جمعيات حماية المستهلك ترفض مبررات رفع الأسعار في المقاهي والمطاعم
يبدو أن اشتكاء الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، في مراسلة إلى مجلس المنافسة، من “جنون” وإنهاك أسعار المواد الأساسية والأولية قدرة المهنيين والمواطنين على السواء لم يقنع حماة المستهلك الذين رأوا فيه “محاولة لتبرير الزيادات الموحدة التي تخرق قانون حرية الأسعار والمنافسة”.
وسجل حماة المستهلك أن غلاء المواد الأولية “ذريعة واهية” يستنجد بها أرباب المقاهي والمطاعم لتسويغ “الحيف” الذي يمارسونه بحق المستهلك بمضاعفة هامش الربح في أسعار المشروبات والمأكولات بشكل جماعي، لافتين انتباه هؤلاء المهنيين إلى أن التحقيق الذي وعد أحمد رحو بإطلاقه في تعقيبه لهسبريس على المراسلة “لن يضع الزيادات في المواد الأولية لوحدها على مجهر مجلس المنافسة، وإنما أيضا الأسعار التي يرفعها المهنيون دون مراعاة لتلاؤمها مع الزيادات المذكورة”.
ذريعة واهية
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، شدد على أن “المراسلة التي وجهها أرباب المقاهي والمطاعم إلى مجلس المنافسة محاولة لتبرير اتفاق تنظيماتهم المهنية منذ ثلاثة أشهر على توحيد الزيادات في ثمن المشروبات على وجه الخصوص، والذي استدعى في حينه تنبيها إلى مخالفته للقانون من طرف المؤسسة الرسمية ذاتها”.
وأضاف مديح، في تصريح لهسبريس، أن “ارتفاع أسعار المواد الأولية أصبح ذريعة واهية يستنجد بها أرباب المقاهي والمطاعم للاتفاق على مضاعفة هامش الربح في المشروبات والمأكولات بشكل لا يتلاءم بالإطلاق مع الزيادة المسجلة في المواد الأولية”، لافتا إلى أن “رفع التسعيرة مسموح به قانونا شريطة أن يكون قرارا خاصا بكل مهني على حدة، بما يبقي على التنافسية في الأسعار ويكفل للمستهلك الحق في الاختيار بين مقهى أو مطعم ما وبين آخر”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الزيادات التي يقرّها أرباب المقاهي والمطاعم في الأشهر الأخيرة لا تبرر البتة بغلاء المواد الأولية؛ إذ حينما يتضاعف ثمن هذه الأخيرة مرّة يتم مضاعفة أسعار المشروبات والمأكولات ثلاث مرات”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “ارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد من حبوب البن من 60 درهما إلى 120 درهما رافقه رفع العديد من أصحاب المقاهي لثمن كوب القهوة من 8 دراهم إلى 25 درهما”.
ولفت مديح إلى أن “مراسلة أرباب المقاهي والمطاع مجلس المنافسة بشأن غلاء المواد الأولية تظل غير مبررة؛ لأن المجلس كان واضحا في هذا الشأن: هذا الغلاء لا يبرر الاتفاق على الزيادة في الأسعار، ويجب أن تظل الزيادة قرارا خاصا يتخذه كل مهني بمفرده ودون مبالغة”، مشيرا إلى أن “التحقيق الذي وعد المجلس بإجرائه لن يقف عند الأثمان التي يضعها موردو المواد الأولية، وإنما سيدقق أيضا في ملاءمة الزيادات في الأسعار مع هذه الأثمان، وما إذا كانت خاضعة لتواطؤ بين المهنيين”.
تسويغ الحيف
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، قال إنه “لا يمكن نفي وجود زيادات في بعض أسعار المواد الأولية؛ لكنها تستغل بشكل مبالغ فيه من قبل أرباب المقاهي والمطاعم لاعتماد أسعار صاروخية للمشروبات والمأكولات، بما فيها تلك التي لم ترتفع أثمان موادها الأولية”.
وأضاف الشافعي، في تصريح لهسبريس، “أن غلاء المواد الأولية عذر غير مقبول يحاول به أصحاب المقاهي والمطاعم تسويغ الزيادات التي تنطوي على حيف في حق المستهلك؛ فقد أثبتت التجربة أنه كلما عرفت أسعار المواد الأولية زيادة بـ10 في المائة مثلا، يلجأ هؤلاء وبشكل موحد إلى رفع أثمان المشروبات والوجبات إلى 30 في المائة، وهو الخرق الواضح لقانون حرية الأسعار والمنافسة”.
واعتبر نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك “أن من يشتكون من غلاء المواد الأولية هم مجرد تجار مناسبات، إذ يلجؤون إلى استغلال الإقبال المكثف على المطاعم على وجه الخصوص خلال فصل الصيف لأجل الرفع من الأسعار؛ لكن بمجرد ما ينتهي هذا الفصل تعود الأسعار إلى طبيعتها حتى مع استقرار أثمان المواد الأولية في المستويات التي كانت تستجلب شكوى هؤلاء”.
ولفت المتحدث عينه إلى “عدم قانونية الزيادة الموحدة في أسعار المشروبات بدرهمين إلى 3 دراهم، التي كانت قد أقرها أرباب المقاهي والمطاعم، فهي تخرق حقوق المستهلك”، مؤكدا أن “لكل صاحب مقهى أو مطعم الحق في أن يحافظ على هامش ربحه أو أن يرفعه، دون أن ينضبط لاتفاقات بين المهنيين، وبذلك تصان حرية المستهلك في الاختيار”.
المصدر: هسبريس