بالسلفية الجهادية وبعض الناشطين فيها . وفي هذا السياق تم القبض على رضى بنعثمان لاتهامه بمساندة ومساعدة التنظيمات الجهادية في كل من العراق وأفغانستان . (فحين حل رجال المخابرات ضيوفا على بيت رضى بنعثمان توجهوا مباشرة إلى غرفته حيث يوجد حاسوبه الشخصي, وكان حجز الكمبيوتر بمثابة الدليل المادي الذي ارتكزت عليه سلطة الاتهام لإدانة الشاب الذي كان يتابع دراساته العليا في القانون الدولي ويشتغل بمكتب تنمية التعاون. فقبل وقوع أحداث 11شتنبر وجد رضى نفسه قريبا من الفكر السلفي , وبعد ذلك أصبح متتبعا لأخبار الجهاديين الذين يقاتلون القوات الأمريكية بالعراق وأفغانستان ومتعاطفا مع أطروحاتهم. بدأ يتفاعل مع الموضوع عبر كتابات ينشرها على مواقع بالأنترنيت , من بينها حديثه عن أوضاع معتقلي «السلفية الجهادية» بالسجون المغربية, فكان مصيره الاعتقال ثم السجن بعد أن ترصدته عيون المخابرات الإلكترونية التي تترصد كل ما يجري بعالم الشبكة العنكبوتية.) كما تم القبض أيضا على أحد أهم مدبري عملية تفجيرات الدارالبيضاء ل 16ماي 2003 ، حيث (لم يستطع ضباط الأجهزة الأمنية ولا مخبروهم كشف مكان اختباء سعد الحسيني، الذي اتهمه المدير العام السابق للجهاز الأمني السيد حميدو العنيكري بالوقوف وراء أحداث 16 ماي قبل أن يتبين لقاضي التحقيق براءته منها، وظل أحد أبرز المطلوبين الملقب بالكيميائي يتجول بشوارع الدار البيضاء بعيدا عن قبضة متعقبيه الذين اعتقدوا أنه غادر حدود المملكة، قبل أن يدخل «عفريت» الإنترنيت على الخط، ويتمكن مهندسو «الديستي» من كشف هوية الحسيني على الشبكة وتحديد مكان ارتباطه بها، حيث سيتم إلقاء القبض عليه بأحد نوادي الإنترنيت بالعاصمة الاقتصادية، ليتبين أن التخفي في العالم الافتراضي لم يعد ممكنا أمام التطورالتكنولوجي الذي وصلت إليه أجهزة المخابرات. )

وبالإضافة إلى ذلك ، فقد سهلت مراقبة الأجهزة الأمنية للمجال الإلكتروني تفكيك مجموعة من الخلايا السلفية ، حيث أعلنت السلطات الأمنية المغربية أنها فككت خلال بضع سنوات حوالي 60 خلية إرهابية ، من بينها خلايا كانت تنشط مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأخرى لديها علاقة بتفجيرات مدريد في مارس 2004، وأكثر من خلية كانت تخطط لترحيل مقاتلين إلى العراق للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة .وهكذا تم في نهاية سنة 2010 ، تفكيك خلايا في كل من الدارالبيضاء ، ووجدة ، والناضور ، ومراكش ، وفاس ، قدم أعضاؤها للمحاكمة بتهمة صنع المتفجرات، والتخطيط لتنفيذ هجمات تستهدف مصالح أجنبية داخل المغرب . وبهذا الصدد ، صدر بلاغ عن وزارة الداخلية تضمن ما يلي :

(ترصدت المصالح الأمنية المغربية خطوات المعتقلين، الذين يحتمل أن يكونوا ضمن خلية إرهابية واحدة، عبر الشبكة العنكبوتية التي شكلت ساحة الارتباط بين المعتقلين الستة، حيث تم ضبط تقني متخصص في المعلوميات يقطن بمدينة الناظور، قريبا من الحدود مع مليلية المحتلة، راكم تجربة كبيرة في كيفية صنع المتفجرات من خلال ولوج المواقع الإرهابية والتواصل مع متطرفين عبرها، مما كان سببا وراء اعتناقه للفكر المتطرف، كانوا يخططون لتوظيف هذه الخبرة في القيام بأعمال تخريبية تستهدف مختلف بؤر التوتر العالمية وداخل المملكة خاصة بواسطة سيارات مفخخة”.)

وبالتالي ، فقد أصبحت مراقبة تحركات بعض الخلايا المتطرفة عبر آلية شبكات التواصل الاجتماعي من ضمن الاستراتيجية الامنية الاستباقية لتفكيك العديد من الخلايا واعتقال نشطائها في عدة مدن بالمملكة خاصة أولئك الذين يعتنقون بعض افكار السلفية الجهادية بما فيهم أتباع ومبايعي دولة الخلافة ببلاد الشام سواء في أوج ظهورها أو بعدما تم القضاء عليها عسكريا وانتقالها إلى منطقة الساحل.

التنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية الدولية

إن اعتبار ظاهرة التطرف الإرهابي بكل تلويناته ذا طبيعة “زئبقية” تخترق الحدود الوطنية دفع السلطات المغربية إلى الانخراط في الاستراتيجية الدولية لمحاربة الإرهاب التي رسمتها الولايات المتحدة منذ انفجارات مانهاتن في شتنبر 2001. كما أن موقع المغرب الاستراتيجي الذي جعله قريبا من كل بؤر الإرهاب الدولي سواء بأوروبا أو من منطقتي الشرق الأوسط ودول الساحل اللتان تعرفان نشاط مجموعة من التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى قربه الجغرافي من ليبيا التي أصبحت تعرف تزايدا لنشاط تنظيم داعش زاد من تقوية علاقاته التنسيقية مع الأجهزة الاستخباراتية لمختلف الدول. سواء بأوربا أو أمريكا أو افريقيا أو بآسيا. وبهذا الصدد أكد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية الشرقاوي حبوب أن المغرب أصبح شريكا لا محيد عنه على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب الدولي بفضل مقاربته الشمولية والاستباقية، وفرضته كشريك استراتيجي حقيقي في مجال مكافحة الإرهاب. فالمملكة قد “عززت هذه المكانة بفضل سياستها الأمنية والجهود التي تقوم بها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وباقي الأجهزة الأمنية، مؤكدا أن المغرب لا يتوانى في تزويد شركائه بالمعطيات والمعلومات القيمة التي من شأنها إحباط المشاريع الإرهابية.وفي هذا السياق، ذكر بأن “المملكة المغربية منخرطة دائما وبشكل مستمر منذ أحداث شتنبر 2001 في التعاون الدولي إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الخطر الإرهابي”. وأشار في هذا الإطار، إلى التعاون الأمني والتنسيق الاستخباراتي بين المغرب والولايات المتحدة “التي تربطنا معها شراكات جد متميزة وعريقة وتاريخية”، حيث تم بفضل التنسيق بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وجهاز الاستخبارات الأمريكية تفكيك خلية إرهابية بمدينة وجدة خلال شهر مارس 2021 . كما أن المديرية وفي إطار استراتيجيتها وعملها الدؤوب زودت مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، بمعلومات قيمة في شهر يناير 2021 بخصوص الجندي الأمريكي كول بريدجز الذي تم اعتقاله قبل تنفيذ عمليته الإرهابية. وعلاوة على ذلك، فإن هناك تعاونا مع السلطات الأمنية بكل من فرنسا واسبانيا مكن من تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية.فقد ساعدت الأجهزة الأمنية المغربية المحققين الفرنسيين في الوصول إلى عبد الحميد أباعوض، العقل المدبر للأحداث التي وقعت في فرنسا سنة 2015 ، مما مكن “من تجنيب فرنسا حمام دم كان سيقع لولا التعاون الأمني المغربي”. كما تم بين سنوات 2014 و 2020 تحقيق تعاون أمني مغربياسباني من خلال تبادل المعطيات والخبرات والمعلومات، مكن من إرساء “شراكة جد مثمرة” في هذا المجال أثمرت عن تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية..”

وقد شدد السيد الشرقاوي، في هذه الندوة الصحفية، على أن المملكة تحذوها رغبة كبيرة في الرفع من مستوى التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب مع كافة الشركاء. كما أنها منخرطة بشكل كامل في هذا الاتجاه .غير أنه سجل غياب أي تنسيق أمني واستخباراتي مع الأجهزة الأمنية الجزائرية مما يؤثر على المقاربة الاستباقية التي ينهجها المكتب في ملاحقة الخلايا الإرهابية التي تنشطك بالمنطقة . إذ صرح بهذا الصدد بما يلي :

“لئن كان تعاون المملكة مع كافة الشركاء على المستوى العربي والإفريقي والأوروبي والأمريكي قد جعل منها شريكا استراتيجيا في مجال مكافحة الإرهاب ، فإن الجزائر ، على العكس من ذلك، لا تبدي أي تعاون في هذا المجال.ففي مجال مكافحة خطر الإرهاب الذي يقتضي تعاونا دوليا وثيقا، سجل مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية ، عدم تعاون الجزائر، البلد الجار، بصفة قطعية “مما يؤثر بشكل سلبي على المجهودات المبذولة من طرف المغرب من جهة، والمنتظم الدولي من جهة أخرى في مجال مكافحة آفة الإرهاب”.كما أن من شأن عدم تعاون هذا البلدأن يضعف الجهود التي يتم القيام بها لصد خطر الأعمال والأنشطة الإرهابية على المستوى الإقليمي والدولي.”

وقد سبق للمدير العام السابق عبد الحق الخيام أن أشار إلى هذه النقطة في جواب عن سؤال بشأن تقييمه للتعاون الأمني بين المغرب ودول الجوار، خاصة مع وجود خطر قادم من الساحل ومن دول مغاربية اخترقها تنظيم داعش؟حيث أكد بأنه إذا كان “هناك تعاون استخباراتي بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية والإفريقية، خاصة دول إفريقيا جنوب الصحراء، ولكن للأسف الشديد جيراننا في الجزائر لا يتعاونون في مجال تبادل المعلومات بذريعة وجود مشكل الصحراء. أكثر من ذلك بينت أبحاثنا أن مجموعة من الانفصاليين ينتمون إلى خلايا إرهابية.أظن أن المغرب كبلد ملتزم بمحاربة الإرهاب لا يدخر أي جهد في تبادل المعلومات الأمنية مع كل الدول، وكمسؤول أمني أقول إن من واجبي الدفاع عن المواطن المغربي والجزائري والتونسي والموريتاني، ولكن بدون تعاون مع الإدارة الجزائرية سيشكل ذلك مشكلا في المستقبل، مع وجود خطر إرهابي يهدد المنطقة.”

وقد حظي الدور الأمني والاسخباراتي الذي يقوم به المكتب من خلال المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بإشادة دولية تمثلت من خلال توشيح المدير العام للأمن الوطني والمدير العام لهذه المديرية الاستخباراتية السيد عبد اللطيف الحموشي بتوشيح عدة دول كفرنسا واسبانيا بالإضافة إلى دول أخرى عربية وافريقية وأوروبية وآسيوية أشادت بالدور الكبير الذي تلعبه المديرية في مكافحة الإرهاب الدولي. وبهذا الصدد ، صنف تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة برسم سنة 2014، المخابرات المغربية كأقوى جهاز أمني في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بالنظر إلى حجم العمليات التي باشرتها بخصوص قضايا الإرهاب والجرائم المهددة للأمن العام، وأيضا لما تخصصه من أطر كفؤة، وميزانية ضخمة للقيام بمهامها في ظروف ملائمة.وأفاد التقرير بأن الاستخبارات المغربية تمتاز ببرنامج قوي فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى أنها ترتكز على مبدأ التعاون مع الأجهزة المخابراتية الدولية؛ كالأمريكية والصينية والروسية والبلجيكية، وبشكل أكثر مع دول الخليج العربي، بهدف تعزيز مكانتها على الصعيد العالمي، مما مكنها من ضمان الإستقرار والسلم في الوقت الذي شهدت فيه دول عربية ومغاربية أعمالا عدائية نفذتها عناصر متطرفة. وعزا المصدر ذلك إلى المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، من خلال تعامله مع الجرائم الخطيرة، من سرقة، وسطو، واتجار بالمخدرات والأسلحة، فضلا عن توفره على أطر بشرية مؤهلة تستفيد من دورات تكوينية في جميع الميادين، سواء منها التقنية أو القانونية وأضاف المجلس في تقريره بأن المكتب المركزي للأبحاث القضائية يكرّس الخبرة المغربية في التصدي لمختلف ظواهر الإجرام، كما أن طاقمه يعمل في ظل بيئة أمنية توفر جميع متطلبات الجيل الجديد، والوسائل الضرورية للقيام بمهمتها في أحسن وجه، وهو ما أفضى إلى نتائج جنبت الدولة أعمالا إرهابية خطيرة من خلال عدد الخلايا الإرهابية التي جرى تفكيكها في سنة 2014، والتي بلغ عددها 113 عملية يتزعمها 1256 عنصر متطرف كانوا على استعداد تام بتنفيذ 30 عملية عدائية، كما أنها أحبطت 266 عملية، 114 منها مشاريع هجمات على 30 مركزا تجارياً و27 موقع سياحي و16 مقر للبعثات الدبلوماسية و22 مكان للتعبد باستعمال المواد المتفجرة.وفي إطار محاربة الإرهاب دائما تمكنت عناصر الأمن المغربي من تجنب 66 محاولة للسطو على البنوك ومؤسسات عمومية، كشركات توزيع الماء والكهرباء، كما أنها تمكنت من تفكيك خلية إرهابية تتضمن 8 أفراد تنشط بالعديد من مدن المملكة، وتعمل على تجنيد وإرسال المقاتلين إلى مناطق صراع خارج المملكة.

 

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *